تعد “أكاديمية مهد الرياضية” مشروعاً وطنياً طموحاً يهدف إلى اكتشاف وتطوير المواهب الرياضية في المملكة العربية السعودية، لتصبح حاضنة رائدة على مستوى المنطقة، وترسخ مكانتها كمركز إقليمي لتأهيل الأجيال الرياضية الجديدة.
وجاءت الفكرة كجزء من التحول الاستراتيجي الذي يشهده قطاع الرياضة في المملكة، دعماً لتحقيق أهداف رؤية 2030، وحرصاً على بناء جيل قادر على تمثيل الوطن بقوة وكفاءة في المحافل الدولية.
وقد أعلن عن إطلاق الاكاديمية في يوليو 2020، على لسان وزير الرياضة، الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل، الذي يشغل أيضاً منصب رئيس مجلس إدارة الأكاديمية، والذي أكد أن أن المشروع يهدف إلى “صناعة أبطال ينتزعون الذهب، ويبهرون العالم، ويجعلون وطنهم يفخر بهم”، واضعًا بذلك أسس مسار تنافسي جديد يعكس طموحات المملكة على الساحة العالمية.
فلم تكن “مهد” مجرد فكرة وليدة اللحظة، بل هي رؤية مؤسسية متكاملة، تجسدت بقرار مجلس الوزراء رقم (654) في يونيو 2021 بإنشائها رسميًا، تبعته الموافقة على ترتيباتها التنظيمية في أغسطس 2022، لتصبح بذلك كيانًا وطنيًا مستقل يقع مقره الرئيسي في العاصمة الرياض، ويعمل ضمن إطار مبادرات برنامج “جودة الحياة”، أحد أهم برامج رؤية 2030.
رؤية أكاديمية مهد الرياضية
تستند فلسفة “أكاديمية مهد” على رؤية واضحة، وهي أن تكون أكاديمية وطنية للتميز الرياضي، لا تكتفي باكتشاف الموهبة فحسب، بل تعمل على صقلها وتأهيلها، بهدف صناعة أجيال من الأبطال الرياضين والقادة القادرين على تحقيق إنجازات نوعية على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية.
ولتحقيق ذلك، تقوم الأكاديمية على ثلاث ركائز استراتيجية مترابطة، تبدأ أولاً باكتشاف المواهب الرياضية الواعدة في كل أنحاء المملكة، ثم الانتقال إلى تطوير هذه المواهب داخل الملاعب وخارجها، وصولًا إلى تحقيق الريادة في التميز والابتكار الرياضي، وترسيخ مكانة المملكة كمركز إقليمي لصناعة الأبطال.
وترتكز هذه المنظومة على مجموعة من القيم الأساسية التي تشكل هوية كل من ينتمي إليها؛ فالفضول يدفع للبحث المستمر عن المعرفة، والمسؤولية تحفز على المبادرة والريادة، بينما يضمن الاحترام بيئة متنوعة وشاملة.
أما التميز، فهو الهوية التي تعكس شغف الأكاديمية والتزامها بتحقيق مستويات استثنائية من الاحترافية والجودة، لخلق بيئة مثالية يمارس فيها الأبطال الصغار حياتهم بشكل طبيعي في أفضل الظروف الممكنة.
اقرأ أيضاً: قطاع الرياضة السعودي يجذب ملايين الدولارات خلال 4 سنوات
منظومة متكاملة من المدارس إلى الملاعب:
تبدأ رحلة الأبطال في “مهد” في سن مبكرة جدًا، حيث تستهدف الأكاديمية بشكل مجاني الأطفال من الجنسين في الفئة العمرية من 6 إلى 12 عامًا.
وتتبع مسارًا دقيقًا لتطور اللاعبين يبدأ بمرحلة التأسيس (من 8 إلى 12 عامًا)، ثم ينتقل إلى مرحلة تطوير المواهب على مستويين (12-14 عامًا و 14-18 عامًا)، وصولًا إلى التخرج في سن الثامنة عشرة وما فوق، ليكون اللاعب جاهزًا للانطلاق نحو عالم الاحتراف.
وتعتمد الأكاديمية على منهجية علمية حديثة، حيث يشرف على المواهب خبراء فنيون وإداريون عالميون ومحليون، مع بناء شراكات دولية لصناعة منظومة رياضية متكاملة ومستدامة.
ولعل أبرز ما يميز نهجها هو ربط المدارس بالعملية التطويرية، حيث تعتبر المدارس داعمًا رئيسيًا، وتربط نتائج الطلاب الدراسية بتقييمهم داخل الأكاديمية، لضمان بناء شخصية متوازنة للبطل رياضيًا وأكاديميًا.
كما تضم الأكاديمية مرافق عالمية تشمل قسماً لاكتشاف المواهب، ومركزاً لتطوير الأداء، وآخر للتأهيل الطبي والنفسي، بالإضافة إلى مركز أبحاث ودراسات متطور.
توسع استراتيجي لتعزيز اكتشاف المواهب في المملكة
في خطوة تؤكد عزمها على الوصول إلى كل موهبة على أرض الوطن، أعلنت “أكاديمية مهد” مؤخرًا عن إطلاق 16 فرعًا جديدًا لها في جميع مناطق السعودية الإدارية الثلاث عشرة، وذلك عبر برنامج “تكوين”، بالتعاون مع وزارة التعليم.
وتستهدف هذه الفروع الأطفال الموهوبين من عمر 8 إلى 12 سنة، بهدف تغطية جغرافية كاملة تضمن عدم إغفال أي موهبة واعدة.
وعبر عبد الله حماد، رئيس “أكاديمية مهد” الرياضية، عن هذه الخطوة بقوله: “تدشين الفروع يعكس التزام الأكاديمية بتوفير بيئة رياضية متكاملة، ونهدف إلى الوصول لكل منطقة من مناطق المملكة، والتأكد من أن كل طفل موهوب يحصل على الفرصة التي يستحقها ليصبح بطلاً رياضياً في المستقبل”.
ومع بدء تنفيذ البرامج في هذه المراكز مع انطلاق الموسم الدراسي المقبل، تكون “مهد” قد رسخت أساسًا قويًا لمستقبل الرياضة السعودية، محولةً الحلم إلى واقع ملموس، وجاعلةً من صناعة الأبطال مشروعًا وطنيًا مستدامًا.
اقرأ أيضاً: شركة طوارئيات.. ريادة صحية نحو رعاية متكاملة في السعودية