في مشهد يعكس أهمية الدبلوماسية في صياغة ملامح المشهد السياسي الإقليمي والدولي، شهدت الأيام الأخيرة تحركات نشطة على صعيد العلاقات السعودية – الأميركية، حيث أجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان اتصالاً هاتفياً مع نظيره الأميركي ماركو روبيو، تناول الطرفان خلال الاتصال المستجدات الإقليمية والعلاقات الثنائية بين البلدين، مؤكدين على أهمية الشراكة الاستراتيجية التي تربط الرياض وواشنطن.
ويأتي هذا الاتصال في سياق سلسلة من المشاورات المكثفة التي تجريها القيادة السعودية مع نظيراتها في الدول الكبرى، حيث سبقه اتصال هاتفي آخر بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وروبيو، خلال هذا الاتصال، تمت مناقشة سبل تعزيز التعاون المشترك بين البلدين، إضافة إلى استعراض القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وهو ما يعكس الرغبة المتبادلة في تعزيز أطر التواصل والتنسيق في مختلف الملفات الحيوية.
وفي إطار منفصل، شهدت الرياض حضور شخصية بارزة على الساحة الدولية، حيث شارك الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون في فعاليات “منتدى مستقبل العقار”، الذي سلط الضوء على التحولات الاقتصادية والتنموية التي تشهدها المملكة، وأعرب كلينتون عن انبهاره بالتقدم الذي أحرزته السعودية في السنوات الأخيرة، مشيراً إلى أن المملكة تسير في مسار يجعلها نموذجاً عالمياً في التنمية المستدامة والاستثمار في رأس المال البشري.
وأكد كلينتون أن المملكة تستثمر بذكاء في تطوير قدراتها البشرية واستغلال مواردها الطبيعية بطرق مبتكرة، ما سيؤتي ثماره خلال السنوات القليلة المقبلة، كما أشاد بالاستراتيجية التي تتبعها السعودية في تنمية قطاع السياحة وتعزيز الاستثمارات، مشيراً إلى أن هذه الرؤية الطموحة تسهم في تنويع مصادر الدخل وتعزيز الاقتصاد الوطني.
اقرأ أيضاً: مناطق لوجستية مشتركة بين السعودية و أمريكا اللاتينية
لم يكتفِ الرئيس الأسبق بالإشادة فقط، بل شدد على أهمية الاستثمار في الشباب وتأهيلهم لقيادة المستقبل، موضحاً أن هذه الخطوات تعد أساسية لضمان استمرارية التنمية وتحقيق التقدم المستدام، وأضاف أن النمو الاقتصادي لا ينبغي أن يقتصر على تطوير البنية التحتية فحسب، بل يجب أن يشمل تمكين الكفاءات الوطنية وتعزيز قدرتها على الإبداع والابتكار.
وفي سياق آخر يعكس تزايد الحضور السعودي على الساحة الدولية، شهدت مدينة العلا لقاءً مهماً جمع بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني، وخلال الزيارة الرسمية التي قامت بها ميلوني إلى المملكة، تم توقيع اتفاقية تأسيس مجلس الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، ما يؤكد على تطور العلاقات بين الرياض وروما.
تمحورت المباحثات بين الجانبين حول تعزيز التعاون في مجالات متعددة، بما يحقق المصالح المشتركة لكلا البلدين، كما تناول اللقاء آخر المستجدات على الساحة الدولية، بما في ذلك جهود تحقيق السلام في أوكرانيا، ومساعي تعزيز الهدنة في غزة، إضافة إلى دعم مشاريع إعادة الإعمار في سوريا وتقديم المساعدات للبنان.
اقرأ أيضاً: دول عربية منعت أمريكا استخدام قواعدها ضد إيران
وفي بيان صادر عن مكتب رئيسة الوزراء الإيطالية، أشارت ميلوني إلى أن اللقاء مع ولي العهد السعودي شكَّل فرصة لتعزيز التعاون الثنائي وفتح آفاق جديدة للاستثمار والتنمية المشتركة، وأضافت أن إمكانات الشراكة بين البلدين هائلة، معربة عن أملها في أن تمثل هذه الزيارة نقطة انطلاق لمرحلة جديدة من العلاقات بين الرياض وروما.
تأتي هذه التطورات في وقت تسعى فيه السعودية إلى تعزيز دورها كلاعب رئيسي على الساحة الدولية، سواء من خلال تطوير علاقاتها الثنائية مع القوى الكبرى، أو من خلال المساهمة في حل القضايا الإقليمية والدولية، ومع استمرار هذه الجهود، يبدو أن المملكة ماضية في رسم ملامح مستقبل أكثر إشراقاً، يقوم على أسس التحديث والتنمية والتعاون الدولي الفاعل.
اقرأ أيضاً: كيف استفادت السعودية من خفض أمريكا لأسعار الفائدة؟