إنفاق السياح في تزايد في المملكة، ما يعكس حسن استقطابها السياحي ويبّشر بجعلها بمصافي الدول السياحية، والمملكة سائرة على هذا الطرق. لقد حققت السعودية نمو قياسي في إنفاق الزوار القادمين من الخارج خلال الربع الأول من العام 2025 بلغ تقديره بنسبه 9.7 % بالمقارنة مع الفترة المشابهة من العام 2024.
السعودية بذلت العديد من الجهود لتكون رائدة في المجال السياحي، وهذا الجهود وليدة رؤية المملكة 2030 الهادفة لتنويع الاقتصاد وتحقيق الاستدامة في المملكة، ولاشك أن القطاع السياحي ساهم في رفد الاقتصاد السعودي ورفع مستواه عبر عائدات هذا القطاع، لنتعرف على حجم إنفاق السياح في المملكة بين العامين 2024 و2025، وماذا بذلت المملكة حتى وصل الإنفاق لما هو عليه اليوم.
إجمالي إنفاق سياح المملكة العربية السعودية في الربع الأول من العام الحالي
يقدّر إجمالي إنفاق الزوار القادمين من الخارج في الربع الأول من العام الحالي بنحو 49.4 مليار ريال (13.2 مليار دولار)، ويحسب للملكة بأنها سجلت فائضاً في بند السفر لميزان المدفوعات يقدّر بنحو 26.8 مليار ريال (7.14 مليار دولار) بنسبة نمو 11.7 في المائة، وذلك بالمقارنةً مع الفترة نفسها من العام المنصرم، حسب بيانات بند السفر في ميزان المدفوعات لشهر مايو.
كما كشفت وزارة السياحة عن النمو الكبير في فائض بند السفر ضمن ميزان المدفوعات خلال الربع الأول من العام الحالي، وأنه يأتي نتيجةً للجهود التي تبذلها المنظومة الوطنية والعمل المستمر الموازي لمواكبة التطورات التي من شأنها رفد القطاع السياحي بما يحتاجه، ولتعزيز السياحة وإسهامها في نمو الاقتصاد الوطني وضعت المملكة العديد من الاستراتيجيات التي تتقاطع مع مستهدفات رؤية 2030 وتحققها، وهذا ما أكده التطور الذي يشهده القطاع في المملكة.
اقرأ أيضاً: مبادرة المعايير المهنية الوطنية: خريطة طريق جديدة للسياحة في المملكة العربية السعودية
مجمل إنفاق السياح خلال الأعوام التسعة الماضية وأين تركز؟
بلغ، خلال 9 أعوام منذ انطلاق الرؤية في العام 2016، أكثر من 800 مليار خلال الأعوام (2016-2024) أنفق السياح الأجانب نحو 816 مليار ريال، في ظل نمو قوي ودفق في الإنفاق، لاسيما الفترة بين (2022-2024)، والتي سجل الإنفاق فيها 141 مليار و154 مليار على التوالي.
تجاوز الإنفاق السياحي حاجز 1.2 تريليون ريال خلال 8 أعوام الماضية (2016-2023) بمتوسط إنفاق سنوي نحو 155 مليار ريال، حيث كان النصيب الأكبر من الإنفاق للسياحة الوافدة، الذي مثل 53% مقابل 47% للسياح المحليين، وسط مساع حكومية ركزت على السائح المحلي ثم الخليجي ثم الدولي.
من عام 2017 وحتى الآن لم يخلُ عام من إطلاق مشاريع سياحية أو إطلاق مواسم وإقامة مهرجانات جديدة وإحداث تنظيم جديد في القطاع السياحي سواء ذي طابع خدمي أو ترفيهي، ما انعكس وأسهم في تنامي الإنفاق بصورة جلية. وقد كان الإنفاق على الأغراض الدينية يمثل نحو 60% من إنفاق السياح قبل الرؤية، إلا أن تنوع المشاريع السياحية والترفيهية قلّص هذا التركيز إلى 55% بنهاية عام 2023، بالرغم من تنامي مستهدفات الحجاج والمعتمرين.
وتركز النشاط السياحي في الأعوام المنصرمة بين جبال العلا وآثارها الساحرة، وشواطئ البحر الأحمر الآسرة، والدرعية التاريخية وإرثها الأصيل، واتجه السياح من أصالة الماضي إلى تطور مشاريع المستقبل في نيوم والقدية، حيث قدمت السعودية تجربة سياحية متنوعة مزجت فيها بين الأصالة والابتكار. وما استقطب السياح أكثر هو استضافة كبرى الفعاليات الرياضية والترفيهية العالمية في المملكة ما جعلها قِبلة لمختلف سكان العالم.
اقرأ أيضاً: تحت شعار “لون صيفك”.. هيئة السياحة تطلق برنامج صيف السعودية 2025
إنفاق السياح خلال العام 2024 وما حققه من رفد للاقتصاد الوطني
تجاوز إجمالي الإنفاق السياحي في البلاد للسياحة المحلية والوافدة من الخارج على أساس سنوي في العام 2024 نحو 284 مليار ريال (75.7 مليار دولار)، مسجلاً نسبة نمو 11 في المائة، مقارنةً بعام 2023. وحسب التقرير الإحصائي السنوي الخاص بالقطاع السياحي لعام 2024، والذي تصدره وزارة السياحة، فإن إجمالي عدد السياح المحليين والوافدين من الخارج في عام 2024 وصل إلى نحو 116 مليون سائح، بنسبة نمو بلغت 6 في المائة، مقارنةً بعام 2023.
وحسب التقرير، بيّنت الوزارة أن البلاد حققت أعلى رقم تاريخي في عدد السيّاح الوافدين من الخارج بلغ نحو 30 مليون سائح لعام 2024، بنسبة نمو بلغت 8 في المائة، بمقارنة مع عام 2023.
كما وصل إجمالي إنفاق السياح الوافدين من الخارج إلى 168.5 مليار ريال (45 مليار دولار)، مسجلاً نمو 19 في المائة، مقارنةً بعام 2023. وفي توضيح لها قالت إن عدد السياح المحليين في عام 2024 وصل إلى 86.2 مليون سائح محلي، بنسبة نمو 5 في المائة، مقارنةً بعام 2023، أما إجمالي إنفاق السياح المحليين فقد بلغ 115.3 مليار ريال (30.7 مليار دولار).
هذا النمو بين العام الحالي 2025 والعام السابق 2024 وبهذا الفارق واعد، بقطاع سياحي مبهر بالنصف الثاني من العام الحالي، لاسيما وأن المشاريع التنموية في القطاع السياحي تسير على قدم وساق في المملكة، وسط اهتمام بالبنية التحتية والمرافق العام والتطور العمراني الذي يعتبر جاذب للسياح، إلى جانب تنامي الخدمات المقدمة في العام الحالي وتطورها وسعيها لراحة الوافد المحلي والخارجي.
اقرأ أيضاً: السياحة الباردة في السعودية 2025
أبرز عوامل نهوض قطاع السياحة في المملكة وتناميه
بدءاً من مستهدفات رؤية 2030 للقطاع السياحي مروراً بالبنية التحتية وإعادة تطويرها وتأهيلها لتكون جاهزة لحمل كم هائل من السياح، وتكون قابلة لأن يبنى عليها أفخم المنتجعات والقطاعات الخدمية السياحية المستقطبة للسياح، وصولاً إلى التأشيرات الالكترونية والأنظمة والتشريعات المعززة للقطاع السياحي واستقطاب السياح.
فمنح التأشيرات الإلكترونية للسياح من كل بلدان العالم، سمح لهم باكتشاف البلاد كوجهة سياحية متنوعة جامعة لاحتياجات وهوايات الجميع، هذا ما حقق مؤشرات إيجابية، فكانت هذه التأشيرات خطوة موفقة للملكة ومسهلة للسياح في التقديم وموفرّة للوقت والجهد معاً.
ليس فقط الشق الخدمي والإلكتروني ساهم في السياحة، بل الشق القانوني أيضاً، حيث أن الحكومة قد عدلت عدداً من الأنظمة والتشريعات، ما عزز الجانب السياحي وساهم في تحقيق هذه المنجزات واستقطب وجذب المزيد من السياح القادمين من الخارج و شجعهم على إنفاق أموالهم داخل البلاد. ناهيك عن التنوع السياحي في المملكة، الذي جذب الزوار في الصيف والشتاء، وترافق مع اهتمام المملكة بأنواع السياحة كافة مثل: السياحة الترفيهية والشاطئية والتاريخية، إلى جانب سياحة الأعمال من خلال المعارض والمؤتمرات، وعدت رافداً كبيراً لهذا القطاع.
كما استطاعت الحكومة بفضل رؤية 2030، تنفيذ العديد من المشاريع السياحية والترفيهية والتي جذبت ها العدد الكبير من السياح وحققت مستهدفات الرؤية عند الـ 100 مليون زائر عام 2023، ما جعل الطموح يرتفع للوصول إلى 150 مليون سائح مع نهاية العقد الحالي. وارتفع إنفاق السياح الوافدين إلى المملكة في العام الفائت إلى 153.6 مليار ريال (40.9 مليار دولار)، مقارنةً بعام 2023 عندما سجلت نحو 135 مليار ريال (36 مليار دولار)، أي بنسبة زيادة قدرها 13.8 في المائة.
وبحسب وحدة التحليل المالي في المملكة، تتوقع الهيئة العالمية للسياحة أن يرتفع إسهام القطاع السنوي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 840 مليار ريال بحلول 2034، ما يعادل 16% من مجمل الاقتصاد السعودي.
في الختام، إنفاق السياح في المملكة، ما هو إلا واحد من مكتسبات رؤية المملكة التنموية التي استطاعت من خلالها رفد قطاع السياحة بما يحتجه لجذب هذا العدد من السياح ودفعهم لهذا الحد من الإنفاق، ما يعتبر مؤشر واعد على ازدهار هذا القطاع بصورة أكبر وتحقيقه عوائد أفضل على مدى القادم من الشهور والسنوات القليلة المقبلة بفعل التنامي المتسارع والحركة النشطة التي يشهدها هذا القطاع في ظل الدعم الحكومي والتنموي الواضح من قبل المملكة.