في عالم بات التنوع والاختلاف سمته الأساسية، يبرز أطفال التوحد كعلامات فارقة تقود إلى قصص كل منها تخفي وراءها الكثير من المواهب والإنجازات، ومن أجل إنارة الطريق التي توصلنا إلى هذه المواهب، تتضاعف يوماً بعد يوم الجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية لتوفير بيئة داعمة لهؤلاء الأطفال، والتأسيس لبناء مستقبل مشرق لهم مليء بالأمل والفرص.
حصل 28 أخصائياً سعودياً من منسوبي جمعية المدينة للتوحد “تمكن”على البورد الأمريكي من المجلس الأمريكي للتوحد “فني تحليل سلوك تطبيقي معتمد (CBT-I) “، وذلك خلال عملهم وتدريبهم في مركز الأمير فيصل بن سلمان للتوحد.
وتسعى “تمكن” لتوطين المعرفة ودراسة احتياج التخصصات والتأهيل المستمر والتدريب لضمان توفير الكوادر المؤهلة لخدمة المستفيدين لذوي طيف التوحد وفق أفضل الممارسات، إضافة إلى مساعدة الكوادر الوطنية في مختلف التخصصات ودعمهم ومساندتهم وتوجيههم للحصول على التدريب والتطوير النوعي.
وفي العام الماضي حصلت 17 أخصائية سعودية من منسوبات مركز “تمكن” على ترخيص فني تحليل سلوك تطبيقي مسجل (RBT) من البورد الأمريكي خلال عملهن وتدريبهن في مركز تمكن الشامل للتوحد.
كما سجلت المدينة المنورة اسمها كأول مدينة صديقة للتوحد في الشرق الأوسط، والرابعة عالمياً، وذلك بعد توقيع اتفاقية بين جمعية “تمكن” للتوحد مع البورد الأميركي للاعتماد الدولي ومعايير التعلم المستمر IBCCES.
والتوحد هو اضطراب يصيب النمو العصبي للطفل، ويؤثر على تفاعله الاجتماعي وتواصله اللفظي وغير اللفظي، كما يحدث قصورا في التخيل واللعب التخيلي، ولم يجد العلماء سبباً له حتى الآن، في حين تشير الدراسات إلى أنه أكثر شيوعاً لدى الذكور عن الإناث، بنسبة 4 أولاد لكل بنت واحدة، وينتشر بالتساوي في كل الأعراق والأجناس وبين كل الطبقات الاجتماعية.
اقرأ أيضاً: أبرز جلسات المنتدى السعودي الأمريكي للرعاية الصحية 2024
جهود كبيرة تبذلها المملكة العربية السعودية لتوفير الخدمات الطبية والتعليمية اللازم للأطفال الذين يعانون من اضطراب طيف التوحد، إذ تم تأسيس مراكز تخصصية تعمل على ثلاثة محاور: تشخيص وتأهيل الأطفال الذين يعانون من اضطراب طيف التوحد، دعم أسرهم، تدريب المعلمين على سلوكيات التعليم الصحيحة الخاصة بهؤلاء الأطفال.
وفي إطار توفير الدعم اللازم للطلاب في المدارس والمراكز التعليمية، قامت الحكومة السعودية بتطوير النظام التعليمي في البلاد لتلبية احتياجات الطلاب الذين يعانون من اضطراب طيف التوحد، ووفرت التمويل اللازم للأبحاث المتعلقة بذلك، للمساهمة في نشر الوعي حول هذا الاضطراب وإزالة الأوهام المغلوطة المنتشرة عنه في المجتمع، كما تعمل العديد من المؤسسات الخاصة جنباً إلى جنب مع المؤسسات الحكومية لتقديم خدمات العلاج النفسي والتأهيل والدعم الاجتماعي والمعنوي لهؤلاء الأطفال وأسرهم.
وتشير الإحصائيات إلى أنه يوجد 53,282 شخصاً مصاباً بالتوحد، تسعى الحكومة إلى توفير الدعم اللازم لهم ليكملوا حياتهم بشكل طبيعي ويقوموا بالنشاطات والإنجازات التي تتناسب مع حالتهم.
وبدأ اهتمام المملكة باضطراب طيف التوحد عام 1996م، عندما سجل مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث وجود حالات لأطفال يعانون من اضطراب التوحد وهم بحاجة إلى رعاية خاصة، فقامت وزارة المعارف بتشكيل لجنة تضم أطباء متخصصين خلصت إلى محاولة حصر الموجودين من أفراد هذه الفئة في معاهد وبرامج التربية الفكرية ومراكز وزارة العمل والشؤون الاجتماعية. وقد بدأت الخدمات المتخصصة للأطفال الذين يعانون من التوحد تأخذ مكانها في مراكز ومدارس المملكة العربية السعودية الحكومية عام 1998، حيث خطت خطاها الأولى من خلال ثلاثة برامج في كل من الرياض وجدة والدمام.
وتم افتتاح مركز الأمير محمد بن سلمان للتوحد الذي يقدم خدماته للأطفال المصابين باضطراب التوحد، بدءاً من الكشف والتشخيص وانتهاء بالعلاج اللازم من إعادة تأهيل ورعاية طبية، ويضم عدة أقسام تشمل عيادة للأخصائي النفسي وعيادة للأخصائي الاجتماعي وغرفة للإدراك الحسي وأربعة فصول للتأهيل والتعليم.
وفي العام الماضي أطلقت اللجنة التنسيقية لجمعيات التوحد «الملتقى الأول لجمعيات التوحد 2023م» بدينة الريـاض، حيث شهد الملتقى حضور أكثر من 30 جمعية متخصصة من حول المملكة، إلى جانب القيادات الهامة من مجلس الجمعيات الأهلية والكيانات المهتمة ، إذ ركز المقتعى على توحيد الجهود لتطوير الخدمات المقدمة لذوي التوحــد من خلال الدعم والمساندة جمعيات المتخصصة والاستفادة من تجارب الجمعيات المتميزة وتمكين الجمعيات من مواكبة التطورات التقنية وتعزيز التحول الرقمي لاسيما التطرق لسبل تطوير أدوات التمويل المبتكر لدعم الاستدامة المالية.
اقرأ أيضاً: الصحة السعودية: من حقوق المرضى معرفة فريق علاجهم الطبي