تتجه السعودية في إطار رؤية المملكة 2030 نحو دعم الاستدامة في شتى المجالات، والعمل على تعزيز روافد الاقتصاد السعودي من مجالات أخرى بعيداً عن القطاع النفطي، ومن بين القطاعات المستهدفة في المرحلة القادمة قطاع الاقتصاد الثقافي الآخذ بالنمو سريعاً.
ويعتمد الاقتصاد الثقافي في مفهومه الأساس على استثمار المواهب والمهارات الإبداعية، وجمعها مع الموارد الثقافية، لتحقيق عائد اقتصادي، يصب في إطار التنمية المستدامة، وتحويل المنتج الثقافي إلى صناعة، تسهم في المرحلة النهائية في تنويع مصادر الدخل الوطني السعودي.
ونظراً للتزايد الكبير في أهمية المفهوم بالمجتمع السعودي، حرص القائمون على البرنامج الثقافي لمعرض جدة للكتاب 2024، على مناقشة الموضوع والتوعية به على نطاق واسع، من خلال عقد ورشة تحت عنوان، دور الاقتصاد الثقافي والإبداعي في التنمية الاقتصادية.
وفي السياق، قدّم الورشة الدكتور بندر الجعيد، في حين كان المشاركون على مستوى عالٍ من المهتمين والأكاديميين والمختصين، وكانت الأجواء غاية في الإثراء والقيمة المضافة، بما يسهم في تعزيز مفهوم الاقتصاد الثقافي في السعودية.
اقرأ أيضاً: جائزة ملكية للتعاون الثقافي مع الصين
ومن المفاهيم الرئيسة التي تطرقت لها الورشة، مفهوم الاقتصاد الثقافي والإبداعي، والدور الهام الذي يلعبه في تحقيق التنمية المستدامة، إلى جانب الإضاءة على أهمية الاستثمار في المهارات الإبداعية للسعوديين، والعمل على دعم وتعزيز الموارد الثقافية، بما يضمن إنجاز مجموعة من القيم الاقتصادية والاجتماعية، وما يتبع ذلك في توسيع إجمالي الناتج المحلي والدخل الوطني للبلاد.
ومن المحاور الهامة التي تناولتها الورشة، دور رؤية المملكة 2030، في دعم الاقتصاد الثقافي وخلق بيئة داعمة لنهوض الصناعات الثقافية والإبداعية، كجزء أساسي من خطة المملكة في تنويع قطاعات الاقتصاد السعودي، بعيداً عن القطاع النفطي.
ومن بين الأمثلة التي استعرضتها الورشة، النجاحات السنوية والأرقام التي يحققها موسم الرياض، وقدرته على اجتذاب العارضين والزوار على حد سواء، لا سيما السياح من خارج البلاد، الأمر الذي أسهم في زيادة العائدات الاقتصادية للموسم في كل عام.
من جانب آخر سلط المشاركون في ورشة، دور الاقتصاد الثقافي والإبداعي في التنمية الاقتصادية، الضوء على التطور اللافت في قطاع السينما مع التأكيد على كونه قطاعاً واعداً في إطار الاقتصاد الثقافي بسبب نموه المتسارع، وانضمام العديد من المواهب السعودية الأكاديمية والمطلعة إلى ركب تطوير هذه الصناعة.
اقرأ أيضاً: المخرجة عهد كامل: فيلم سلمى وقمر بدأ كقصة شخصية
وفي سياق منفصل، ذكر تقرير الحالة الثقافية الأخير، الصادر عن وزارة الثقافة السعودية، والذي يعنى برصد التحولات الثقافية في المملكة، أن المملكة تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق الأهداف الإستراتيجية لرؤية المملكة 2030 على صعيد المنظومة الثقافية.
ومن بين العناصر الرئيسة في هذا التقدم العودة إلى البناء، واعتماد آليات الحماية والتمكين في القطاع الثقافي، ومضاعفة الجهود والإمكانيات لتحقيق الأهداف الإستراتيجية.
ومن الجدير بالذكر أن قطاع الاقتصاد الثقافي في المملكة تتوزع أنشطته على عدد من المجالات، منها السياسات اللغوية والنشر الأدبي، بالإضافة للإنتاج المسرحي والسينمائي وعروض الأداء.
وتعمل الإستراتيجية الثقافية المرسومة وفق رؤية المملكة 2030 في إطار مجموعة من المؤشرات والمبادرات، والتي تتفرع عن ثلاث ركائز رئيسة، هي الثقافة كنمط حياة، والثقافة من أجل تعزيز مكانة المملكة الدولية، والثقافة من أجل النمو الاقتصادي.
ومن بين الأنشطة المدرجة تحت هذه الركائز، إقامة أسبوع الرياض للأزياء، ودعم إنتاج أكثر من 70 فيلماً سعودياً، ترشح من بينها 7 أفلام للمشاركة على الصعيد العالمي، ومن إنجازات المملكة على الصعيد الثقافي أيضاً، مشروع روائع الأوركسترا السعودية، التي نفذت جولة دولية في كل من لندن ونيويورك والمكسيك، وفوز منطقة عسير بجائزة منطقة فنون الطهي الدولية، وهو إنجاز عالمي لأنّ هذه الجائزة عادة لا تغادر نطاق أوروبا.
ومن إنجازات السعودية على صعيد الاقتصاد الثقافي، تسجيل موقع عروق بني معارض، كأول موقع تراث طبيعي في السعودية على قائمة اليونسكو، واعتماد أطلس مأكولات العالم القديم كمبادرة سعودية ومنصة رقمية، تهدف إلى توثيق أساليب الغذاء التقليدي في السعودية.
وفي الختام تجدر الإشارة إلى أنّ أرقام العام الماضي، أشارت إلى إسهام لافت للاقتصاد الثقافي في نمو الاقتصاد السعودي عموماً، وبلغت قيمة هذه المساهمة حوالي 35 مليار ريال سعودي، وبحساب النسب المئوية يبلغ حوالي (1.49%) من إجمالي الناتج المحلي من القطاع غير النفطي في المملكة.