في ظل الظروف العصيبة التي يواجهها قطاع غزة، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، على أهمية تسريع جهود الإغاثة وإعادة الإعمار، وضرورة إفشال أي مخطط يسعى لتهجير السكان، وخلال لقائه في القاهرة برئيس الوزراء الفلسطيني ووزير الخارجية محمد مصطفى، كان هناك توافق على أن الشعب الفلسطيني لن يسمح بتكرار المأساة التي عايشها في السابق.
تزامن هذا اللقاء مع موجة رفض عربية ودولية للتصريحات الصادرة عن الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، التي ألمح فيها إلى إمكانية تهجير الفلسطينيين من غزة ووضع القطاع تحت سيطرة أميركية، وبحسب ما أفاد به المتحدث الرسمي باسم جامعة الدول العربية، جمال رشدي، فقد ركز الاجتماع على التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية، مع التشديد على أن أي سيناريو للتهجير يُعد مرفوضاً على المستوى العربي والدولي.
كما أكد أبو الغيط ومحمد مصطفى على التمسك بالثوابت الفلسطينية، وعلى رأسها حق الفلسطينيين في البقاء على أرضهم، ورفض أي محاولة لفرض واقع جديد يُجردهم من حقهم في تقرير مصيرهم، واستعرض رئيس الوزراء الفلسطيني خلال الاجتماع الخطط الحكومية التي تهدف إلى مواجهة التحديات الراهنة، خاصة فيما يتعلق بالإغاثة العاجلة وإعادة الإعمار التدريجي للقطاع، مع ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار كخطوة أولى، الأمور التي قد تقطع الطريق على تهجير الفلسطينيين من غزة.
في السياق ذاته، تناول اللقاء التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، التي وصف فيها مغادرة الفلسطينيين لغزة بـ “الخروج الطوعي”، وهو ما اعتبره الجانب الفلسطيني والعربي دليلاً واضحاً على وجود مخطط ممنهج لإفراغ القطاع من سكانه، وجرى التأكيد على أن الفلسطينيين لن يقبلوا بوقوع نكبة جديدة تحت أي مسمى.
اقرأ أيضاً: السعودية: نأمل أن ينهي اتفاق غزة استنزاف المنطقة
وعقب الاجتماع، صرح محمد مصطفى في مؤتمر صحافي بأن السلطة الفلسطينية تسعى للتعاون الوثيق مع جامعة الدول العربية والدول الأعضاء لمواجهة التحديات السياسية والإنسانية الراهنة، مشيراً إلى أن هناك تحركات فعلية تجري على مختلف الأصعدة لمجابهة هذه التحديات، خاصة ما يتعلق بالمساعدات الإنسانية وجهود إعادة الإعمار.
من جهته، أوضح مندوب فلسطين الدائم لدى جامعة الدول العربية، السفير مهند العكلوك، أن اللقاء تضمن مناقشة سبل تقديم الإغاثة لسكان غزة وإدخال المساعدات الضرورية، إلى جانب وضع خطة متكاملة لتولي الحكومة الفلسطينية مسؤولياتها داخل القطاع، مشيراً إلى أن هذه الخطة تعتمد على ثلاث مراحل رئيسة، تبدأ بمرحلة التعافي السريع التي تمتد لنصف عام، تليها مرحلة إنعاش الاقتصاد لمدة ثلاث سنوات، وأخيراً مرحلة إعادة الإعمار التي قد تستمر لعقد من الزمن.
كما أشاد العكلوك بالمواقف العربية الداعمة للشعب الفلسطيني، ولا سيما مواقف السعودية ومصر والأردن، التي رفضت بشكل قاطع أي محاولات للتهجير القسري، وأكد أن الجهود الحالية تصب في اتجاه تعزيز صمود الفلسطينيين على أرضهم وتأمين الظروف المعيشية التي تكفل لهم البقاء.
وشمل النقاش خلال الاجتماع أيضاً سبل تثبيت الهدنة في غزة، إلى جانب الخطوات المقبلة المتعلقة بالمفاوضات السياسية، حيث جرى التأكيد على ضرورة استئناف الجهود الرامية إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
اقرأ أيضاً: السعودية تدين حرق مستشفى كمال عدوان في غزة
وفي بيان صدر عن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، جددت الجامعة التأكيد على أن الثوابت الفلسطينية لا تزال محل إجماع عربي كامل، وأنه لا مجال للتنازل عن حقوق الفلسطينيين المشروعة، كما أشارت إلى ثقتها في أن الولايات المتحدة، رغم التصريحات المثيرة للجدل، تدرك أهمية تحقيق سلام عادل في المنطقة، إلا أن الطروحات التي تتحدث عن تهجير الفلسطينيين تعد انتهاكاً للقوانين الدولية وتؤدي إلى المزيد من عدم الاستقرار، مما يجعل حل الدولتين الخيار الوحيد القابل للتطبيق لضمان الأمن والسلام في المنطقة.