الجراد الصحراوي، أو جراد الصحراء، أو الجراد الرحال، تتعد المسميات لكنه نوع من الجراد المتوسط القد موطنه صحاري الجزيرة العربية والسودان وإثيوبيا وشمال أفريقيا وآسيا. هذه الحشرة تمر في مختلف أدوارها الحياتية بعدة ألوان من الأخضر العابق الموشم بالأسمر إلى الأخضر الأصفر فالرمادي الأصهب. ويعد من المفترسات، ويعيش عادةً في الصحاري القاحلة وشبه القاحلة كما يشكل أسراباً كبيرة الحجم ينجم عنها تهديد خطير محدق بالأمن الغذائي وسبل العيش المحلية.
وفي حين تواصل أسراب جراد الصحراء زحفها وغزوها لدول شمال أفريقيا، وتتحرك بشكل تدريج نحو الجنوب باتجاه منطقة الساحل، أكدت السعودية خلو أراضيها من أي انتشار للجراد خلال الفترة الحالية، في ظل جاهزية كاملة واستعدادات استباقية لأي طارئ.
حرص “وقاء” على متابعة حركة الجراد الصحراوي ومكافحتها
وسط توضيح من المركز الوطني للوقاية من الآفات النباتية والأمراض الحيوانية ومكافحتها “وقاء”، أن توقعات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) الصادرة في 5 يونيو، أكد اتجاه الجراد، الذي تكاثر في ربيع هذا العام في شمال أفريقيا، نحو دول الساحل الأفريقي مع بدء هطول الأمطار الصيفية وبدء مواسم التكاثر.
في ظل تأكيد بعدم وجود مؤشرات على تحركه نحو السعودية أو دول شبه الجزيرة العربية، وأوضح أن السعودية لا تواجه بالوقت الحالي أي تهديد من الجراد الصحراوي.
كما تشير التوقعات إلى استبعاد حدوث نشاط مؤثر للأسراب في البلاد خلال الصيف الحالي وحتى نهاية الخريف المقبل، وفقاً للمسارات التقليدية لهجرة الجراد.
وأشار إلى استمرار حالة الجاهزية العالية، عبر تنفيذ خطط استباقية متكاملة تشمل الرصد المبكر والمراقبة البيئية، وتحليل النماذج المناخية المحلية والعالمية، إضافة إلى المسوحات الميدانية وتحليل الحالة الوبائية للجراد محلياً ودولياً.
والمركز يواصل تحديث خطط الطوارئ وإجراء الفرضيات الميدانية والتدريبات العملية لمواجهة أي تفشٍ مفاجئ، لضمان سرعة الاستجابة وفعالية التدخل، مع تأكيد أن هذه الجهود منطلقة من استراتيجية وطنية لحماية الغطاء النباتي والأمن الغذائي، والهدف منها رفع كفاءة الاستجابة للآفات العابرة للحدود، ذلك بالتعاون مع الجهات المعنية محلياً ودولياً.
اقرأ أيضاً: السعودية تستضيف مبادرة حماية الشعب المرجانية العالمية
أضرار الجراد وكيف كافحته المملكة
أسراب الجراد الصحراوي تعتبر من أخطر الآفات الزراعية، يمكن أن تؤدي إلى تدمير المحاصيل الزراعية في فترات قصيرة. تشير الدراسات إلى أن السرب الواحد من الجراد يمكن أن يغطي مساحة تصل إلى 1200 كيلومتر مربع، ويحتوي على ملايين الأفراد، لذلك يؤدي إلى استهلاك كميات هائلة من النباتات.
وهو إحدى الآفات الزراعية الاستراتيجية، بسبب أضراره الجسيمة للمحاصيل الزراعية، حيث يأكل ما يتراوح بين اثنين وثلاثة جرامات، أي ما يعادل وزنه بشكل يومي من أوراق النباتات.
وأن سرب الجراد الواحد يشكل من أعداد كبيرة وضخمة بشكل مخيف تصل في بعض الأحيان إلى 50 مليون جرادة، تنتشر في كيلومتر مربع واحد، وقد يأكل نحو 100 طن من المادة الخضراء، أي ما يعادل إنتاج 30 هكتار من الذرة، أو 40 هكتار من الرودس، أو 70 هكتار من البرسيم، أو إتلاف 50 هكتار من مزارع القمح، فإن الخسائر في المحاصيل الزراعية بفعل ذلك تكون كبيرة.
وقد تولت المملكة رئاسة هيئة مكافحة الجراد الصحراوي في مجموعة الدول الأعضاء في المنطقة الوسطى، التي تضم 17 دولة من الخليج العربي، واليمن، ودول المشرق العربي، ومن شرقي إفريقيا، وذلك خلال الفترة من ذي القعدة 1443هـ/يونيو 2022م، إلى جمادى الأولى 1446هـ/نوفمبر 2024م.
وفي العام 2020 شكلت المملكة 250 فرقة مكافحة، وطائرتا استكشاف ومكافحة جوية، و75000 لتر مبيدات وكادر بشري موجود ميدانياً في أتم الجهوزية على مدار الساعة للاستكشاف وتغطية البلاغات والسيطرة على الأسراب الطائرة ومكافحتها.
كما أهابت الوزارة المسؤولة بجميع أصحاب المشاريع الزراعية والحيوانية والنحلية التعاون مع فرق المكافحة، من خلال فتح المزارع للمكافحة والرحيل من مواقع الرش بشكل فوري عند الحاجة، من أجل السيطرة المبكرة، وعدم السماح للأسراب بالتنقل والإضرار بالمحاصيل وحدوث التكاثر.
الوسائل المتبعة لمكافحة هذه الحشرة والقضاء عليها
الوسيلة الأساسية لمكافحة هذه الحشرة هي المبيدات الكيميائية، وتسمى مستحضرات الـ ULV، بالإضافة إلى المبيدات الحيوية، وتستخدم آلات الرش المحمولة كوسيلة رئيسية.
وكان مساعد وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة لشؤون الزراعة، سليمان الخطيب، قد صرح وأكد في وقت سابق أن المملكة تعد من أكثر الدول تأثراً بفورة الجراد الصحراوي، لأنها تمثل ملتقى لتكاثر الجراد وانتشاره في مواسم التكاثر الشتوي والربيعي.
وقال الخطيب: إن “المملكة تمكنت من السيطرة على تفشي الجراد الصحراوي، وقامت بمكافحة ما يقارب 700 ألف هكتار بين عامي (2019- 2021)، مستخدمة كافة الوسائل الأرضية والجوية، ومسخرة كافة جهودها للسيطرة على تفشي الجراد، ومنع انتقاله إلى دول الجوار”.
كما شدد على ضرورة تطوير الآليات الاستراتيجية للمكافحة الوقائية والتعامل مع فورات الجراد الصحراوي في دول الهيئة التي تواجه هجماته (هيئة مكافحة الجراد الصحراوي في المنطقة الوسطى)، لتكون هذه الدول في كامل الاستعداد لضمان عدم تكرار ما حدث خلال عامي (2019- 2021) من أضرار، خاصة مع التغيرات المناخية وظاهرة النينو التي تشهدها المنطقة من ارتفاع في درجات الحرارة تؤثر على تكاثر الحشرة.
وبيّن الخطيب أن السعودية قدمت دعماً مالياً بقيمة مليون وخمسمئة ألف دولار لصندوق الطوارئ، خلال الاجتماع العاجل الذي عقد بالقاهرة عام 2019، حتى تتمكن الهيئة من دعم الدول الأعضاء لمواجهة هذا التهديد.
ختاماً، الجراد الصحراوي من الآفات الخطيرة التي لا يمكن التغاضي عنها، فهي تستبيح المحاصيل الزراعية وتهاجم أرزاق الناس وتتلفها، ما يسبب بخسائر فادحة للغطاء النباتي بالدرجة الأولى والمحاصيل المواطنين في الدرجة الثانية، لذلك يجب تطوير الاستراتيجيات لمكافحتها واتخاذ التدابير الوقائية قبل الاجراءات الردعية منعاً من وقوع أي تهديد ينذر بالخطر والكارثة.
اقرأ أيضاً: “استدامة” و”توبيان” يوقعان اتفاقية لتطوير البيوت المحمية في السعودية