تعيش المملكة العربية السعودية مرحلة انفتاح ثقافي كبير، يجمع العالم على أرضها، وسط احتفالات ومهرجانات تنقل أصالة المجتمع السعودي، وتروي تاريخ أرضه. فقد أقامت هيئة تطوير بوابة الدرعية مساء أمس حفل إطلاق موسم الدرعية 25/26 في وادي صفار بمحافظة الدرعية، بحضور الأمير فهد بن سعد بن عبدالله بن تركي آل سعود، محافظ الدرعية، وبمشاركة عدد من الأمراء والنخب الثقافية والإعلامية على المستوى المحلي والدولي.
عكس اختيار وادي صفار لإقامة الحفل روعة التاريخ والهوية الوطنية السعودية، فقد تمازجت رمزية العوجا المرتبطة بالدرعية مع طبيعة الوادي وتكويناته الصخرية المميزة، ومكانته التاريخية العريقة لكونه أحد أبرز المعالم في جنوب غرب الدرعية خلال عهد الدولة السعودية الأولى.
عروض فنية خلال افتتاح الموسم
قُدّم خلال حفل افتتاح موسم الدرعية عرض فني بعنوان “أنا العوجا” نقل من خلاله تاريخ وادي حنيفة الممتد من مرحلة التأسيس إلى حاضرنا بصوت العوجا، واستخدم فيه تقنيات الإضاءة والدرون التي حولت العرض إلى مشهد بصري لا مثيل له. كما تضمن عرضاً مسرحياً صدح من خلاله الأغاني الوطنية والخاصة بمنطقة الدرعية ونجد، وقدم العرض ميدلي أغاني جسد روح الدرعية وفنونها التراثية، بمشاركة مؤدي العرضة وفرقة استعراضية من الفتيات الموهوبات.
ويعود أصل تسمية العوجا إلى شوارع ومناطق الدرعية التي تتميز باعوجاج طرقاتها التاريخية في وادي حنيفة، لتتحول وقتها إلى رمز للفخر والاعتزاز لكونها منطقة انطلاق العائلة السعودية الأولى، لذلك عُرفت بـ”هل العوجا”. وأصبحت الكلمة مرادفة للدرعية، مهد الدولة السعودية ورمز الانتماء الوطني، بما تحمله من معاني الفخر والبطولة والكرم.
كما شارك في الافتتاح الشابين تميم الحارثي وبدر الحربي، الفائزين في برنامج “راوي الدرعية” التابع لهيئة تطوير بوابة الدرعية، وقدّما خلال الحفل عرضاً عبّر عن ارتباط السعوديين بتاريخ الدرعية، الذي سيبقى مصدر فخر وإلهام للأجيال.
واختُتم الحفل بعرض فن السامري، أحد الفنون الشعبية الأصيلة التي تعبر عن الهوية الثقافية الوطنية، وتضمّن عدداً من المقطوعات النجدية التراثية.
وأعربت الأستاذة أحلام آل ثنيان، مدير موسم الدرعية، عن شكرها وتقديرها لمحافظ الدرعية، والقائمين على الحفل والراعين له وجميع الجهات المشاركة، مؤكدة أن هذا النجاح تحقق بفضل الدعم الكبير الذي حظي به الموسم، وقالت: “بدعم الجميع، سنقدّم موسماً يليق بالدرعية، ويجسّد رسالتنا في الاحتفاء بتاريخها وقيمها وثقافتها.”
وأضافت: “رمزية العوجا تعبّر عن فخر السعوديين بتاريخهم وبالدرعية التي انطلقت منها مسيرة الدولة السعودية الأولى، وجميع برامج الموسم تعكس قيمها بأسلوب إبداعي ملهم.”
موسم الدرعية 2025/2026
يُقام موسم الدرعية 25/26 هذا العام تحت شعار “عزّك وملفاك”، ويشمل أكثر من عشرة برامج متنوعة تهدف لإبراز هوية الدرعية وتراثها التاريخي، وتعزيز مكانتها كوجهة ثقافية وسياحية عالمية تعكس أصالة المملكة وعمق حضارتها.
ومن خلال زيارة الدرعية يستطيع الزوار التعرف على المواقع التاريخية والطبيعية. ففي حي الطريف يتيح برنامج “هل القصور” للزوار دخول عدة قصور تاريخية للمرة الأولى، بينما يركز برنامج “طين” على إبراز العمارة النجدية وجمع المهتمين بالتراث.
ولمحبي الأدب والسرد، يستطيعون زيارة حي البجيري الذي يقام على أرضه مهرجان الدرعية للرواية، بينما يقدم حي المريح فعالية “ليالي الدرعية” التي تمزج بين فنون الطهي والمطاعم العالمية. أما منطقة الطوالع فتعيد أجواء الأسواق التاريخية من خلال “سوق الموسم”، كما تحتفي بثقافة كيوتو اليابانية بمناسبة مرور 70 عاماً على العلاقات الدبلوماسية بين المملكة واليابان.
وتستمر الفعاليات في أحياء أخرى لتقديم تجارب ثقافية متنوعة، حيث يقدّم برنامج “صدى الوادي” في وادي صفار عروضاً للفنون التقليدية مثل السامري، إلى جانب حفلات يحييها أبرز الفنانين. ويستضيف الزلال أنشطة ثقافية ومعارض فنية تعكس ثراء التراث السعودي، فيما يقدّم حي الظويهرة برامج عائلية وتفاعلية مثل “مسلية”.
وبذلك يستطيع زوار موسم الدرعية أن يعيشوا أجواء الاحتفالات بكافة تفاصيلها، من الثقافة والفن إلى المأكولات الشعبية والعالمية. ليكون هذا الموسم شاهداً على إبداع التنظيم، وروعة التنسيق بين الفعاليات.
اقرأ أيضاً: المقاهي الشعبية في الدرعية.. حيث يلتقي التراث الأصيل بالفن والإبداع

