في حديثه خلال جلسة عامة بعنوان «الدبلوماسية في أوقات الفوضى»، التي أقيمت على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي 2025 في مدينة دافوس السويسرية، أعرب الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، عن «تفاؤل حذر» تجاه تطورات الوضع في سوريا، وأكد الوزير وجود فرص حقيقية لدفع سوريا نحو مسار إيجابي، مشيراً إلى استعداد الإدارة السورية الحالية للتفاعل مع المجتمع الدولي والعمل معه لتحقيق التغيير المطلوب.
وخلال تصريحاته، أشار الوزير إلى أن الإدارة السورية الجديدة تُبدي التزاماً واضحاً في الخطابات العلنية والحوارات المغلقة على حد سواء، وتسعى للتعاون الفعّال مع الأطراف الدولية في سبيل بناء مستقبل أفضل للبلاد، ودعا المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات جادة لرفع العقوبات المفروضة على سوريا، مؤكداً أن هذه العقوبات تعيق جهود إعادة الإعمار ودعم الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.
وفي سياق متصل، كشف الأمير فيصل عن نيته زيارة لبنان خلال الأيام المقبلة، واصفاً انتخاب رئيس جديد للبلاد بعد فترة طويلة من الفراغ السياسي بأنه خطوة إيجابية، وأشار إلى أهمية إصلاح النظام السياسي والاقتصادي اللبناني لتحقيق استقرار مستدام يعزز من مشاركة السعودية ودول أخرى في دعم هذا البلد.
اقرأ أيضاً: توافق خليجي على خريطة طريق للمرحلة المقبلة في سوريا
وتناول الأمير فيصل في حديثه أهمية الحفاظ على السلام في المنطقة، مع التركيز على تجنب أي تصعيد قد يؤدي إلى نشوب حروب جديدة، ووجه رسالة إلى إيران، مشدداً على ضرورة التزامها بموقف إيجابي تجاه وقف إطلاق النار في غزة ودعم الاتفاقيات القائمة، في الوقت الذي عبّر فيه عن تفاؤله بأن الإدارة الأميركية الجديدة تسعى إلى تقليل المخاطر في المنطقة بدلاً من زيادتها.
ويشارك الأمير فيصل بن فرحان على رأس وفد سعودي رفيع المستوى في المنتدى، الذي يقام تحت شعار «التعاون لمواكبة عصر التقنيات الذكية»، ويضم الوفد مجموعة من الوزراء والمسؤولين البارزين، من بينهم الدكتور ماجد القصبي وزير التجارة، وأحمد الخطيب وزير السياحة، وعادل الجبير وزير الدولة للشؤون الخارجية، والمهندس خالد الفالح وزير الاستثمار، ومحمد الجدعان وزير المالية، والمهندس عبد الله السواحة وزير الاتصالات وتقنية المعلومات، وغيرهم.
تناول المنتدى هذا العام جملة من القضايا الحيوية المتعلقة بالتحديات العالمية، بما في ذلك الأزمات الاقتصادية والمناخية والجيوسياسية، ويهدف الوفد السعودي إلى تقديم تجربة المملكة كأنموذج يُحتذى به في مواجهة التحديات العالمية، إلى جانب استعراض مبادراتها التي تهدف إلى تحقيق التحول نحو الطاقة النظيفة ودعم التنمية المستدامة.
اقرأ أيضاً: انطلاق اجتماعات الرياض الوزارية بشأن سوريا
وتحرص السعودية من خلال مشاركتها في المنتدى على تعزيز الحوار الدولي، عبر اتباع نهج عملي يعكس رؤيتها الطموحة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتسعى المملكة إلى بناء شراكات دولية قوية تدعم الانتقال العادل للطاقة وتعزز من التحول نحو الاقتصاد الأخضر.
وعلى هامش الاجتماعات، التقى وزير الخارجية السعودي بعدد من المسؤولين الدوليين، من بينهم عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، بالإضافة إلى وزير الخارجية التونسي محمد النفطي ووزير الخارجية النرويجي إسبن بارث إيدي.
وتطرقت اللقاءات إلى بحث العلاقات الثنائية بين المملكة والدول المذكورة، إلى جانب مناقشة القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، سعياً لتعزيز التعاون وإيجاد حلول مبتكرة للتحديات التي تواجه المنطقة والعالم.
وكان قد عقد كبار المسؤولين في وزارات خارجية دول مجلس التعاون الخليجي اجتماعاً لمناقشة خطوات عملية تسهم في تحقيق الاستقرار وإعادة بناء سوريا، مشددين على الدور البارز الذي يمكن أن تضطلع به دول الخليج في تعزيز أمن سوريا واستقرارها.
اقرأ أيضاً: السعودية: حان الوقت لتستعيد سوريا استقرارها ونهضتها
وفي هذا السياق، أوضح السفير نجيب البدر، مساعد وزير الخارجية الكويتي لشؤون مجلس التعاون الخليجي، والذي ترأس الاجتماع، أن هذا اللقاء يمثل امتداداً للجهود السابقة الرامية إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي، وأضاف أن الاجتماع يعكس التزام دول الخليج بتنفيذ مخرجات اللقاء الوزاري الاستثنائي الذي عُقد في ديسمبر الماضي، بهدف تقديم الدعم لسوريا على مختلف الأصعدة، سواء السياسية أو الإنسانية.
وأشار البدر إلى أن الاجتماع حقق توافقاً خليجياً بشأن الخطوات المستقبلية، مؤكداً أن استقرار سوريا وأمنها يشكلان جزءاً محورياً من استقرار المنطقة ككل. كما أكد أن دعم الشعب السوري لتحقيق تطلعاته نحو التنمية والأمان يمثل أولوية مشتركة، مشدداً على أهمية التنسيق المشترك مع الشركاء الإقليميين والدوليين لضمان تنفيذ هذه الرؤية الطموحة.
ختاماً، يشار إلى أن السعودية بهذا الحضور الدبلوماسي اللافت في منتدى دافوس، تعكس عزمها على لعب دور رئيسي في صياغة مستقبل أكثر ازدهاراً واستقراراً للعالم، مستفيدةً من موقعها القيادي على الصعيدين الإقليمي والدولي.