في ظل التحولات المتسارعة التي تشهدها المنطقة، تتجلى أهمية الجهود الدبلوماسية في تحقيق الاستقرار وتعزيز الحقوق المشروعة للشعوب، ومن هذا المنطلق، اجتمع وزراء خارجية دول “السداسية العربية” في العاصمة المصرية، القاهرة، لمناقشة مستجدات القضية الفلسطينية والتحديات التي تواجه قطاع غزة، في ظل الأوضاع الإنسانية المتدهورة.
شهد الاجتماع مشاركة الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، إلى جانب نظرائه من مصر، قطر، الإمارات، الأردن، وفلسطين، إضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وركزت المباحثات على توحيد المواقف العربية في دعم القضية الفلسطينية، وضمان تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، إلى جانب تعزيز الجهود الإنسانية الرامية إلى تقديم الإغاثة العاجلة لسكان غزة، وتمكين عودة النازحين إلى أراضيهم بأمان.
وفي إطار السعي لتأمين حل مستدام، ناقش الوزراء آليات دعم السلطة الفلسطينية وتمكينها من الاضطلاع بمسؤولياتها في الأراضي المحتلة، كخطوة محورية لضمان الأمن والاستقرار، كما تطرقت المباحثات إلى دعم الجهود الدولية الرامية إلى تنفيذ حل الدولتين، والتحضير للمؤتمر الدولي المزمع عقده في يونيو المقبل، برعاية مشتركة من المملكة العربية السعودية وفرنسا، بهدف إيجاد تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية.
مصادر دبلوماسية كشفت أن الاجتماع جاء استجابة لدعوة مصرية تهدف إلى مناقشة التطورات المتسارعة في المشهد الفلسطيني، لا سيما ما يتعلق بالوضع في قطاع غزة وتداعيات النزوح القسري الذي فرضته الأحداث الأخيرة، وقد أكدت الدول المشاركة موقفها الثابت في دعم الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، وفقاً للقوانين والقرارات الدولية.
من الجانب السعودي، حضر الاجتماع الأمير مصعب بن محمد الفرحان، مستشار وزير الخارجية للشؤون السياسية، والسفير السعودي لدى مصر، صالح الحصيني، بالإضافة إلى الدكتورة منال رضوان، المستشارة بوزارة الخارجية.
اقرأ أيضاً: تأسيس أول مجلس أعمال سعودي فلسطيني
وفي سياق متصل، شدد الاجتماع “الخماسي العربي” الذي انعقد قبل أيام في القاهرة، على ضرورة حشد جهود المجتمع الدولي لتنفيذ خطة شاملة لإعادة إعمار قطاع غزة بأسرع وقت ممكن، بما يضمن بقاء الفلسطينيين في أراضيهم وتعزيز صمودهم.
كما أبدى المجتمعون رفضهم التام لكافة الممارسات الرامية إلى تهجير الفلسطينيين أو المساس بحقوقهم غير القابلة للتصرف، من خلال الاستيطان، أو الإخلاء القسري، أو الضم غير الشرعي، محذرين من تداعيات هذه السياسات على استقرار المنطقة برمتها.
وفي بيان مشترك، عبَّرت الأطراف المجتمعة عن ترحيبها بالجهود التي أفضت إلى وقف إطلاق النار في غزة، وتبادل الرهائن والمحتجزين، مشيدةً بالدور الفاعل الذي لعبته كل من مصر وقطر في تحقيق هذا التقدم، وأكد البيان أهمية استمرار العمل مع الشركاء الدوليين، بما في ذلك الولايات المتحدة، لتحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط وفقاً لمبدأ حل الدولتين، وضمان إنهاء النزاعات التي تؤثر على أمن واستقرار المنطقة.
المجتمعون شددوا على أهمية متابعة تنفيذ بنود الاتفاق الذي تم التوصل إليه، وضمان استدامة وقف إطلاق النار، بما يكفل تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى كافة أنحاء قطاع غزة، وجرى التأكيد على ضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل، ورفض أي محاولات لفصل غزة عن بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة، مع ضرورة تمكين السلطة الفلسطينية من تولي مسؤولياتها في القطاع، انسجاماً مع الجهود الدولية لمعالجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة.
إضافة إلى ذلك، شدد الاجتماع على الدور الجوهري لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وضرورة استمرارها في أداء مهامها دون تضييق أو تحجيم، مشيرين إلى أن أي محاولات لاستبدالها أو تقييد دورها مرفوضة تماماً.
اقرأ أيضاً: السعودية: نأمل أن ينهي اتفاق غزة استنزاف المنطقة
ومن جانبها، أعلنت مصر، بالتنسيق مع الأمم المتحدة، استعدادها لاستضافة مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة في التوقيت الملائم، داعية المجتمع الدولي والجهات المانحة إلى تقديم الدعم اللازم لهذا المسعى.
كما وجه المجتمعون نداءً إلى القوى الدولية والإقليمية، وعلى رأسها مجلس الأمن، لبدء خطوات عملية نحو تنفيذ حل الدولتين، بوصفه السبيل الوحيد لضمان إنهاء الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بشكل عادل ودائم. وأكدوا ضرورة تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل أراضيها، ضمن حدود الرابع من يونيو 1967، بما يشمل القدس الشرقية، استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية.
وفي هذا الإطار، جرى تسليط الضوء على أهمية دعم التحالف الدولي المكلّف بتنفيذ حل الدولتين، وتكثيف الجهود لإنجاح المؤتمر الدولي المقرر انعقاده برعاية مشتركة من السعودية وفرنسا في يونيو 2025، والذي يمثل فرصة تاريخية لتحقيق تقدم حقيقي في مسار السلام، وإنهاء المعاناة المستمرة التي يعيشها الفلسطينيون منذ عقود.