كتب: محسن حسن
خلال أشهر قليلة قادمة، سينتهي العام 2024، ليبدأ عام جديد في سباقات المملكة العربية السعودية نحو اعتلاء منصات التطوير والتحديث المستمر لكافة قطاعاتها الحيوية، ورغم قرب انتهاء هذا العام، إلا أن في جعبة أسابيعه المعدودة القادمةــ ربما ــ مفاجآت أخرى قادمة على صعيد الصفقات الكبيرة والواعدة، وخاصة على المستوى السياسي والاقتصادي والأمني مع الحليف الأمريكي الباحث عن مخرج شرق أوسطي من هذه الهوة الساحقة التي ورطته فيها إدارة جو بايدن على خلفية التداعيات الكارثية في قطاع غزة واشتعال الوضع الإقليمي وانفتاحه على فضاءات عسكرية وحربية ساخنة وقابلة للاشتعال في أية لحظة.. فهل يتخلى جو بايدن عن التصاقه الدائم بدعم الحليف المعادي للشرق الأوسط من أجل إنقاذ سمعته وسمعة الولايات المتحدة الأمريكية التي باتت على المحك في ظل الوضعية الراهنة؟ وهل تكون السعودية هي الملاذ الأخير لهذا الإنقاذ قبل فوات الأوان؟ وإلى أي حد يمكن أن تختتم واشنطن هذا العام بالموافقة على الصفقة الأمنية المرتقبة مع الرياض دون شرط التقيد بتطبيع الأخيرة مع تل أبيب؟
قيادة خبيرة
بداية، وبعيداً عن محور الصفقة الأمريكية – السعودية المشار إليها، يجب لفت الانتباه إلى أن القيادة السعودية الممثلة في شخص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، تحلت بالكثير من الجرأة والديناميكية العملية والبراجماتية الهادفة إلى الولوج المباشر إلى الطرق القصيرة التي يمكن من خلالها تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030 وما بعدها من خطوات وتطلعات قادمة ستتضمنها رؤية 2040، وهو ما انعكس إيجاباً على جهود وصفقات المملكة الإصلاحية والنهضوية بداية من الأشهر الأولى للعام الحالي 2024.
فبفضل الخبرات المتراكمة والقرارات الحاسمة لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده، تم تذليل العديد من العقبات وإزاحتها بعيداً، لتزداد مؤشرات التقدم والاستقرار والازدهار في البلاد، نتيجة هذه الجهود، والتي تركزت في معظمها على اتخاذ القرارات النوعية والمصيرية التي تفضي إلى تعزيز الحكم الرشيد، والإدارة المحوكمة، عبر دعم المشاريع التنموية الضخمة، والحرص على تنويع مصادر الدخل الوطني وتقليل الاعتماد على النفط، جنباً إلى جنب، مع منح الاهتمام اللازم لتحسين مستوى المعيشة للمواطنين وتطوير الخدمات الصحية والتعليمية والبنية التحتية، وفي صدارة ذلك، العمل على تعزيز مكانة المملكة إقليمياً ودولياً، والمساهمة في تقوية العلاقات مع الدول الصديقة، الأمر الذي أتاح فرصاً واعدة لإتمام صفقات كبيرة على كافة الصعد والمستويات.
وفي واقع الحال، لم تكن لتلك الجهود والصفقات أن تتم، لولا الوتيرة العملية والخبراتية المتطلعة دوماً إلى استقطاب النافع والمفيد اقتصادياً، والتي يتمتع بها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والذي تمتع برؤية استراتيجية واضحة لتحقيق التنمية الشاملة في المملكة من خلال رؤية 2030، فأطلق مبادرات جريئة وإصلاحات هيكلية طموحة في مختلف المجالات، مثل تمكين المرأة والشباب وتنويع الاقتصاد، و الحرص على محاربة الفساد ومكافحة التطرف والإرهاب، مما ساهم في تعزيز الأمن والاستقرار، كما أولى اهتماماً كبيراً بتطوير قطاعات إنتاجية وخدمية متنوعة كالطاقة والسياحة والترفيه والتكنولوجيا، ما ساهم حقاً في تعزيز دور المملكة على الساحة الإقليمية والدولية، وتبوئها مكانة إقليمية وعالمية متقدمة في الوقت الراهن، وهو بدوره ما فتح المجال أمام مؤسسات الدولة السعودية الحديثة، للتعاطي الإيجابي مع الشركات والمؤسسات المناظرة في العالم، من أجل إبرام صفقات قوية، تعود بالدعم والمساندة المالية والخدمية والإدارية لكافة القطاعات، وخاصة القطاعات غير النفطية.
صفقات دفاعية
وبالتدقيق والملاحظة، سنجد أن بدايات هذا العام 2024، شهدت إبرام صفقات سعودية عديدة ومتنوعة المجالات والتخصصات والمصادر؛ فعلى الصعيد العسكري شهد معرض الدفاع العالمي بالمملكة هذا العام، وعلى هامشه، محادثات شراكة وتعاون بين وزارة الدفاع السعودية، ووزارة الدفاع الكورية الجنوبية، تم بمقتضاها الاتفاق على إبرام صفقة بقيمة 3.2 مليار دولار لتصدير صواريخ أرض – جو متوسطة المدى من نوع(تشيونغونغ) M-SAM II إلى المملكة، والتي ستتسلمها الرياض خلال شهر نوفمبر القادم من هذا العام.
ومن جهة أخرى، كانت وكالة التعاون الأمني المندرجة تحت عباءة وزارة الدفاع الأمريكية، قد أشارت خلال شهر أبريل المنصرم، عن موافقة الخارجية الأمريكية على إبرام صفقة بقيمة تزيد على 100 مليون دولار، مع السعودية، لإمداد الأخيرة بأنظمة مراقبة وتوزيع معلومات متقدمة ومتعددة الوظائف، من أجل تعزيز القدرات التتبعية للقوات المسلحة السعودية، وخاصة في مواجهة التهديدات الحدودية والإقليمية، ولدعم الاتصالات التشغيلية المتبادلة بينها وبين القوات الأمريكية المستقرة في الخليج.
وكان معرض الدفاع العالمي الذي تشرف عليه (الهيئة العامة للصناعات العسكرية) في المملكة، والذي أقيمت نسخته الثانية بداية من اليوم الرابع وحتى الثامن من فبراير من هذا العام 2024، وعلى مدار خمسة أيام متتابعة، قد شهد نجاح المملكة في توقيع عقود شراء وصفقات دفاعية عسكرية بقيمة تزيد على 25 مليار ريال سعودي؛ فبحسب ما ذكرته الهيئة، شملت هذه الصفقات أكثر من 60 عقداً للشراء، إضافة لتوقيعات واتفاقيات أخرى زادت على 70 اتفاقية تضمن بعضها إبرام تعهدات مشاركة صناعية بين السعودية والجهات الموقعة على هذه الاتفاقيات، والتي بلغت 17 اتفاقية.
وفي ضوء ما قدمه المعرض من مجموعات متنوعة من النقاشات والعروض التي شارك فيها أكثر من 400 من الوفود الرسمية التي مثلت أكثر من 115 دولة حول العالم، حضرت لتشاهد ما يقدمه 773 عارضاً من أحدث التقنيات الدفاعية في العالم، والتي تغطي قطاعات مختلفة لدفاعات الأمن والفضاء والدفاعات البرية والجوية والبحرية، بحضور ومباركة كبار المسؤولين والخبراء الحكوميين والقادة البارزين في القطاع العسكري الدفاعي على مستوى العالم، برزت أجواء إيجابية مشجعة على عقد المزيد من الصفقات السعودية مع دول العالم في المستقبل القريب.
اقرأ أيضًا: الصناعات العسكرية السعودية نحو المزيد من التوطين.. والرياض حاضنة دائمة لمجتمع الدفاع والأمن الدولي
الطيران المدني
واستكمالاً لصفقات هذا العام السعودية، ساعد ما يشهده قطاع الطيران المدني، من نقلة نوعية في إسهامه الاقتصادي خلال عام 2023 الماضي، والذي زاد على 19.5 مليار دولار بحسب التقارير الصادرة عن الهيئة العامة السعودية للطيران المدني، على المضي قدماً في البحث عن صفقات جديدة لتعزيز هذا القطاع خلال السنوات القادمة، وهو ما أصبحت معه خطوط الطيران السعودية تمتلك أسطولاً يزيد على 140 طائرة، وبالتالي، فقد شهدت الأسابيع القليلة الماضية، وتحديداً في شهر مايو الماضي من هذا العام 2024، وخلال مؤتمر (مستقبل الطيران) المنعقد في الرياض، قيام الخطوط الجوية السعودية بعقد أكبر صفقة تاريخية ونوعية في تاريخ الطيران المدني السعودي، وذلك مع شركة (إيرباص) العالمية، بقيمة تقارب الــ 20 مليار دولار، ستتسلم الهيئة بمقتضاها خلال الفترة من 2026 وحتى 2032، ما يفوق الــ 100 طائرة من بينها أكثر من 90 طائرة من طراز A-321 neo، وأكثر من 10 طائرات أخرى من طراز A-320 neo، وهو ما يعني أن السعودية تتطلع خلال المرحلة القادمة إلى توسيع نطاق هذا القطاع، كيفاً وكماً، وذلك من خلال إنشاء المطارات والبنية التحتية اللازمة، إلى جانب تعظيم أسطوله من حيث عدد الطائرات العاملة ضمن خطوطه ومساراته الحالية والمستقبلية.
صفقات اندماج
ولا تقتصر صفقات المملكة العربية السعودية على نمط الاتفاقيات الدولية الخارجية فقط، في تنمية الاقتصاد الوطني، ولكنها أيضاً تضم إلى جانب ذلك، صفقات تحفيزية داخلية بين الشركات الوطنية بهدف تقويتها وتعزيز مستوياتها من التنافسية وتحقيق النمو والربحية على المدى الطويل، وهو ما تحققه المملكة من خلال تشجيع وتيسير قوانين وتشريعات الدمج بين هذه الشركات، وخاصة تلك التي تعمل في قطاعات واحدة أو متشابهة؛ حيث يؤدي هذا الإجراء إلى تمكين الشركة الموحدة بعد الدمج، من زيادة حصتها السوقية والسيطرة على المزيد من السوق، كنتيجة منطقية لتعزيز القدرة التنافسية وخفض التكاليف التشغيلية والإدارية عبر توحيد العمليات والموارد، وإتاحة العمل في مجالات ومنتجات وخدمات مختلفة، والدخول إلى أسواق جديدة و قاعدة عملاء أوسع، إضافة إلى الاستفادة من اقتصاديات الحجم الكبير في المشتريات والإنتاج والتسويق، وهو ما يساعد مجملاً على تحقيق التكامل والتآزر والانسجام بين الأنشطة المختلفة للشركات.
ولعل أقرب الأمثلة على مثل هذه النوعية من الصفقات، ما تم مؤخراً من عمليات اندماج بين شركات الأسمنت السعودية، والتمهيد مجدداً لعمليات اندماج أخرى طي الدراسة والإعداد، من ذلك مثلاً الصفقة التي أبرمتها (شركة أسمنت القصيم) للاستحواذ على (شركة أسمنت حائل)، وصفقة الاستحواذ الأخرى بين (شركة أسمنت المدينة) و(شركة أسمنت أم القرى)، المعنية بتبادل الأوراق المالية بين الشركتين، هذا إلى جانب أحدث الصفقات التي تمت الموافقة عليها ويجري الإعداد حالياً لاستكمال إجراءاتها، وهي الصفقة التي تتم بين (شركة أسمنت المنطقة الجنوبية)، ثاني أكبر شركات الأسمنت في المملكة بعد شركة أسمنت اليمامة، و(شركة أسمنت ينبع)، بقيمة سوقية تبلغ 9.6 مليار ريال سعودي، وذلك على خلفية رغبة الشركتين ــــ اللتين يمتلك فيهما صندوق الاستثمارات العامة السعودي أكبر الأسهم ـــــــ في خفض تكاليف الإنتاج بعدما زادت أسعار الوقود وتعرضت هوامش أرباح الشركتين لضغوط مالية كبيرة خلال 2024.
اقرأ أيضًا: الاستثمار السعودي الجريء يتصدر قائمة الأكثر استحواذاً على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال 2023
الصفقة الكبرى
وأما ما يخص الصفقة الأمنية والاستراتيجية الكبرى المتوقعة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، والتي أعاقتها الأوضاع المأساوية خلال الحرب المستعرة في قطاع غزة، فإن المؤشرات المتحصلة بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها مستشار الأمن القومي الأمريكي(جاك سوليفان) إلى مدينة الظهران السعودية في التاسع عشر من مايو الماضي 2024، والتقى خلالها ولى العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، تؤكد أن البلدين في طريقهما للاتفاق على إبرام صفقة كبرى، وأنهما قاماً معاً بتجاوز أكثر من 85% من العقبات العديدة التي كانت ماثلة أمامهما في كل حين، وتعوق إتمام الصفقة خلال الأشهر الماضية؛ حيث تصب هذه المؤشرات في سياق إيجابي قوامه الاتفاق المشترك بين الجانبين على المقترحات الخاصة بتعزيز التعاون الثنائي في مجالات الدفاع والطاقة النووية المدنية والتقنيات المستقبلية.
وفي واقع الحال، يُفضي المأزق الأمريكي الراهن، في ظل حالة الانتقاد الدولية الشديدة التي واجهتها إدارة الرئيس المنسحب مؤخراً من السباق الرئاسي الأمريكي (جو بايدن) على خلفية أحداث الحرب في غزة، إلى الدفع السريع باتجاه استعادة التواجد السياسي والاستراتيجي والعسكري الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، قبل أن تتسبب حالة الانكماش الأمريكية في هذه المنطقة، في حدوث تداعيات غير مأمونة العواقب على مستوى توازن القوى الدولية والعالمية في حضور منافسين كثر لواشنطن يعملون بجد على توظيف هذا الانكماش لصالحهم مثل روسيا والصين وغيرهما، ومن ثم، فإن المملكة العربية السعودية، شاءت واشنطن أم أبت، ستكون هي الملاذ الأنسب للإدارة الأمريكية الديمقراطية الحالية ــ إذا فازت كمالا هاريس في الانتخابات الرئاسية الجديدة ـــ ولأي إدارة أمريكية جديدة مهما كانت توجهاتها، لتحقيق دور أمريكي فاعل في المنطقة والعالم، وهذه ليست مبالغة، ولكنها مقاربة حقيقية من وجهة نظر مصالحية مجردة وواقعية.. فكيف ذلك؟
تشير التحليلات العامة الدائرة حول هذه الصفقة المتبادلة والمحتملة بين واشنطن والرياض، إلى مكاسب أمريكية عديدة من ورائها؛ ففي مقابل حصول السعودية على الدعم الأمني الأمريكي وعلى التقنية النووية السلمية وما عداها من تقنيات أخرى معززة للردع السعودي العسكري تجاه الخصوم المحتملين في المنطقة وفي مقدمتهم إيران، فإن الولايات المتحدة الأمريكية من جانبها، ستعزز وضعية الجيش الأمريكي من خلال ما تمنحه هذه الصفقة للقوات الأمريكية من تسهيلات عملياتية واستراتيجية في المنطقة، تستطيع عبرها امتلاك التفاعل المنهجي براً وبحراً وجواً مع القوات المسلحة السعودية، وهو ما يمنح المخططين الاستراتيجيين في البنتاغون ميزات إضافية في المنطقة سيتعين توظيفها لتعزيز المصالح الأمريكية ضد المنافسين الدوليين المشار إليهم، إلى جانب ما ستقدمه الشراكة الأمنية مع السعودية من تذليل صعوبات كثيرة تواجهها الولايات المتحدة، لعل أهمها تذليل الصعوبات المتعلقة بالديناميكية الدولية الراهنة بين الغرماء في ظل تشكيل الوضع العالمي المضطرب، والذي يقتضي من وجهة نظر الاستراتيجية الأمنية الأمريكية، تواجداً عسكرياً أمريكياً أكثر انتشارا في الشرق الأوسط، ليكون الوضع الدولي والإقليمي أكثر أماناً واستقراراً.
وعلى مستوى المنافسة الكلاسيكية بين أمريكا من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى، جنباً إلى جنب مع الاعتبارات الخاصة بتداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا، ستقدم الصفقة للولايات المتحدة الأمريكية ضمانات مطمئنة، يتم بموجبها التزام المملكة العربية السعودية بالاستمرار في ضخ النفط بمستويات مقبولة إلى الداخل الأمريكي، وهو ما يساعد الولايات المتحدة الأمريكية على مواجهة التضخم المحلي في عموم المدن والمقاطعات الأمريكية، كما ستستفيد واشنطن أيضاً من هذه الصفقة، على مستوى تقليص النفوذ الطاقي لروسيا (منتج النفط الرئيسي) في حربها على أوكرانيا؛ حيث من المتوقع أن تفضي الصفقة إلى موازنات سعودية جديدة ستراعي فيها الرياض حلفها مع واشنطن، وبالتالي ستتغير أصول الاستراتيجية السعودية النفطية وفقاً للمصالح المشتركة، وهذا أمر طبيعي ووارد بقوة حال إتمام الصفقة، وهو ما ستضمنه القدرة النفطية للمملكة من حيث التأثير الضخم في أسواق الطاقة العالمية، باعتبارها ثاني أكبر منتجي النفط في العالم (11% من حجم الإنتاج النفطي العالمي)، وعبر طاقتها الإنتاجية النفطية التي تتجاوز 10 ملايين برميل يوميا، في حين ستقتضي الصفقة، بالنسبة للصين، انكماشاً سعودياً واستراتيجياً متدرجاً تجاهها، وعلى وجه الخصوص، من حيث حجم الاستثمارات السعودية هناك، وأيضاً من حيث حجم التعاون في مجال التكنولوجيا الفائقة والدفاع.
احتمال راجح
وبعد، إن الآفاق المستقبلية القريبة تنفتح شيئاً فشيئاً نحو الانتهاء من إبرام الصفقة الأمنية الكبرى بين واشنطن والرياض، ورغم معوقات الوضع في غزة، إلا أن إمكانية قيام البلدين بتجاوز شرط التطبيع مع إسرائيل، أصبح وارداً بقوة أكثر من أي وقت مضى، خاصة في ظل تحولات محتملة في السياسة الإيرانية تجاه المنطقة، وازدياد حجم الضغوط الاقتصادية على الداخل الأمريكي، والرغبة المشتركة بين واشنطن والرياض، في تحقيق تعاون جاد وفعال لحسم الملفات العالقة في المنطقة والعالم، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وحل الدولتين، والضغط في اتجاه التضييق على روسيا لإنهاء حربها في أوكرانيا، إلى جانب التضييق عليها أيضاً عبر تفكيك تحالفات بريكس المتنامية، قبل استفحال خطرها على الاقتصاد والوجود الاستراتيجي الأمريكي في المنطقة والعالم، وعليه يمكن أن تكتسب المملكة العربية السعودية، حصانة أمنية أكبر في المنطقة، إلى جانب مكاسبها الأخرى الكبيرة على مستوى التوسع الاقتصادي والاستثماري، وانفتاح قواها الناعمة على مزيد من الدبلوماسية الفاعلة في مجمل القضايا الإقليمية والدولية، وليصبح عام 2024 هو عام الصفقات السعودية الرابحة بامتياز. على أنه يجب لفت الانتباه هنا، إلى أنه في حال فوز المرشحة الأمريكية الجديدة (كمالا هاريس) بالولاية الرئاسية القادمة في البيت الأبيض، فسيكون من المتوقع استغراق وقت أطول نسبياً لإتمام الصفقة الكبرى مع الرياض، ريثما تستطيع هاريس الإلمام الكامل بوضعيتها في المنصب الجديد وغير المسبوق كأول امرأة تشغل هذا المنصب، ولكن على كل حال، لم يعد أمام الولايات المتحدة في كل الأحوال إلا العمل الجاد على إتمام هذه الصفقة كضرورة من ضرورات عودتها الحميدة إلى التواجد والحضور الفاعل في قضايا المنطقة خلال العقد القادم.
اقرأ أيضًا: الاقتصاد السعودي يسجل نمواً لافتاً في القطاع غير النفطي بنسبة 4.4%