لم تساهم رؤية 2030 التي أطلقتها السعودية في العام 2016 في تنويع الاقتصاد الوطني فقط، بل ساهمت أيضاً بإطلاق خطط نوعية شاملة في مختلف القطاعات الحيوية داخل المملكة، بهدف الاستفادة من الإمكانات المتاحة بأقصى طريقة ممكنة، ولعلّ مشروع تحلية المياه المالحة باستخدام الطاقة الشمسية أبرز المشاريع التي تربط بين الحاجة الاقتصادية والطاقة النظيفة.
ويعدّ مشروع تحلية المياه المالحة باستخدام الطاقة الشمسية، أحد المشاريع الرائدة على مستوى المنطقة، والواعدة في النتائج المتوقعة منه، بما ينسجم مع أفكار رؤية 2030.
ويعتمد المشروع الذي دشّنه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في العام 2018 على الطاقة النظيفة، ويهدف للتقليل من الانبعاثات الكربونية، كما يُسهم في دعم الاقتصاد الوطني من خلال تقليل التكاليف الناتجة عن إعادة توجيه الطاقة الطبيعية لبيعها في الأسواق العالمية لزيادة الدخل المحلي.
كما يعتمد المشروع على تقليل التأثير البيئي إلى الحدود الدنيا من خلال إزالة نسب عالية من الانبعاثات الكربونية، الناتجة عن عمليات التحلية والتبريد والتكييف وإنتاج الطاقة المعتمدة في الأساليب التقليدية لتحلية المياه المالحة.
أهداف المشروع
تقع محطة تحلية مياه البحر المالحة بالطاقة الشمسية في “الخفجي”، شرقي مدينة الخفجي بالمنطقة الشرقية على ساحل الخليج العربي، بالقرب من الحدود السعودية – الكويتية.
وتسعى المملكة من خلال هذا المشروع إلى تحقيق عدد من الأهداف؛ أبرزها: الوصول إلى مستوى الريادة العالمية في مجال تحلية المياه بالطاقة الشمسية، وتخفيف الضغط على المصادر النفطية الطبيعية للمملكة، كما يهدف المشروع إلى المساهمة في رفع جودة الحياة وتخفيف الانبعاثات الضارّة.
إضافة إلى ذلك يهدف المشروع إلى نقل وتوطين التقنيات المتطورة لأغشية التناضح العكسي والخلايا المركّزة والأسطح الطاردة للغبار، والتي تعدّ الأجزاء الرئيسية من مكونات مشروع تحلية المياه باستخدام الطاقة الشمسية.
ويساهم المشروع في تعزيز “الأمن المائي” في السعودية، من خلال تلبية احتياجات المملكة ومدنها من المياه المحلاة.
ونجح المشروع منذ إنجازه بتحلية 7 ملايين متر مكعب من المياه المالحة، وتخفيض تكلفة تحلية المياه للمتر المكعب الواحد بنسبة 40%، وزيادة قدرة التحلية اليومية إلى 90 ألف متر مكعب، وإزاحة 14 ألف طن من الانبعاثات الضارّة، وتوفير 1.1 مليون برميل نفطي، كان من الممكن استخدامها في وسائل التحلية التقليدية لإنتاج هذه الكميات من المياه.
مكونات المشروع
يتكون مشروع تحلية المياه من محطتين؛ الأولى لتحلية المياه باستخدام تقنيات التناضح العكسي، والثانية لإنتاج الطاقة الكهربائية باستخدام الألواح الكهروضوئية الشمسية.
وفيما يتعلق بمحطة التناضح العكسي، فهي تعتمد على تقنيات طوّرتها مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، تساعد على تحلية المياه بكفاءة أعلى وتكلفة أقل، حيث تبلغ سعة التحلية في المحطة 60 ألف م3 في اليوم الواحد، وهذه الكمية قابلة للزيادة إلى 90 ألف م3 من المياه يومياً.
وتزوّد محطة الطاقة الشمسية في المشروع محطة التحلية المركزية بعشرة ميغاواط من الكهرباء يومياً.
ويتصل بالمشروع الرئيسي لتحلية المياه 5 مشاريع فرعية، هي: مشروع تحلية المياه متناهية النقاوة، باستخدام تقنيات التناضح العكسي متعددة المراحل، ومشروع الخلايا الشمسية المركزة عالية الكفاءة، ومشروع العدادات الذكية والعواكس الكهربائية المركزية للربط الشبكي الكهربائي، ومشروع الأسطح النانوية الطاردة للغبار لحماية أسطح الألواح الشمسية، ومشروع تطوير خط إنتاج الخلايا والألواح الشمسية.
وبالتوازي مع سعيها لتخفيف الاعتماد على النفط، فإن المملكة العربية السعودية تعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي في قطاعات حيوية عديدة، مما يجعل اقتصادها أكثر مرونة وحيوية وقدرة على الوصول إلى مرحلة الريادة العالمية تماشياً مع رؤية 2030.
اقرأ أيضاً: سيتي هب مشروع ترفيهي متنقل على مدار العام