أصبح عالم مستحضرات التجميل جزءاً من حياة النساء والرجال على حدّ سواء، خاصة مع تأثير وسائل التواصل الاجتماعي التي زادت من الوعي بأهمية العناية بالبشرة والحفاظ على نضارتها بطرق طبيعية بعيداً عن الجراحات التجميلية وحقن الفيلر والبوتوكس. ومع هذا التوجه نحو الجمال الطبيعي، بدأت الكثير من الشركات تقدم المواد الفعّالة في عبوات وكبسولات بسيطة. لكن مع تعرض هذه المكونات لعوامل مثل الأكسدة والضوء والحرارة، تفقد كثير من المواد فعاليتها، فلا تعطي النتائج المتوقعة، وأحياناً قد تؤدي إلى نتائج عكسية أو لا تُحدث أي تغيير يُذكر على البشرة.
وللتغلب على هذه المشكلة، تم اللجوء إلى الأبحاث العلمية وتطبيق أحدث تقنياتها في عالم العناية بالبشرة. فتعد تقنية تغليف المكونات النشطة داخل كبسولات دقيقة من أحدث الاختراعات التي غزت المنتجات التجميلية. وتعمل هذه الكبسولات بدورها على الحفاظ على المواد النشطة، مما يساعدها على التغلغل بعمق في طبقات الجلد ويجعل تأثيرها يدوم لفترة أطول.
وأتت هذه التقنية كاستجابة لهشاشة وحساسية المواد النشطة التي تتميز بعناصرها الفعالة مثل تركيبات الفيتامين C، والريتينول، والبيبتيدات، إذ تفقد هذه المواد جزءاً كبيراً من فعاليتها عند تعرضها للهواء أو الضوء أو الحرارة. وهنا يأتي دور تقنية التغليف التي تعمل كواقٍ قوي ضد هذه العوامل، وتحتفظ بالمادة الفعالة داخل كبسولة صغيرة حتى تصل إلى البشرة. حيث تساهم هذه الطريقة في تعزيز استقرار المكونات وتحسين امتصاصها، كما تتيح إطلاقها تدريجياً لتقليل التهيج المفاجئ ومنح البشرة فاعلية تدوم أطول ونتائج أكثر توازناً.
تقنية معتمدة وواعدة
تبنت المختبرات التجميلية العالمية هذه التقنية المتطورة بشكل واسع نظراً لفعاليتها في الحفاظ على المنتجات. أما عن آلية هذه التقنية فيمكن أن تتوضح بالمثال التالي:
تُستخدم تقنية التغليف لإيصال الريتينول إلى أعماق البشرة تدريجياً، أو لإطلاق حمض الهيالورونيك في ساعات محددة مثل الرابعة فجراً، حين تكون البشرة في أعلى مستويات قدرتها على الامتصاص.
تقوم هذه التكنولوجيا على مبدأ أن للبشرة إيقاعها الحيوي الخاص، وهو مفهوم يرتبط بما يُعرف بـ علم “كرونوبيولوجيا الجلد”، وليس مجرد فكرة تسويقية. لذلك، تسعى أنظمة التغليف الحديثة إلى التوافق مع هذا الإيقاع البيولوجي، من خلال إيصال المكونات النشطة المناسبة في اللحظة التي تحتاجها البشرة فعلاً. ففهم هذا الإيقاع وتلبية احتياجات البشرة في وقتها المثالي يساهم في معالجة الكثير من مشاكلها بفعالية.
تُعد تقنية التغليف الدقيقة هذه من الابتكارات الأساسية في عالم العناية بالبشرة، إذ إنها غير مرئية وفائقة الدقة، وتعمل على حماية المكونات الحساسة وإطلاقها في الوقت الأمثل لضمان فعاليتها القصوى. ويُظهر هذا التقدم أن العناية الحديثة بالبشرة لم تعد تقتصر على التركيبات الجذابة فحسب، بل أصبحت تقوم على علم دقيق وفهم عميق لاحتياجات الجلد.
توقعات بارتفاع حجم سوق المكونات النشطة مع عام 2030
مع تنامي سوق المكونات النشطة في عالم العناية بالبشرة، من المتوقع أن يصل حجم إيراداتها إلى 5.5 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030، وفقاً لتقرير صادر عن Research and Markets.
تشير المكونات النشطة إلى المواد أو المركّبات سواء كانت طبيعية أو كيميائية، إلى المواد التي تعمل على علاج مشكلة محددة داخل منتجات العناية بالبشرة، وتُستخدم لمعالجة مشاكل مختلفة مثل الجفاف، والدهون الزائدة، والأكزيما، وعلامات التقدم في العمر كالتجاعيد والخطوط الدقيقة.
تدخل هذه المكونات في تركيبة العديد من منتجات التجميل مثل منظفات البشرة، والمرطبات، والأمصال، وأقنعة الوجه، وواقيات الشمس، حيث تختلف تراكيزها وتأثيراتها بحسب الغرض من الاستخدام.
ومن بين أشهر المكونات النشطة:
الريتينول: المشتق من فيتامين (أ)، ويُستخدم لمكافحة الشيخوخة المبكرة من خلال تحفيز تجدد الخلايا وتحسين مظهر البقع والتصبغات.
السيراميدات: وهي أحماض دهنية طبيعية تشكل جزءاً من حاجز البشرة، وتعمل على الحفاظ على ترطيبها ومنع فقدان الماء.
أحماض ألفا هيدروكسي (AHAs) مثل حمض الجليكوليك واللاكتيك، تستخلص من الفواكه والحليب، وتُستخدم لتقشير البشرة بلطف وتحسين ملمسها وتقليل التصبغات.
أحماض بيتا هيدروكسي (BHAs) التي تساعد على تنظيف المسام والتقليل من الشوائب.
النياسيناميد، حمض الهيالورونيك، فيتامين C، والبنزويل بيروكسايد، ولكل منها دور محدد في تحسين مظهر البشرة ومعالجة مشاكلها.
وبحسب البيانات فإن السوق العالمية لمكونات مستحضرات التجميل عموماً ستصل إلى 28.5 مليار دولار بحلول عام 2030، تمثل فيها المكونات النشطة نحو 30% من إجمالي السوق.
أما الصين، التي تعد ثاني أكبر اقتصاد عالمي، فيتوقع لها حصة سوقية تبلغ نحو 648.7 مليون دولار في مجال المكونات النشطة لمستحضرات التجميل بحلول عام 2030، مع معدل نمو سنوي مركب يصل إلى 7.2%.
وتشمل أبرز الشركات العالمية العاملة في هذا المجال:
Ashland، Symrise، BASF، Clariant، Croda International، Evonik، Givaudan، Gattefossé SAS، Lonza، Lucas Meyer Cosmetics، Seppic SA by IFF، Nouryon.
باختصار، مع تطور سوق المكونات النشطة وتقدّم طرق استخدامها، تظهر مستحضرات تجميلية جديدة قادرة على معالجة مشاكل البشرة المختلفة بفعالية واضحة. ويبقى عالم العناية بالبشرة مشوق ومتجدد دائماً، فكل ابتكار جديد يذكرنا بأن العناية بالبشرة ليست مجرد مظهر جميل، بل علم وفن يجتمعان لإعطاء أفضل النتائج.
اقرأ أيضاً: ما هو ترتيب منتجات العناية بالبشرة؟

