في لحظة فارقة من تاريخ «الشرق الأوسط»، اهتزت الأرض تحت وقع قصف إسرائيلي مفاجئ استهدف مواقع نووية إيرانية، مما أشعل فتيل أزمة إقليمية تهدد بتغيير معالم المنطقة. وفي خضم هذا التوتر، تأجل مؤتمر الأمم المتحدة الذي كان يهدف إلى إحياء «حل الدولتين» بين «إسرائيل» والفلسطينيين، والذي كان من المقرر أن يُعقد في نيويورك بين 17 و20 يونيو 2025، بسبب تصاعد الأوضاع الأمنية واللوجستية. والسعودية، التي كانت تشارك في تنظيم هذا المؤتمر بالتعاون مع فرنسا، وجدت نفسها في قلب الأحداث، متخذة مواقف حاسمة ومبادراً إلى جهود دبلوماسية مكثفة لاحتواء الأزمة.. إليكم ما حدث بعد ضرب طهران!
ردود الفعل السعودية على ضرب طهران
في الساعات الأولى من صباح الجمعة 13 يونيو 2025، شنت «إسرائيل» هجوماً جوياً واسعاً على مواقع نووية وعسكرية إيرانية، أسفر عن مقتل عدد من كبار المسؤولين العسكريين والعلماء النوويين الإيرانيين، بالإضافة إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى المدنيين. والعملية، التي أُطلق عليها اسم «الأسد الهادر»، أثارت موجة من الاستنكار الدولي، بما في ذلك من الدول العربية، وعلى رأسها السعودية.
فالسعودية كانت من أوائل الدول التي أدانت هذا الهجوم، حيث وصفته بـ «الاعتداء السافر» واعتبرته «انتهاكاً صارخاً للسيادة الإيرانية وخرقاً للقانون الدولي». وفي خطوة دبلوماسية لافتة، أجرى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث شدد الجانبان على ضرورة ضبط النفس واللجوء إلى الحلول الدبلوماسية، رغم أن الأخير أعلن دعمه المباشر لضربات كيان الاحتلال.
علاوة على ذلك، قام وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، بإجراء اتصالات مع العديد من الدول منها النرويج وإيطاليا وفرنسا، مؤكداً على أهمية التنسيق المشترك لاحتواء التصعيد وضمان استقرار المنطقة.
تأجيل مؤتمر «حل الدولتين»
كان من المقرر أن يُعقد مؤتمر الأمم المتحدة في نيويورك في الفترة من 17 إلى 20 يونيو 2025، بهدف وضع خارطة طريق لحل الدولتين بين «إسرائيل» والفلسطينيين. لكن تم تأجيل المؤتمر بسبب الأوضاع الأمنية واللوجستية المعقدة الناتجة عن الهجوم على إيران.
والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي كان من المقرر أن يشارك في المؤتمر، أعلن عن تأجيله، مؤكداً أن «هذا التأجيل لا يُقلل من عزمنا على المضي قدماً في تنفيذ حل الدولتين، مهما كانت الظروف». وأشار إلى أن المؤتمر سيُعقد في أقرب وقت ممكن، وأنه بصدد التنسيق مع ولي العهد السعودي لتحديد موعد جديد.
من جانبها، أكدت السعودية التزامها الثابت بحل الدولتين، وأعربت عن أملها في أن يُسهم المؤتمر المرتقب في تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة.
اقرأ أيضاً: السعودية تطالب المجتمع الدولي بتجسيد «حل الدولتين» واقعيّاً
الجهود السعودية لاحتواء التصعيد
وفي إطار سعيها لاحتواء التصعيد، بادرت السعودية إلى عدة خطوات دبلوماسية هامة بدأت إدانة الهجوم الإسرائيلي، حيث أصدرت وزارة الخارجية السعودية بياناً رسمياً أدانت فيه الهجوم الإسرائيلي على إيران، ثم أجرت اتصالات دبلوماسية مكثفة، حيث أجرى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اتصالات مع عدد من القادة الدوليين، بما في ذلك الرئيس الأمريكي دونالد وأكّد على ضرورة ضبط النفس واللجوء إلى الحلول الدبلوماسية.
كذلك، قام وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، بإجراء اتصالات مع نظرائه العرب في مصر والأردن وقطر، مؤكداً على أهمية التنسيق المشترك لاحتواء التصعيد وضمان استقرار المنطقة.
لاحقاً، دعت السعودية إلى عقد مؤتمر طارئ لبحث سبل تهدئة الأوضاع في المنطقة، وضمان عدم تفاقم الأزمة إلى حرب شاملة، وأكدت السعودية على أهمية تعزيز التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات المشتركة، بما في ذلك مكافحة الإرهاب والتطرف، وضمان أمن واستقرار المنطقة.
تداعيات ضرب طهران على أسواق النفط
هذا وأثارت الهجمات «الإسرائيلية» على إيران مخاوف من تأثيرات سلبية على أسواق النفط العالمية، خاصة في ظل التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز، الذي يُعد شرياناً حيوياً لنقل النفط. وقد أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار النفط بشكل ملحوظ، حيث سجل خام برنت زيادة بنسبة 13%، مما أثار قلقاً عالمياً من حدوث اضطرابات في إمدادات الطاقة.
وفي هذا السياق، أكدت السعودية على استعدادها لزيادة إنتاجها النفطي لتعويض أي نقص محتمل في الإمدادات، وذلك بالتنسيق مع الدول الأعضاء في «أوبك+»، لضمان استقرار الأسواق وحماية الاقتصاد العالمي من تداعيات الأزمة.
ختاماً، تُظهر الأحداث الأخيرة أن السعودية تُواصل لعب دورها القيادي الذي تسعى إليه في المنطقة، ساعيةً إلى تحقيق الاستقرار والأمن الإقليميين من خلال الدبلوماسية والتعاون الدولي. ورغم التحديات الراهنة، تظل المملكة ملتزمة بمبادئها الثابتة في دعم حقوق الشعوب العربية والإسلامية، وتعزيز السلام العادل والشامل في المنطقة.