تتمتع السعودية بتصنيف دولي ضمن أكثر الشعوب الفتية في العالم، وكما كل بقاع الأرض التي تأثرت بالثورة التكنولوجية كذلك حصل مع الشباب الفتي الذي حمل مسميين الأول هو جيل رؤية 2030 والثاني أنه جزء من جيل زد (Gen Z)، والذي يبقى مثيراً للجدل بين أوساط الأجيال السابقة.
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أنّه ومع بلوغ السعودية العام 2030 سيكون عدد المواطنين السعوديين من جيل زد في سوق العمل أكثر من 5 ملايين، والأرقام الحالية تقترب من ثلاثة ملايين، فالسؤال المشروع ضمن هذا الإطار ما هي عيوب هذا الجيل أو الاعتراضات التي يتلقاها وكيف يدافع هو عن نفسه.
في البداية ولتوضيح المفهوم جيل زد هم الأفراد المولودون بين عامي 1997 و2015، ميزتهم الرئيسة قوة الشخصية والاندفاع والحماس وتمكنهم من أدوات ووسائل التكنولوجيا بشكل عام، ويصفهم البعض أنه جيل خلق وبيده آي باد وآيفون.
و يرد ليث الزعبي الخبير في مواقع التواصل الاجتماعي والتسويق والمنتمي لجيل زد عبر مقابلة تلفزيونية على الانتقادات الموجهة لهذا الجيل بالكسل واستخدامه المفرط للشاشات، بأنه جيل عندما جاء إلى الحياة لم يجد أمامه سوى الشاشات، وقضى أغلب وقته في استخدامها والتعرف على محتوياتها ليمتلك لغتين الأولى تكنولوجية والأخرى إعلامية تساعده في التعبير عن نفسه وتوضيح أفكاره والنقاش بسلاسة ووضوح.
وفي ذات السياق إنّ هذا الجيل يراكم خبرة في استخدام الأجهزة التكنولوجية منذ أن فتح أعينه على الحياة وبالتالي عندما أصبح شاباً وصل إلى الإتقان في كل شيء، سواء لناحية كيفية توصيل الرسائل وصولاً إلى التعامل مع العالم، وبالتالي الإنجاز الأكبر لهؤلاء الشباب هو المهارات المتينة.
اقرأ أيضاً: برنامج تطبيقات الويب: بناء جيل واعد من المبرمجين السعوديين
من جانب آخر تستمر الإدانات من الأجيال السابقة ولاسيما الجيل الذي ينتمي له أهل جيل زد أو ما يسمى بجيل الألفية (Gen Y) وهم الأشخاص الذين أبصروا النور في الفترة مابين 1981 و1994، وأبرز سمة لهذا الجيل أنه عصامي وعايش مرحلة الانتقال والطفرة التكنولوجية في العالم.
ومن الاتهامات التي يتلقاها أبناء زد، أنهم يتمتعون بالهشاشة لدرجة الميوعة وعدم امتلاكهم للحزم، وأنه جيل غارق في وسائل التواصل الاجتماعي، لكن في الواقع وبحسب ما يرى الخبراء، أن هذا الجيل قادر على اتخاذ القرار أكثر من الجيل السابق، ويتمتع باستقلالية كبيرة، في حين أنّ جيل الألفية كان يلتزم بالعادات والتقاليد في المجتمع، وينفذ توجيهات الأهل بحذافيرها.
وفي توضيح لحالة جيل زد في هذا الإطار ترى الأخصائية الاجتماعية لمى الصفدي أنّ استقلالية الجيل الجديد نابعة من كم المعلومات الهائل المتوفر أمامه، والذي أعطاه الفرصة حتى يكون منفتحاً على العالم أكثر في مقابل الانسلاخ عن العائلة والقبيلة والمجتمع وحتى المدينة، فهم جيل عالمي الانتماء.
اقرأ أيضاً: الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي «إبداع 2025»
وفي سياق منفصل هناك مجموعة من السلبيات المحيطة بهذا الجيل وأبرزها، حالة التشتت الكبير الذي يعصف بهم لناحية التدفق المعلوماتي الكبير، بالإضافة إلى تغير الخصائص النفسية والشخصية لأهاليهم أيضاً، فيشعر الجيل بالانفصال والقدرة على تحمل المسؤولية واتخاذ القرار بنسبة أكبر، وحدث تطور جديد في العلاقة، إذ أصبح الأهل يتعلمون من أبنائهم ويتغيرون بناء على تجاربهم.
ومن الأمور التي تؤرق الجيل الجديد أنّ الأجيال الأكبر تشكك دوماً بمصداقيتهم، ويفتقرون للثقة بكلامهم وآرائهم، ولكن ميزة إيجاد الحلول لا تغيب عن أفراد جيل زد، إذ تعود أبناء الجيل الجديد أن يؤيدوا آراءهم وأفكارهم بالدلائل والبراهين، وتصالحوا مع فكرة التشكيك بأن جميع الأجيال السابقة كانت تعرضت لهذا النوع من التشكيك من الأجيال التي سبقتها، لكن ميزة الجيل المرن أنّه تعلّم كيف يبني مصداقية لنفسه تحول دون تعرضه لأدنى تشكيك، في أي قرار أو فكرة أو مقترح يقدمه، كي يتجاوز عبارة هل أنت متأكد، أو ما الدليل على ذلك؟
ومن الحلول التي يقترحها الخبراء لدمج جيل زد في المجتمع وبيئة العمل إلى جانب الأجيال السابقة، العمل على صياغة لغة مشتركة تحقق التوافق بين الأجيال، لأنّ الاغتراب الحاصل حالياً لا يصب في مصلحة أحد، فحالة اللوم أو الدفاع عن النفس تستنزف الكثير من الطاقة.
وفي سياق مواز حقق جيل زد من السعوديين والعرب موقفاً لافتاً من القضايا الكبرى، لاسيما الحرب على غزة من خلال التحرك والرفض والتأسيس لحملات تبرع والعمل على إيصالها لأهالي القطاع المحاصر في مخاطرة أذهلت العالم، الأمر الذي يجيب عليه أبناء هذا الجيل بأنهم يمتلكون الوعي الكافي لإدراك القضايا الكبرى ومسؤولية التحرك دون خوف فهم قادرون على المغامرة فليس هناك ما يمنعهم كامتلاك أسرة وأولاد.
اقرأ أيضاً: المؤتمر الدولي لسوق العمل 2025