تبدأ مدارس المملكة العربية السعودية رحلة تعليم اللغة الصينية رسمياً خلال الأيام المقبلة، لصفوف الدراسة المتوسطة الأولى، وتنظم وزارة التعليم لقاءً تعريفياً يمتد لأسبوع، للمعلمين الصينيين الذين وصلوا حديثاً إلى المملكة، بهدف تعريفهم بمهامهم خلال العام الدراسي الحالي.
يشمل اللقاء مجموعة من ورش العمل لتعريفهم بنظام التعليم السعودي، إضافة إلى زيارات ميدانية للمعالم الثقافية والحضارية البارزة في المملكة.
كما يتضمن فعاليات تهدف إلى تعريف المعلمين الجدد بالثقافة السعودية، بالتعاون مع المشروع الوطني “سلام” للتواصل الحضاري، فضلاً عن تنظيم جولات سياحية.
تدريس اللغة الصينية في المملكة
وبالنسبة لمقرر اللغة الصينية، سيبدأ تدريسه في عدد من المدارس ضمن ست إدارات تعليمية، تشمل الرياض، ينبع، المنطقة الشرقية، جدة، جازان، وتبوك، ويأتي ذلك تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في مارس 2023، الذي أقر تعليم اللغة الصينية كلغة ثالثة إلى جانب العربية والإنجليزية في المدارس.
وللجامعات السعودية حصة أيضاً في دخول عالم اللغة الصينية، فقد احتفلت كلية اللغات بجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن مؤخراً بتخريج أول دفعة طالبات حصلن على درجة البكالوريوس في برنامج “اللغة الصينية” من قسم اللغات الآسيوية.
ووفقاً لتقارير سعودية، يعد تدريس اللغة الصينية جزءاً من استراتيجية تتبناها السعودية لتعزيز علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع الصين، ويأتي هذا التوجه في إطار خطة المواءمة التي تربط بين رؤية المملكة 2030 الطموحة، ومبادرة الحزام والطريق الصينية.
اقرأ أيضاً: دليلك لأفضل المدارس العالمية في الرياض
بدايات فكرة تدريس اللغة الصينية في السعودية
تعود بدايات هذه الفكرة إلى فبراير 2019، خلال زيارة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى الصين، وخلال هذه الزيارة المهمة، أعلن ولي العهد عن خطة لإدراج اللغة الصينية كمادة دراسية في جميع مراحل التعليم، بدءاً من المدارس ووصولاً إلى الجامعات.
لم تستغرق جامعة الملك سعود وقتاً طويلاً لتبادر في هذا الأمر، إذ قامت في العام ذاته بتوقيع اتفاقية مع معهد كونفوشيوس لإنشاء قسم لتعليم اللغة الصينية، وقد شجعت هذه الخطوة جامعات سعودية عديدة، على إضافة قسم اللغة الصينية في كلياتها، إلى جانب اللغات الأخرى.
ومنذ عام 2020، تنفذ وزارة التعليم التوجهات الجديدة المتعلقة بتعزيز تعلّم اللغة الصينية، إذ بدأت بتدريس اللغة في ثماني مدارس ثانوية للبنين، وقد أُدرِجت اللغة الصينية حينها كمادة اختيارية، ما أتاح للطلاب فرصة التسجيل فيها بناءً على رغبتهم.
ومع مرور الوقت، تزايد الاهتمام بتدريس اللغة الصينية في المملكة بشكل ملحوظ، ففي ديسمبر 2021، توسع نطاق تدريس اللغة الصينية ليشمل أكثر من 700 مدرسة ثانوية على مستوى البلاد.
ولتطوير هذا الأمر، تأتي مذكرة تفاهم بين وزارتي التعليم في البلدين في ديسمبر 2022، والتي تشتمل على مجموعة بنود هدفها دعم تدريس اللغة الصينية في المملكة.
اقرأ أيضًا: اللغة الصينية تفتح آفاقاً جديدة للشباب في المملكة العربية السعودية
من أهم البنود توفير المقررات التعليمية، بما في ذلك المواد السمعية والبصرية، وإرسال معلمين صينيين متخصصين لتدريس اللغة الصينية في مدارس التعليم العام.
تشمل البنود أيضاً إعداد معلمين سعوديين وتدريبهم على تعلم اللغة الصينية، من خلال برامج تدريبية مكثفة لتنمية قدراتهم اللغوية وتعزيز مهاراتهم في تدريس اللغة.
إضافة إلى توطين الاختبار القياسي للغة الصينية وإتاحته في مؤسسات التعليم العالي داخل المملكة، بهدف تسهيل عملية تقييم مستويات اللغة الصينية للطلاب داخل المملكة.
إلى جانب ذلك، ستتاح فرص دراسية للطلاب السعوديين الذين يرغبون في استكمال دراستهم وتعلم اللغة الصينية بعد إتمام مرحلة التعليم العام.
إذ ستتوفر هذه الفرص في مؤسسات التعليم العالي الصينية، ما يمنح الطلاب السعوديين الفرصة لاكتساب تجربة تعليمية وثقافية غنية في الصين، ويعزز من التبادل الثقافي والعلمي بين البلدين.
ويستمر الاهتمام في هذا الأمر عاماً بعد عام، ففي بداية عام 2023 صوّت مجلس الشورى بالموافقة على مشروع مذكرة تعاون بين وزارتي التعليم في البلدين لتعليم اللغة الصينية، وأيضاً في مارس 2023، وافق مجلس الوزراء على مذكرة تعاون لتعليم اللغة الصينية بين وزارة التعليم ونظيرتها في الصين.
كما أعلنت وزارة التعليم في نوفمبر 2023 عن فتح باب التقديم للابتعاث لدراسة اللغة الصينية، موجهة الدعوة للمعلمين والمعلمات الراغبين في الحصول على درجة الدبلوم العالي أو الماجستير في تدريس اللغة الصينية.
وفي تطوّر لافت، سجلت جامعة جدة في فبراير 2024 سابقة كأول جامعة تعتمد اللغة الصينية في موقعها الإلكتروني إلى جانب العربية والإنجليزية، بهدف تعزيز جسور التواصل الثقافي بين المجتمعات العالمية.
كانت هذه أهم محطات تطوّر خطة تدريس اللغة الصينية في السعودية حتى الآن، ومن الجدير بالذكر أن الصين هي الشريك الاقتصادي الأكبر بالنسبة للمملكة، كما أنها ثاني أكبر اقتصادات العالم.
وسيمنح تعلّم اللغة الصينية للطالب السعودي ميزة تنافسية كبيرة، تتيح له الاستفادة من الفرص الاقتصادية في الصين، في مجالات التجارة أو السياحة.
هذا وتسعى المملكة إلى الاستفادة من هذه العلاقة الاستراتيجية في المستقبل، خاصة في قطاع السياحة، من خلال استهداف جذب 20 مليون سائح صيني.
في الختام، على الرغم من أن اللغة الصينية من أصعب اللغات في العالم، إلا أن هذا لم يكن عائقاً أمام الطلاب السعوديين، الذين أبدوا اهتماماً كبيراً بتعلم هذه اللغة المهمة، والتي ستأتي بمنافع على المستويات كافة.
اقرأ أيضًا: منحة جامعة الأميرة نورة فرصة ذهبية لغير السعوديات