صناعة الأفلام في السعودية، تحولت من تجربة ناشئة إلى سوق سينمائي متكامل يجذب الاستثمارات والمواهب. ومع التوسع في دور العرض ودعم الحكومة للمنتجين والمخرجين الشباب، أصبحت البلاد مركزاً إقليمياً لصناعة السينما. هذا التطور السريع انعكس في جودة الأعمال السعودية التي بدأت تحصد الاعتراف الدولي وتشارك في مهرجانات عالمية كبرى، حتى وصلت إلى المنافسة على جوائز الأوسكار، لتؤكد أن السينما السعودية تسير بثبات نحو العالمية. في هذا المقال سنعرض التفاصيل.
حجم سوق صناعة الأفلام في السعودية
ارتفعت إيرادات السينما السعودية “صناعة الأفلام” في النصف الأول، إلى 448 مليون ريال بنمو سنوي 6.2%، في مؤشر على استمرار توسع السوق المحلية، وزيادة الإقبال على دور العرض، بحسب تقرير صادر عن هيئة الأفلام السعودية. ويشير النمو في الإيرادات والمبيعات البالغة 9.1 مليون تذكرة في النصف الماضي، إلى إمكانية تجاوز حاجز المليار ريال بنهاية العام الجاري، إذا استمر الأداء بنفس الوتيرة.
دخلت السينما السعودية مرحلة تاريخية جديدة منذ إطلاق “رؤية 2030” وعودة دور السينما عام 2018، كما حققت سوق السينما السعودية منذ انطلاقتها قبل 7 سنوات نمواً لافتاً، حيث ارتفعت الإيرادات من 442 مليون ريال في 2019 إلى 922 مليون ريال في 2024، لتصل في النصف الأول من العام الجاري إلى 448 مليون ريال.
أشار تقرير صادر عن هيئة الأفلام السعودية، إلى أن عدد المدن السعودية التي تضم دور عرض سينمائي ارتفع إلى 20 مدينة، ووصل عدد دور السينما إلى 65 داراً تحتوي على 635 شاشة، بمتوسط سعر تذكرة يبلغ 49 ريالاً.
اقرأ أيضاً: استوديوهات جاكس للأفلام: بوابة الرياض لعالم السينما العالمي
أبرز منشآت صناعة الأفلام في السعودية
عملت السعودية على تحويل أراضيها إلى بيئة خصبة ومساحات ملهمة كي تصبح منصة عالمية للإنتاج السينمائي تستقطب المبدعين من جميع أنحاء العالم. تعد استوديوهات “الحصن بيغ تايم”، الواقعة غرب العاصمة السعودية الرياض، من أكبر وأحدث منشآت الإنتاج السينمائي والتلفزيوني في الشرق الأوسط، وشيدت خلال فترة قياسية بلغت 120 يوماً، وتمتد على مساحة 10500 متر مربع، وهي جزء من مشروع أكبر تبلغ مساحته 300 ألف متر مربع.
تضم هذه المنشأة سبعة مبانٍ للأستوديوهات، إضافةً إلى قرية إنتاج تشمل ورشاً للنجارة والحدادة وتصميم الأزياء، إلى جانب أجنحة فاخرة لكبار الشخصيات ومكاتب للإنتاج السينمائي وغرف مونتاج متكاملة، مما يوفر بيئة عمل مثالية تحقق أعلى مستويات الكفاءة في الإنتاج.
الجهة الحكومية الراعية لصناعة الأفلام في المملكة
هيئة الأفلام هي هيئة حكومية سعودية تأسست في 4 فبراير 2020، ومقرها في العاصمة الرياض. تهدف الهيئة لتطوير قطاع الأفلام وبيئة الإنتاج في السعودية، إضافة إلى تحفيز وتمكين صناع الأفلام السعوديين.
في ديسمبر 2020، أعلنت هيئة الأفلام عن برنامج “صناع الأفلام”، وهو برنامج متخصص في صناعة الأفلام من قبل المتخصصين والهواة، من خلال أهداف محددة، وهي، تمكين المواهب الوطنية وتدريبها بأفضل الأدوات، إضافةً إلى رفع جودة المحتوى المحلي في قطاع صناعة الأفلام، فضلاً عن تعزيز شغف الجمهور العام وتنميته، بمجال صناعة الأفلام. أما في يونيو 2025 أعلنت هيئة الأفلام انضمامها إلى الرابطة الدولية للمحفوظات السمعية والبصرية (IASA).
اقرأ أيضاً: الفيلم الذي أرعب العالم تصدّر شباك التذاكر السعودي!
الفيلم السعودي “هجرة” ينافس على الأوسكار
قبل أن نتحدث عن الفيلم “هجرة”، سنعرض الأفلام السعودية والعالمية التي حققت أعلى إيرادات في شباك التذاكر في السعودية، فقد ضمت قائمة أعلى الأفلام إيراداً في النصف الأول ثلاث أفلام سعودية، حيث جاء فيلم “شباب البومب 2” في المركز الثالث بإيرادات تجاوزت 27.2 مليون ريال، تلاه بالمركز الرابع فيلم “هوبال” بـ 24.5 مليون ريال، ثم بالمركز الثامن فيلم “إسعاف” بـ 18.5 مليون ريال. وتراوح عدد التذاكر المباعة شهرياً ما بين 1.7 مليون و2.4 مليون تذكرة، ما يعكس استقراراً نسبياً في الإقبال الجماهيري.
أما على صعيد الأفلام العالمية، فقد تصدّر فيلم “Lilo & Stitch” قائمة الأعلى إيراداً في الصالات السعودية بإيرادات بلغت 31.8 مليون ريال، وفيلم “Mission: Impossible – The Final Reckoning” بـ 21.7 مليون ريال.
في سياق عالمي متصل، أعلنت هيئة الأفلام السعودية عن اختيار الفيلم الروائي “هجرة” لتمثيل السعودية رسمياً في سباق جوائز الأوسكار الـ 98 عن فئة أفضل فيلم دولي، وذلك بعد عملية تقييم دقيقة شملت عدداً من أبرز الإنتاجات السينمائية السعودية، بإشراف لجنة اختيار الفيلم السعودي للأوسكار.
يعكس الفيلم رؤية فنية وإنسانية تعكس ثراء الهوية السعودية وتنوع قصصها المحلية، من خلال حبكة درامية تتمحور حول رحلة ثلاث نساء سعوديات من أجيال مختلفة إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، غير أن الرحلة الروحية تتحوّل إلى مأساة باختفاء سارة قبل الوصول إلى مكة، لتبدأ الجدة والحفيدة رحلة بحث شاقة تكشف أسراراً عائلية دفينة وتبرز الفجوة بين الأجيال النسائية، من إخراج شهد أمين، وبمشاركة نخبة من المواهب السعودية الصاعدة إلى جانب أسماء بارزة في المشهد السينمائي المحلي.
سيخوض الفيلم منافسة قوية مع عشرات الأفلام من مختلف دول العالم خلال مارس 2026، ضمن فئة أفضل فيلم دولي، حيث يمر بعدة مراحل تقييم تبدأ بإعلان القائمة الأولية، ثم القائمة النهائية التي تحددها الأكاديمية لاحقاً.

