يكتسب شهر رمضان في المملكة العربية السعودية طابعًا فريدًا عن أي مكان في العالم، بأجواء روحانية تُضفي على الشهر الكريم تميزًا خاصًا.
ويحرص المجتمع السعودي على التمسك بعاداته وتقاليده الأصيلة التي توارثها عبر الأجيال، والتي لم تُؤثّر عليها مرور الأيام والعصور.
ويستقبل السعوديون شهر رمضان المبارك بفرح غامر بحيث تبرز عادات المجتمع وتقاليده بتناول التمر والرطب والماء عند الإفطار فيما يسمى «فك الريق»، ومن ثمّ تناول وجبة الإفطار من الشوربة وسمبوسك وبف وأصناف المعجنات والعصائر الرمضانية والشاي الأحمر مع الحلويات.
الزيارات العائلية في رمضان السعودية
تعتبر الزيارات العائلية من أهم عادات رمضان لدى السعوديين، إذ تبدأ بعد صلاة التراويح، فيما تتبع بعض العائلات تقليداً، يتمثّل في تخصيص إفطار كل يوم من أيام رمضان، في منزل أحد أفراد العائلة بشكل دوري بادئين بمنزل أكبر أفرادها، فيما يقوم البعض بتوزيع عينات من طعام الإفطار على الجيران.
اقرأ أيضاً: ما خطة المملكة السعودية الجديدة للمعتمرين في رمضان؟
تحضير مائدتي الإفطار والسحور
يستقبل أهل السعودية شهر رمضان بالتقاليد التي ورثوها عن آبائهم من خلال تناول مائدتي الإفطار والسحور مع أفراد العائلة جميعًا، وشرب القهوة بعد صلاة التراويح مع التمر من النوع السكري المشهور في هذه المنطقة، إضافةً لتبادل المأكولات والمشروبات بين الأصدقاء والجيران.
كما يمتاز السعوديون بالبدء بالماء والتمر عند الإفطار بمجرد سماعهم لأذان المغرب، ثم يذهبون لأداء فريضة المغرب، وبعدها يعودون إلى منازلهم مستعدين لتناول الإفطار.
ويُقيم السعوديون موائد إفطار للجاليات الإسلامية، وللعاملين المغتربين في أراضي المملكة العربية السعودية، ويستشعرون بروحانيات شهر رمضان المبارك بإقامة الإفطارات للصائمين بين شوارع الأحياء وأزقتها، وفي ساحات المساجد والمنازل، مما يعزز من روح المشاركة والتعاون في عمل الخير، والمنافسة على نيل الأجر.
ومن عادات رمضان في السعودية شرب حليب الإبل، حيث يُفضل كبار السن شرب حليب الإبل ومشاركته على مائدة الإفطار مع أبنائهم وأحفادهم، ليقينهم التام بأهمية هذا النوع من الحليب وفوائده العديدة على صحة الجسم، وتفضله بعض العائلات السعودية على موائد الإفطار.
ومن العادات أيضاً تناول الغبقة: وهي ما تعرَّف بالعشاء الرمضاني المتأخر الذي يلي مائدة الإفطار ويسبق مائدة السحور، ويعد بمثابة مجلس رمضاني مشهور في السعودية، يُقام بعد أداء صلاة التراويح، والانتهاء من مجالس الذكر.
فيما تختص مدينة حفر الباطن بتناول أكلة التشريب وتتكون من خبز مخبوز على صاج خاص ومقطع إلى قطع صغيرة، مُسقَّى بمرق اللحم، تعلوه قطع اللحم الصحيحة بعد تشريبه جيدًا وتشبعه من المرق.
اقرأ أيضاً: ما خطة المملكة السعودية الجديدة للمعتمرين في رمضان؟
حلوى رمضان
وكغيرهم من الشعوب ببعض أطباق الحلوى التقليدية والشعبية والتي تُعد على وجه الخصوص في شهر رمضان، ويمكن ألا تتواجد في أي شهر آخر، نذكر فيما يلي أشهرها:
طبق اللحوح: ويتكون من طبقات من العجين الرقيق المصنوع من الدقيق البني، تُدهن بالزبدة وتُرش بالسكر، وتقدم بجانب الحلويات الرمضانية الأخرى كالكنافة، والقطايف، والبسبوسة، واللقيمات.
العريكة: وتحضر العريكة من العجين المكون من الدقيق والملح والماء والمخبوز في الفرن، ويُفرك قرص العجينة بعد الاستواء في وعاء آخر ويضاف إليها التمر والسمن وتُعجن بهذه المكونات حتى تتجانس معها، وعند التقديم تُصنع حُفرة في منتصف العجين وتُملأ بالسمن والعسل، وتُعد من الأطباق المثالية في شهر رمضان خاصةً إذا استخدم الدقيق الأسمر في العجين.
الكليجا: وهي نوع من المخبوزات التي يتم حشوها بعجوة التمر وتُخبز بالفرن كالمعمول تمامًا، وتُقدم مع القهوة العربية.
التمر بالمكسرات: يتم نزع نواة التمر ووضع المكسرات داخلها وتقديمها مع الطحينة، أو عجنها وتغطيتها بالكامل بالسمسم ورقائق المكسرات
اقرأ أيضاً: التعليم في السعودية وحقيقة تحوله عن بعد في رمضان
زينة رمضان
وتنتشر النوافذ الخارجية والأضواء الجميلة قبيل شهر رمضان في المملكة العربية السعودية بأيام على شكل هلال ونجمة، معبرة عن فرحة أصحاب البيوت بالقادم الجديد، فيما تتنافس النساء وأطفالهن في وضع الزينة التي شغل الفانوس حيزاً مهماً فيها.
كما تستخدم معظم النساء الأقمشة الملونة بالأحمر والمزخرفة بزخارف ترتبط بشهر رمضان، بينما للمبخرة مكان مميز في زينة رمضان، حيث تأخذ مكانتها في الصدارة.
اقرأ أيضاً: إليك مواعيد الحافلات السعودية خلال شهر رمضان المبارك
سهرات رمضان
ولا يمر رمضان في جدة دون السهرات الطويلة، ولا سيما في جدة القديمة التي تتحول لما يشبه المهرجان، إذ تنتشر البسطات والأكشاك، والكل يتنافس كي يجذب الزبائن.
وتكون الكبدة بأنواعها الضأن والجملي والمقلقل، والتقاطيع سيدة الموقف، وتلفت الأنظار بلهب النار المشتعلة والروائح الشهية التي تختلف من محل لآخر وفق الوصفة السرية لصاحب البسطة، التي يرفض كشفها عادة.
وتتاح الفرصة بعد الإفطار أمام الصائمين للتسلية بالبليلة التي تنتشر في بساطات وأكشاك رمضان متصاحبة مع أغانٍ وأهازيج شعبية تروج لها وللنكهات المميزة التي تضاف إليها.
اقرأ أيضاً: أفضل الخيم الرمضانية في الرياض لسنة 2024
كورنيش جدة
ويتحوّل كورنيش جدة إلى ما يشبه العرس باكتظاظ كل المطاعم وسطوع الإضاءة من كل المحال، إذ تتنافس المطاعم في عروضها الفنية ومأكولاتها ولا تهدأ الحركة إلا عند اقتراب أذان الفجر وذهاب الكل إلى الصلاة، ومن ثم إلى منازلهم لاستقبال يوم رمضاني جديد.
تنوي أم محمد الخروج مع عائلتها الصغيرة للإفطار في كورنيش جدة الرائع، إذ ستحمل معها بعض المأكولات البسيطة، خاصة التمر واللبن كي يعيشوا أجواء الماضي ببساطته وتقشفه، فيما تستمتع بعد ذلك مع عائلتها بجولة في أحياء جدة التاريخية وتذوق المأكولات الشعبية التي تنتشر بكثرة في هذه الأحياء في الفترة ما بين صلاة التراويح والسحور.