تتجدد العلاقات بين إيران والسعودية بخطوات مدروسة تحمل في طياتها وعداً بغدٍ أفضل، ويترسخ تعاون يفتح أبوابًا جديدة للشراكة في كل المجالات، فمن خلال طائرة تجارية هي الأولى من نوعها بين مدينتي الدمام السعودية ومشهد الإيرانية، وتبادل الزيارات والمباحثات الأخرى، تقدّم البلدان خطوة بخطوة نحو بناء مستقبل مشترك يعكس رغبة قيادتي البلدين في تحويل التحديات إلى فرص، والآمال إلى واقع.
وفي تصريحات جديدة له، أشار السفير الإيراني لدى السعودية، علي رضا عنايتي، إلى أن العلاقات بين طهران والرياض تتطور بشكل تدريجي وفق خطوات مدروسة، مع التأكيد على أن التعاون المشترك بين البلدين في مختلف المجالات، بما في ذلك الموارد الطبيعية والبشرية، يسهم بشكل فعّال في تعزيز الاستقرار والنمو في المنطقة.
وأوضح عنايتي أن تعزيز العلاقات بين البلدين يأتي في إطار توجيهات القيادة، قائلاً: «لقد اتخذنا خطوات ملموسة في هذا الاتجاه، وما زال أمامنا المزيد من الخطوات التي سنسير بها لتعميق التعاون بيننا».
وجاء ذلك على هامش إطلاق أول رحلة تجارية منتظمة بين مطار الدمام السعودي ومطار مشهد الإيراني، وهي خطوة وصفها السفير بأنها ستسهم في تسهيل التنقل وتعزيز التواصل بين الشعبين.
اقرأ أيضاً: اللقاء الأوّل من نوعه منذ عقود بين السعودية وإيران
وأكد عنايتي على أن هذه التطورات تعكس العزم الراسخ للقيادتين في تعزيز العلاقات الثنائية، مشيراً إلى تصريحات نائب الرئيس الإيراني خلال لقاءه بالأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، والتي أظهرت التزاماً تاماً في استمرار هذه العلاقات، كما اعتبر زيارة رئيس هيئة الأركان السعودية إلى طهران نقطة هامة في إطار التعاون الدفاعي بين البلدين، مؤكدًا على أهمية هذه الخطوة في تعزيز الشراكة في هذا المجال.
وأضاف السفير الإيراني أن الرحلات الجوية بين السعودية وإيران كانت في الماضي مخصصة للعمرة فقط، بينما الآن أصبحت الرحلات التجارية المنتظمة، والتي تجرى مرتين أسبوعياً، خطوة هامة نحو تعزيز التجارة والسياحة بين البلدين، موضحاً أن هناك تواصلاً مستمراً بين القادة والمسؤولين، ما يساهم في تعزيز العلاقات في مجالات متنوعة من بينها السياسة والدفاع والثقافة.
وأشار عنايتي إلى أن هذه الجهود تعد امتداداً للخطوات التي بدأتها القيادتان لتعميق العلاقات في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والتجارية، وشكر السفير المسؤولين السعوديين على تسهيل هذه الرحلات، مؤكداً على تقديره لكافة الجهود المبذولة في ترتيبها.
في السياق ذاته، ذكر عنايتي أن الفترة الماضية شهدت تبادل زيارات مكثفة بين المسؤولين من البلدين، لافتاً إلى مشاركة وزير الاقتصاد الإيراني في مؤتمر عالمي للاستثمار في السعودية، حيث ناقش التعاون الاقتصادي والتجاري مع نظرائه السعوديين، وكذلك زيارة وزير الزراعة الإيراني التي أسفرت عن تعزيز التعاون في مجال الزراعة.
وأكد السفير الإيراني أن إيران والسعودية يمتلكان إمكانيات هائلة للتعاون في عدة مجالات من شأنها أن تسهم في تحقيق النمو والازدهار للمنطقة، مشيراً إلى الدور المهم الذي يمكن أن يلعبه المفكرون والأكاديميون في تعزيز العلاقات بين البلدين.
اقرا أيضاً: اجتماعٌ ثانٍ في الرياض.. «اتفاق بكين» ينتصر مرة أخرى
وذكر أيضًا أن زيارة رئيس مركز الدراسات الإيرانية إلى السعودية وتوقيع مذكرة تفاهم بين المركزين ستكون خطوة مهمة نحو فتح آفاق جديدة لتعميق التعاون بين البلدين، بما في ذلك عبر منصات فكرية وأكاديمية.
هذا وأكد عنايتي أن هذه الخطوات المدروسة تهدف إلى تعزيز التعاون المشترك بما يخدم مصالح شعبي البلدين ويدعم استقرار المنطقة.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر، أعلنت الصين من الرياض عن استعدادها للاستمرار في دعم وتعزيز المبادرات التي تبنتها كل من السعودية وإيران لتعميق التعاون بينهما في مختلف المجالات، وبعد مرور عشرين شهراً على الاتفاق التاريخي الذي جرى بوساطة صينية لاستئناف العلاقات بين البلدين، أكّدت الرياض وطهران التزامهما الكامل بتطبيق ما جرى التوصل إليه في اتفاق 10 آذار/مارس 2023، مع الإشادة بالدور البارز الذي قامت به الصين في هذا المسار.
وجُدد هذا الالتزام خلال اختتام الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية المشتركة بين السعودية والصين وإيران، الذي عقد في الرياض برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، وبمشاركة نائب وزير الخارجية الصيني، دنغ لي، ونائب وزير الخارجية الإيراني، مجيد تخت روانجي، فيما شدد المشاركون على أهمية الالتزام بميثاق الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي والقوانين الدولية، بما يعزز من مبادئ حسن الجوار واحترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.
كما أكد المسؤولون الثلاثة على التقدم المستمر في العلاقات بين السعودية وإيران، معربين عن تقديرهم للفرص المتاحة للتواصل المباشر بين المسؤولين في البلدين على مختلف الأصعدة، وأشاروا إلى أهمية هذه اللقاءات في ظل التحديات الإقليمية الحالية التي تهدد استقرار المنطقة.
اقرأ أيضاً: إيران تطمح لتحقيق أعلى مستويات التفاهم مع السعودية