أعلنت مؤسسة البحر الأحمر السينمائي منذ يومين عن تعيين المنتج السعودي المخضرم فيصل بالطيور رئيساً تنفيذياً لها، على أن يباشر مهامه رسمياً اعتباراً من 1 يونيو 2025، ليكون خلفاً لمحمد عسيري، الذي شغل منصب الرئيس التنفيذي بالإنابة وقاد المؤسسة خلال مرحلة مهمة شهدت نمواً لافتاً.
ويعدّ بالطيور من الأسماء البارزة في المشهد السينمائي السعودي، وفي جعبته خبرات تمتد لـ 20 عاماً، تولّى خلالها مناصب قيادية أسهمت بشكل فعّال في تطوير البنية التحتية للقطاع السينمائي السعودي وتعزيز حضوره إقليمياً ودولياً.
وتعليقاً على توليه منصب الرئيس التنفيذي لمؤسسة البحر الأحمر للأفلام، قال بالطيور:
«يشرفني أن أصبح الرئيس التنفيذي لمؤسسة البحر الأحمر للأفلام، التي حققت إنجازات كبيرة في وقت قصير. نحن ملتزمون بتنمية صناعة الأفلام بما يتماشى مع أهداف رؤية 2030، التي تضع الإبداع والثقافة في صميم تنمية المملكة العربية السعودية».
وأضاف:
«ستواصل المؤسسة دعم المواهب المحلية والدولية من خلال مجموعة واسعة من البرامج والشراكات».
وفي تعليق يعكس الثقة الكبيرة بتعيينه، قالت جمانا الراشد، رئيس مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائية:
«منذ تأسيسها، سعت المؤسسة إلى إحياء نهضة سينمائية شاملة في السعودية والمنطقة. نحن سعداء بانضمام فيصل إلى هذه المسيرة التحولية، فرؤيته الطموحة وإيمانه بقدرات المواهب الصاعدة سيسهمان في ترسيخ التميز الفني وتعزيز النمو المستدام لصناعتنا».
اقرأ أيضاً: «سيكو سيكو» يقتحم السينما السعودية.. مغامرة غير متوقعة ستشهدها دور العرض!
دراسة فيصل بالطيور وأعماله
منذ أن كان على مقاعد الدراسة في المرحلة الثانوية أواخر التسعينيات، بدأ الشغف المبكر لفيصل بالطيور تجاه الرسوم المتحركة ثلاثية الأبعاد، إذ تعلّم تقنياتها بنفسه، وشارك لاحقاً في مشاريع فنية لصالح عدد من الشركات السعودية.
بعد ذلك سافر إلى أستراليا لدراسة الحوسبة في جامعة غرب سيدني، ومن ثم نال درجة الماجستير من جامعة نيوكاسل، إضافةً إلى عمله في مجال الإنتاج مع عدة شركات في البلاد، إذ شارك في تنفيذ أفلام وثائقية وإعلانات وأعمال تجارية متنوعة.
وقد شكّلت كل هذه التجارب المتراكمة قاعدة متينة لمستقبله المهني، والذي شهد تطورات مهمة عند عودته إلى المملكة وانضمامه إلى شركة أرامكو السعودية في عام 2015، حيث وظّف خبراته في إنتاج الرسوم المتحركة والتصميم البصري، وبعد عام واحد فقط، تولى قيادة مشروع «أيام الفيلم السعودي»، وهو مشروع أطلقه مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) التابع لأرامكو في عام 2016، والذي جاء في وقت حاسم كانت فيه المملكة تتجه نحو الانفتاح، وقدمت منصة لدعم وعرض أفلام قصيرة لمواهب سعودية واعدة.

ومنذ أن أُزيل الحظر الديني عن دور السينما في المملكة أواخر عام 2017 وبدايات 2018، لمع اسم بالطيور باعتباره أحد أبرز رموز صناع التغيير في المشهد السينمائي السعودي، وفي هذا التحول التاريخي بدأ مسيرته بتوليه أول إدارة لسينما مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) في الظهران، وكانت هذه الخطوة التي مهدت الطريق أمام سلسلة متعاقبة من الإنجازات.
أسهم الشاب الطموح أيضاً في إنشاء المجلس السعودي للأفلام، وفي عام 2020، أطلق شركته «سيني ويفز»، التي تحولت إلى واحدة من أسرع شركات التوزيع السينمائي نمواً في السعودية، ملبيةً الطلب المتزايد على المحتوى المحلي والعالمي.
تولى بعد ذلك منصب الرئيس التنفيذي في «موڤي ستوديوز» واستطاع أن يحقق نجاحات بارزة، مؤكداً قدرته على الدمج بين الرؤية الفنية والفهم التجاري للسوق، ومؤخراً أطلق مشروع «بيت السينما» في الرياض، وهو أول دار عرض مخصصة بالكامل لعرض الأفلام الفنية، يضم مكتبة سينمائية ثرية تجمع أهم الإنتاجات السعودية والعربية التي نالت جوائز في أرقى المهرجانات العالمية.
اقرأ أيضاً: أبرز التحديات في طريق تحول السينما السعودية نحو العالمية
وتجاوزت طموحات فيصل بالطيور حدود السعودية ووصل اسمه إلى العالمية من خلال أعماله كمنتج، فقد تولى الإنتاج التنفيذي لفيلم «المرشحة المثالية»، الذي حمل توقيع المخرجة هيفاء المنصور عام 2019، وحقق حضوراً مميزاً في مهرجان البندقية السينمائي الدولي، إضافةً إلى فيلم «ستار»، الذي لاقى نجاحاً كبيراً على الصعيد المحلي، وفيلم «من الرماد»، أول عمل سعودي أصلي من إنتاج نتفليكس، والذي دخل قائمة أكثر 10 أفلام مشاهدة في 40 دولة.
أما في عام 2023، فقد أضاف إلى رصيده فيلم «وداعاً جوليا»، الذي شارك في إنتاجه، ونال جائزة الحرية في مهرجان كان السينمائي، ليؤكد مجدداً أن بصمته باتت حاضرة في المحافل السينمائية الكبرى.
ويشكل تعيين فيصل بالطيور مديراً تنفيذياً لمؤسسة البحر الأحمر السينمائي محطة واعدة في مسيرة المؤسسة، التي استطاعت خلال فترة وجيزة أن تفرض حضورها كلاعب رئيسي في المشهد السينمائي المحلي والإقليمي.
وفي ظل هذه القيادة الجديدة، ومع وضوح الرؤية الاستراتيجية والالتزام المتواصل بدعم الإبداع، تتجه الأنظار نحو مؤسسة البحر الأحمر لتلعب دوراً أكثر تأثيراً في صياغة ملامح السينما السعودية الحديثة، وقيادة مرحلة جديدة من النمو والتأثير
عن مهرجان البحر الأحمر السينمائي
منذ عام 2019 وضمن مبادرات وزارة الثقافة التي تعدّ جزءاً من رؤية السعودية 2030، أُطلق مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، ويتم تنظيمه سنوياً في المنطقة التاريخية بمحافظة جدة، ليكون أحد أهم المنصات التي تحتفي بأحدث الإنتاجات السينمائية من مختلف أنحاء العالم، إلى جانب عرض أفلام سعودية تجريبية وروائية طويلة وقصيرة.
ويضم المهرجان 11 قسماً متنوعاً، من أبرزها: مسابقة البحر الأحمر، سينما السعودية الجديدة، روائع العالم، روائع عربية، والسينما التفاعلية، إضافةً إلى أقسام مخصصة للأفلام القصيرة، والمسلسلات، والأفلام العائلية.
جدير بالذكر أن مهرجان اليحر الأحمر السينمائي فتح مؤخراً باب التقديم للمشاركة في دورته الخامسة، المقرر عقدها من 4 إلى 13 ديسمبر 2025، بعد أن عرض منذ انطلاقه أكثر من 520 فيلماً من 85 دولة، و130 فيلماً سعودياً، و160 عرضاً سينمائياً حصرياً على مستوى العالم.
اقرأ أيضاً: مشاركة تاريخية وغير مسبوقة للسينما السعودية في مهرجان كان السينمائي الدولي