شهدت محافظة العُلا انطلاقة برامج مؤسسة فيلا الحجر بأمسية ثقافية فنية، بالتوازي مع الافتتاح الرسمي للمؤسسة التي تعد أول كيان ثقافي سعودي – فرنسي مشترك في المنطقة. الأمسية جاءت لتجسد رسالة المؤسسة في أن تكون منصة للحوار والتبادل الثقافي العالمي، وفضاءً يجمع المبدعين والفنانين والمهتمين بالفنون البصرية والموسيقية والسينمائية والفنون الأدائية.
في هذا المقال سنتعرف اكثر على هذه الأمسية، وسنوضح عمق العلاقة الثقافية بين السعودية وفرنسا.
فيلا الحجر في العلا: ثمرة للعلاقات الثقافية التاريخية
يعود الاهتمام الفرنسي بالثقافة السعودية إلى القرن التاسع عشر مع تنظيم فرنسا رحلات استكشافية إلى المملكة ودراسة حضاراتها القديمة. تطور هذا الاهتمام لاحقاً ليصبح تعاوناً رسمياً يوثق في اتفاقيات متبادلة، وبرامج تنفيذية في مجالات الآثار والثقافة والتعليم، ومبادرات متبادلة لتعميق التواصل والتبادل الثقافي بين البلدين، كما حدث في عام 2025 بتوقيع مذكرة تعاون في مجالات الآثار والفنون والثقافة.
هذا المشروع هو أحد ثمار الاتفاقية التي وقعها الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” وولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان” في أبريل 2018، وتهدف إلى تطوير السياحة والثقافة في منطقة العُلا، حيث يشارك عدد كبير من علماء الآثار الفرنسيين في الوقت الحالي في أعمال التنقيب في المواقع النبطية. ومن المقرر أيضاً أن يتعاون مركز “بومبيدو” الشهير مع الجانب السعودي لإنشاء متحف للفن المعاصر في العُلا، سيكون مخصصاً للفنانين من العالم العربي.
اقرأ أيضاً: ماذا تتضمن اتفاقية الشراكة بين «فيلم العلا» و«إم بي إس مينا»؟

افتتاح فيلا الحجر في العلا
بحضور الأمير “بدر بن فرحان”، وزير الثقافة السعودي، ونظيرته الفرنسية “رشيدة داتي”، افتتح يوم الخميس الماضي، “فيلا الحِجر” التي تحتفي بالتراث الثقافي وتُطلق آفاقاً جديدة للإبداع والتبادل المعرفي عالمياً.
فيلا الحِجر، وهي مركز ثقافي فرنسي-سعودي جديد، تقع في موقع العُلا التاريخي الساحر بشمال غرب المملكة. افتتح هذا الصرح المعماري، بحضور شخصيات رفيعة المستوى من البلدين. من الجانب الفرنسي، شارك وزيرا الخارجية والثقافة، “جان-نويل بارو” و”رشيدة داتي”، إلى جانب “جان-إيف لودريان”، رئيس الوكالة الفرنسية لتطوير العُلا، ومن الجانب السعودي، حضر وزير الثقافة، الأمير “بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود”.
قالت المديرة العامة للمركز “فريال فوديل”: إن الفيلا ستوفر، عبر موقعين، “إقامات للفنانين وورشاً ثقافية ومعارض وعروضاً وبرامج تبادل وبحوث”، وستستضيف الفيلا مع انطلاقتها مجموعة “كوزموس” الفنية للفنان الفرنسي جان-ميشال أوتونييل، بالإضافة إلى معرض استثنائي عن الأيدي المنحوتة للفنان العالمي أوغوست رودان، وعرض راقص للمصمم رشيد أورامدان.
بدوره صرّح “لودريان” أن المشروع يشكل “بوتقة للإبداع الفرنسي والسعودي”، مضيفاً أنها تمثل “بادرة سياسية قوية” تترجم “إرادة” باريس والرياض ورغبتهما في “تطوير الروابط الوثيقة”. مشيراً إلى أن السعودية لم تحتضن سابقاً مؤسسة ثقافية من هذا النوع أُنشئت بالشراكة مع بلد أجنبي، مؤكداً أنه “في منطقة تشهد تنافساً دولياً شديداً، فإن امتلاك موقع دائم مكرس للفن يُعد ميزة بالغة الأهمية. حسب قوله.
اقرأ أيضاً: أبرز فعاليات مهرجان سماء العلا 2025

فيلا الحجر وما ستقدمه في سطور
تعد هذه المؤسسة تجربة ثقافية نوعية تنطلق من العلا إلى كل العالم، تهدف إلى تعزيز الاحتفاء بالمحافظة بوصفها وجهة عالمية للتراث والثقافة والفنون والسياحة المستدامة. هذا المركز الثقافي صرح يحوي الفنون البصرية، والتصميم، ويتضمن قاعة سينما داخلية وهي الأولى من نوعها في العلا، واستوديو متخصصاً بالفنون الأدائية.
يشكل هذا الصرح نموذجاً فريداً في التعاون الدولي. ففيلا الحجر أول مؤسسة ثقافية ثنائية سعودية – فرنسية، يأتي افتتاحها ضمن الشراكة الاستراتيجية بين الهيئة والوكالة، التي تركّز على تعزيز التناغم بين الإنسان والمكان، والحفاظ على إرث العُلا الثقافي وبيئتها الطبيعية.
ليت مركزاً ثقافياً عادياً، بل منصة استراتيجية للاستثمار في الثقافة. وأحد مستهدفات استثمار المملكة بالثقافة لتطوير الإنتاج المحلي. فيمكن لهذا الصرح أن يكون محركاً للتنمية الشاملة المستدامة، التي تُعبّر عن تطلعات السعودية لتمكين التبادل المعرفي، ومد جسور الحوار الحضاري مع مختلف دول العالم.
هذه المؤسسة افتتحت لتكون محوراً رئيسياً في الموسم الثقافي، باستضافة برامج إقامات فنية، وورش عمل، وعروض مسرحية وسينمائية وموسيقية، وفنون الأداء، تجمع بين المكونات الثقافية للعُلا والمملكة والمدارس الفنية العالمية. إلى جانب كونها مركزاً للتعليم والتدريب والإبداع الثقافي، ذلك ما سيسهم في تمكين المواهب من أبناء وبنات السعودية والعالم، مع فتح آفاق ثقافية جديدة لأهالي وسكان العُلا.
انضمت فيلا العلا رسمياً إلى قائمة البيوت الثقافية الفرنسية “Viva Villa” التي تضم أعرق المؤسسات حول العال، مثل: فيلا ميديتشي (روما)، وفيلا ألبرتينا (نيويورك)، ما يعزّز من حضور العلا في المشهد الثقافي العالمي.

