نبض المدن السعودية تغيّر. شوارعٌ تعجّ بمتنزّهين، حدائق تحتضن مجموعات المشي، وصالاتٍ رياضية تنمو كالفِطر في الأحياء الجديدة. المشهد لم يعد مجرد “موضة صحية”، بل تحوّل إلى منظومة اقتصادية واجتماعية متكاملة، مدفوعة برؤية تدفع المجتمع إلى الحركة، والاستثمار إلى الابتكار. داخل هذا المشهد، يبرز سؤال بسيط: ما هو عدد المراكز الرياضية في السعودية اليوم؟
لماذا يصعب حصر عدد المراكز الرياضية في السعودية برقمٍ واحد؟
قبل البحث عن رقمٍ نهائي، يجب تحديد المقصود بـ“المراكز الرياضية”: هل نعني الصالات الخاصة باللياقة (النوادي الصحية)، أم نضمّ الأكاديميات، والمعاهد التدريبية، والأندية الخاصة المرخّصة؟ وزارة الرياضة تنظّم المنظومة عبر منصة “نافس” التي تمنح رخصاً لأنواع متعددة: صالات ومراكز لياقة، وأكاديميات، وأندية، ومعاهد تدريب. ولهذا فإن أقرب مؤشر رسمي مباشر على حجم القطاع هو عدد رخص نافس الصادرة لا كيانات محددة النوع فقط.
ووفق الموقع الرسمي للوزارة، تجاوزت رخص “نافس” حاجز +3400 رخصة؛ وهو رقم يجمع صالات ومراكز اللياقة مع باقي الأنشطة الرياضية الخاصة، ما يفسّر صعوبة عزل رقمٍ دقيق للصالات وحدها دون بيانات تفصيلية منشورة علناً.
كيف نقرّب الصورة رغم نقص الإحصاءات التفصيلية؟
ثمة طريقان للتقريب. الأول، الاستناد إلى المسوح الرسمية الخاصة بسلوك الممارسة الرياضية؛ إذ تُظهر بيانات الهيئة العامة للإحصاء أن 15.11% من الممارسين يؤدّون نشاطهم داخل “المراكز الرياضية”، مقابل 59.04% في المرافق العامة و14.75% في المنازل، وهي إشارة واضحة إلى رسوخ دور الصالات والمراكز في عادات المجتمع الرياضية. هذه النِّسب لا تُعطي “عدداً” للصالات، لكنها تخبرنا أين يمارس الناس الرياضة اليوم وأين تنمو الفرص غداً.
الطريق الثاني، النظر إلى مؤشرات السوق والتتبّعات التجارية. فبعض قواعد البيانات الخاصة التي ترصد الأنشطة عبر الويب تَعدّ ما يقارب 2300 صالة بين من لديها موقع إلكتروني ومن لا يملكه، وهي تقديرات غير رسمية يجب التعامل معها بحذر، لكنها تعزز فكرة أن العدد الفعلي للصالات يتخطّى الألفين، ويرتفع إذا احتسبنا الأكاديميات والمراكز التدريبية.
ما الذي تعنيه هذه الأرقام للمستثمر والممارس؟
على الأرض، تُشير رخص “نافس” المتزايدة إلى ديناميكية عالية في دخول لاعبين جدد: صالات منخفضة التكلفة، مفاهيم نسائية متخصصة، واستوديوهات بوتيك لليوجا والبيلاتس والملاكمة، إلى جانب أكاديميات رياضية خاصة. ويؤكد ذلك أيضاً تقارير السوق التي ترصد نمواً في قيمة قطاع نوادي الصحة واللياقة في المملكة وتوقّعات بزيادة مستمرة خلال الأعوام المقبلة. هذه التقارير لا تَعدّ الصالات واحدةً واحدة، لكنها ترسم صورة اقتصادية لقطاع يتّسع قاعدةً وخدماتٍ وتسعيراً، كما يشي بتنافسية أعلى، وتجربة عميل أفضل.
بالنسبة للممارس العادي، توضح بيانات الهيئة العامة للإحصاء — مع ارتفاع نسبة من يختار “المراكز الرياضية” كمكان للممارسة — أن العرض بات أقرب إلى الطلب من أي وقت مضى. كما تنشط مبادرات المجتمع الرياضي؛ ففي تقرير الاتحاد السعودي للرياضة للجميع، تجاوز عدد مجموعات الرياضة المجتمعية 1,800 مجموعة تضم أكثر من 49 ألف عضو، ما يُعزز جسور الانتقال من الممارسة المفتوحة إلى الاشتراك المنتظم في المراكز.
خلاصة عملية لسؤال مباشر
السؤال كان مباشراً: كم عدد المراكز الرياضية في السعودية؟ الإجابة المنهجية اليوم: لا يوجد رقمٌ حكومي مُعلن يخص “المراكز/الصالات” وحدها ويستبعد الأكاديميات والمعاهد، لكن المؤشر الرسمي الأقرب هو إجمالي رخص منصة “نافس” التي تجاوزت 3400 رخصة تشمل الصالات والمراكز والكيانات الرياضية الخاصة الأخرى.
أما التقديرات غير الرسمية المعتمدة على قواعد بيانات الأعمال فتلمّح إلى أكثر من 2000 صالة لياقة بحدّها الأدنى، على أن يرتفع الرقم إذا احتسبنا باقي الأنشطة ضمن تعريف “المراكز الرياضية”. بهذه الصورة، يصبح الحديث عن عدد المراكز الرياضية في السعودية معقولاً حين نميّز بين المؤشر الرسمي الشامل (الرخص) وتتبّعات السوق الخاصة (العدّ التجاري).
اقرأ أيضاً: الرياضة السعودية: من النفط إلى الملاعب.. استثمار يغيّر وجه المملكة!

