كورنيش جدة الجنوبي من أكثر الواجهات البحرية جمالية في المملكة، ويشكل نقطة جذب سياحية ومحلية. مرّ بالعديد من المراحل ليكتمل، والآن يشهد مرحلة تطوير تنتقل به من الجمالية للأثر الاجتماعي والبعد الاقتصادي. ويعتبر كورنيش جدة الجنوبي من أجمل الشواطئ فقد تمت تهيئته ليلبي رغبات الزائرين والمتنزهين من العوائل والشباب وكافة الفئات العمرية، حيث يضم الكورنيش الجنوبي شاطئ السيف، المتنزه الوحيد في الكورنيش الجنوبي والذي يتميز بموقعه الإستراتيجي، ويوفر قضاء أوقات ممتعة برفقة العائلة والأصدقاء، إذ يعتبر من أجمل الاماكن السياحية في جدة.
أثره لا يقتصر على جمالية المدينة بل يتعدى ذلك ليشكل إرث اجتماعي ويأخذ بعد اقتصادي تنموي، لنتعرف على ذلك.
امتداد كورنيش جدة الجنوبي وفترة تدشينه
تبلغ مساحة شاطئ السيف على الكورنيش الجنوبي لمدينة جدة أكثر من 500 كيلومتر مربع ويصل طوله إلى 3 كلم من الرمال الذهبية النقية. وقد تم تزويد محيط الشاطئ بمساحات خضراء من العشب الطبيعي مع أشجار مشذبه بعناية ومنسقة مع تشكيلات مميزة من الورود الملونة ليعطي مظهر جذاب ويزيد من جمالية الشاطئ والكورنيش.
يمتد شاطئ السيف لما يزيد عن ثلاثة كيلو مترات، ويصنف على أنه مكان مناسب للأشخاص الذين يبحثون عن الهدوء والجو النقي على البحر الأحمر، وهو أحد أهم المتنفسات لأهل جدة وزوارها من مختلف مدن المملكة. ويعتبر أيضاً من أهم معالم السياحة في البلاد.
وتم سحب مشروع صيانة وتحسين كورنيش أبحر الجنوبي، من المقاول المنفذ، وذلك بسبب تعثره في التنفيذ من قبل أمانة جدة في العام 2009، حيث أن المقاول لم يلتزم بشروط التعاقد، والجدول الزمني للتنفيذ. وتم تنفيذ المشروع في 4 مراحل، شملت صيانة واستبدال الأرصفة الخارجية، والشاطئ الرملي، والجلسات المطلة على الكورنيش، وتجهيز مواقف للسيارات، وغيرها، وقدر طول الواجهة البحرية ب 7 كيلومترات.
بعدها، قامت أمانة محافظة جدة بالكثير من الجهود من أجل تطوير مجال الأعمال الكهربائية وتحسين الكورنيش الجنوبي، وعمل الصيانة الضرورية لخدمة شريحة كبيرة من الأهالي والمتنزهين مقارنة بوضعه في الماضي، وتم تزويد الكورنيش بالمرافق العامة بهدف تخفيف الزحام الذي يحدث في منطقة شمال جدة.
في عام 2023 دشّن محافظ القنفذة محمد بن عبد العزيز القباع مشروعي تطوير الكورنيش الجنوبي والملعب الرياضي على مساحة شاملة مقدره للمشروعين بـ 36 ألف متر مربع، وتم وضع حجر الأساس لمشروع تطوير الحديقة العامة على مساحة 80 ألف متر مربع، بحضور وكيل أمين جدة لبلديات المحافظات محمد حسن الزهراني، برفقة عدد من مسؤولي الجهات الحكومية وعمد الأحياء، ورجال الأعمال بالمحافظة.
اقرأ أيضاً: تعرف على شاطئ السيف في جدة.. أجمل الشواطئ المجانية في السعودية
تطور المشروع ليرتقي بجدة كأفضل كواجهة سياحية بحرية في المملكة
قسم تطوير المشروع إلى عدة مراحل تنفيذية لضمان الكفاءة وسرعة الإنجاز. شملت المراحل الأولى تطوير منطقة “شاطئ السيف” الذي يُعد بمثابة بداية الانطلاقة نحو تطوير الكورنيش الجنوبي. على أثره تم تدشين باكورة المشروع بطول 3 كلم تقريباً، مع تجهيز البنية التحتية اللازمة والمرافق الأساسية، ليتم فيما بعد توسعة نطاق المشروع ليشمل مناطق أبعد نحو الجنوب، إلى جانب ربطه بمشاريع مماثلة كممشى الجامعة، ضمن خطة شاملة لتطوير أكثر من 50 كلم من الواجهة البحرية.
هذا المشروع متكامل ومتعدد الاستخدامات، فهو يتضمن مجموعة متنوعة من العناصر الخدمية والترفيهية والعمرانية والخدمية، ومن أهم مكونات المشروع: ممشى رئيسي بطول يتراوح بين 3 إلى 5 كيلومترات يمتد على طول الشاطئ ويُخصص للمشاة والرياضيين، مسار مخصص للدراجات الهوائية يعزز من نمط الحياة الصحي ويشجع على الرياضة، مسطحات خضراء مزروعة بمئات الآلاف من الأشجار والنباتات، مناطق ألعاب أطفال ومساحات للأنشطة العائلية، إضافة إلى شاطئ رملي للسباحة جُهز بمرافق وخدمات للزوار.
هذه المرافق تم تصميمها لتكون شاملة ومخدمه للناس ومتاحة للجميع، بما في ذلك الأشخاص ذوي الهِمم، مع ممرات ممهدة ومصاعد في نقاط محددة لضمان سهولة الحركة.
اقرأ أيضاً: لحظات شتوية مميزة في مطاعم جدة البحرية
النقلة من الأثر الجمالي إلى البعد الاقتصادي والاجتماعي
فكرة تطوير كورنيش جدة الجنوبي جاءت لتصحيح الخلل التنموي في المدينة، وتحقيق التوازن الجغرافي في الخدمات والبنية التحتية مع شمالي المدينة الذي كان يحظى باهتمام كبير، فتم إقامة مشروع متكامل يمتد على عدة كيلومترات من الساحل الجنوبي، ويهدف إلى إنشاء مساحات عامة جاذبة ومرافق تخدم الأهالي وتعزز من جودة الحياة.
هذا المشروع يتماشى مع عدد من الأهداف التنموية والاستراتيجية على المستويين المحلي والوطني، فهذه النقلة التطورية استهدفت: رفع جودة الحياة عبر توفير مساحات عامة ترفيهية وخضراء تشجع على التفاعل الاجتماعي والأنشطة الرياضية والثقافية، إلى جانب العمل على تحفيز السياحة الداخلية والخارجية فهذا المشروع يعمل على جذب الزوار من داخل جدة وخارجها، خاصة مع اكتمال المرافق الترفيهية والتجارية.
فعَبر تنمية المناطق الجنوبية من المدينة، بعد أن عانت من قلة الخدمات والتركيز في السابق على الأحياء الشمالية، تتحفز العديد من الاستثمارات العقارية والخدمية على طول الساحل الجنوبي، مما يعزز من الناتج المحلي ويخلق فرص عمل.
وعلى الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، من خلال المشروع سيتم رفع قيمة الأراضي والعقارات المجاورة، ما ينشط سوق العقارات في جنوب جدة، ويعزز الترابط المجتمعي ويساهم في تخفيف الضغط عن الكورنيش الشمالي، الذي عانى من الاكتظاظ بسبب غياب البدائل في مناطق أخرى.
هذا التطور ما هو إلا نموذج لما يمكن أن تحققه المشاريع الحديثة عندما يتم التخطيط لها بدقة، ويجري ربطها باحتياجات الناس الحقيقية. كان هذا المشروع أكثر من مجرد واجهة بحرية، هو نقطة توازن وإنصاف وجمال لمدينة جدة. ومن المرجح أن يكون المشروع أحد أبرز المحاور المروج لها ضمن مبادرات مثل “جدة الجديدة”، و”الوجهات السياحية المستدامة”، بالتزامن مع الاهتمام المتزايد بالسياحة الساحلية والبحرية.
اقرأ أيضاً: في استضافة جدة.. النسخة الثالثة من المعرض السعودي للأزياء
يشكل كورنيش جدة الجنوبي فرص جديدة للسكان والزوار ونقطة استقطاب للمستثمرين، فهذه المدينة تنمو وتتجدد بثقة نحو المستقبل. ومشروع إنصاف المدينة بجوانبها وبكل اتجاهاتها وعلى جميع أصعدتها وقطاعاتها من شأنه أن ينعكس إيجاباً على الناتج المحلي فيها بما يؤثر على الاقتصاد الوطني فتتحقق الاستدامة على كافة أراضي المملكة.