في عالم يموج بالتغيرات والتحديات، تبرز لحظات مميزة تجمع بين قادة الدول ومسؤوليها؛ لحظات تكون بمثابة مساحات جديدة لصياغة الرؤى الجديدة وتعزيز عمق العلاقات المشتركة.
إحدى هذه اللحظات تمثلت باللقاء الذي جمع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، بأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قبل أيام، فهذه اللحظة لم تكن مجرد لقاء بروتوكولي عابر، بل كانت جسراً ممتداً من الثقة المتبادلة.
اقرأ أيضاً: الصناعات العسكرية السعودية نحو المزيد من التوطين.. والرياض حاضنة دائمة لمجتمع الدفاع والأمن الدولي
في 26 آب/أغسطس الجاري، حدث اللقاء الذي نتحدث عنه ما بين الوزير السعودي وأمير دولة قطر في العاصمة القطرية الدوحة؛ اللقاء الذي جاء في إطار توجيهات القيادة السعودية لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، خاصة في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية التي تتطلب توحيد الجهود وتكثيف التعاون المشترك.
ومنبع أهمية هذا اللقاء، هو أن العلاقات السعودية القطرية تعد من العلاقات المهمة في منطقة الخليج العربي، خاصة بعد المصالحة الخليجية في قمة العلا التي حدثت في كانون الثاني/يناير 2021، القمة التي فتحت صفحات جديدة بأفاق واعدة.
خلال اللقاء، نُقلت تحيات الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى أمير قطر، حيث أبدى الجانبان حرصهما على تعميق العلاقات الأخوية الوطيدة التي تجمع البلدين.
وتبادل الطرفان الرؤى حول التحديات الأمنية في المنطقة وأهمية تعزيز التعاون لدعم الاستقرار الإقليمي، لا سيما في ظل التوترات المتزايدة في الشرق الأوسط، وتطرقًا إلى مناقشة الأوضاع الراهنة في اليمن وسوريا، إلى جانب الملف النووي الإيراني بشكل مفصل.
اقرأ أيضاً: السعودية ومصر تعززان علاقتهما الثنائية بمواجهة التحديات
ولا شك، فإن تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الخليج من أهم الموضوعات التي يجب أن تكون حاضرة في اللقاء، فالمنطقة تواجه العديد من التحديات الأمنية، سواء كانت تلك المرتبطة بالنزاعات الإقليمية أو التهديدات الإرهابية.
إذ يأتي هذا اللقاء في وقت حرج يشهد تصاعد التوترات في الإقليم، ومن بين هذه التوترات، الوضع في اليمن، والتصعيد الذي تشهده لبنان مع الكيان الإسرائيلي، وحالة الترقب والانتظار المرتبطة بالردّ الإيراني على عملية اغتيال رئيس حركة المقاومة الإسلامية “حماس” إسماعيل هنيّة، في إيران.
وهذا ما يعزز أهمية الحوار والتشاور بين دول الخليج عموماً، وبين السعودية وقطر على وجه الخصوص، حيث يلعب البلدان دوراً محورياً في دعم الجهود الإقليمية والدولية لتحقيق الاستقرار، وبطبيعة الحال، هنالك مساعي من الدولتين لتوحيد مواقفهما حيال القضايا الأمنية المشتركة.
اقرأ أيضاً: مباحثات سعودية عراقية لتعزيز التعاون الثنائي والاستقرار الإقليمي
إلى جانب التحديات الإقليمية والسياسية والموقف المشترك منها، تسعى السعودية وقطر إلى تعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات، بما في ذلك المجالات الاقتصادية والتنموية.
وقد شهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين تطوراً ملحوظاً ما بعد المصالحة، حيث وُقعت العديد من الاتفاقيات التجارية والاستثمارية التي تسهم في تعزيز التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي.
ويُبرز هذا اللقاء مدى التقدم الذي حققته العلاقات بين البلدين خلال السنوات الأخيرة، حيث تسعى الرياض والدوحة إلى تعزيز التعاون في مختلف المجالات، سواء كانت سياسية، اقتصادية، أو أمنية.
شارك من الجانب السعودي وزير النقل والخدمات اللوجستية، المهندس صالح بن ناصر الجاسر، ومدير عام مكتب وزير الدفاع، هشام بن عبد العزيز بن سيف.
أما من الجانب القطري، فقد حضر اللقاء نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون الدفاع، الدكتور خالد بن محمد العطية، ورئيس الديوان الأميري، الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، إلى جانب وزير المواصلات، جاسم بن سيف السليطي، وعدد من كبار المسؤولين القطريين.
يشار إلى أن المقصود بمصطلح المصالحة الخليجية هو الإشارة إلى انتهاء الأزمة الدبلوماسية التي اندلعت في حزيران/يونيو 2017 بين قطر من جهة والسعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهة أخرى.
استمرت الأزمة أكثر من ثلاثة سنوات بقليل، وشهدت فرض حصار دبلوماسي واقتصادي على قطر من قبل هذه الدول، التي اتهمت قطر بدعم الإرهاب والتدخل في شؤونها الداخلية، وهو ما نفته الدوحة.
ختاماً، يأتي اللقاء السعودي – القطري ضمن سلسلة من اللقاءات التي تجريها السعودية مع دول المنطقة مؤخراً، حيث سبقه لقاء لوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في العاصمة العراقية بغداد.
وذلك ما بعد زيارة رسمية أجراها وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إلى العاصمة السعودية الرياض بهدف تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وفي إطار التنسيق المستمر بين السعودية ومصر فيما يخص القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
اقرأ أيضاً: هل تتصدر السعودية اقتصاد الخليج قريباً؟ نظرة للنمو الاقتصادي السعودي ومستقبل المنطقة