في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها سوق العمل محلياً وعالمياً، برزت “شركة عمل المستقبل” كحلقة وصل بين الطموحات الشبابية والفرص المتاحة، وركيزة أساسية في دعم اقتصاد العمل الحر داخل المملكة العربية السعودية.
فهي ليست مجرد شركة، بل مشروع وطني متكامل يهدف إلى إطلاق العنان للإمكانات الشبابية، وإعادة تعريف مفهوم العمل في المملكة ليكون أكثر قدرة على استيعاب التحولات التقنية والاقتصادية المتغيرة.
وتأسست الشركة عام 1441هـ / 2019م، كجزء من برامج تمكين التوطين التي تشرف عليها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وتعمل على بناء سوق عمل حر يواكب المستجدات العالمية ويتكامل مع السوق التقليدي، ليصبح نموذجًا يحتذى به في المنطقة.
رؤية شركة عمل المستقبل
منذ تأسيسها كان الهدف الأسمى لشركة عمل المستقبل ليس فقط خلق فرص عمل، بل بناء اقتصاد مستدام ومزدهر، يقوم على تمكين الشباب السعودي من خلال نماذج عمل مبتكرة ومبادرات تحاكي متطلبات المستقبل، كما تطمح الشركة لأن تكون المملكة في طليعة الدول التي تقود أنماط العمل الحديثة والممكنة رقميًّا.
فرسالة الشركة واضحة ومباشرة؛ وهي إعادة صياغة واقع العمل الحر في المملكة، من خلال تعزيز التشريعات، وتطوير الكوادر الوطنية، وتحسين آليات السلامة المهنية، وتوفير بيئات عمل مرنة وداعمة، كما تسعى إلى تمكين المواطنين من تقديم شكاواهم أو استفساراتهم بطريقة فعالة ومنظمة، عبر قنوات إلكترونية موثوقة، بما يعزز الشفافية ويزيد من مستوى الرضا المجتمعي.
الأهداف والاستراتيجية
تركز الشركة على تمكين أبناء وبنات المملكة من الدخول إلى سوق العمل الحر، وذلك عبر توفير البيئة المناسبة وخلق حلول عملية تسهل عليهم بدء مسيرتهم المهنية، كما تسعى إلى تقليص الفجوة بين الباحثين عن العمل وأصحاب الفرص الوظيفية، خاصة في القطاعات الناشئة والمستقبِلية.
ولا تكتفي الشركة بتوفير الحلول المؤقتة، بل تضع استراتيجية شاملة تستهدف خلق قيمة اقتصادية حقيقية، من خلال تمكين السوق السعودي ليكون جزءًا من المشهد العالمي لمستقبل العمل، وتقوم على البحث العميق، وتحليل احتياجات السوق، وتطبيق أفضل الممارسات العالمية، إلى جانب الاعتماد على التكنولوجيا كأداة رئيسية لدفع عجلة النمو.
اقرأ أيضاً: المملكة تقفز 60 مرتبة عالمياً كأفضل بيئات العمل الناشئة
مستقبل العمل في المملكة
تلعب “شركة عمل المستقبل” دورًا محوريًا في تشكيل مستقبل العمل في المملكة، فهي لا تقدم فقط فرصًا مؤقتة، بل تبني نماذج عمل مرنة تفتح أبواب الاستثمار أمام الشباب، وتدفعهم نحو ريادة الأعمال، كما تساهم في تحديث البنية التنظيمية لسوق العمل الحر، بالتعاون مع الجهات الحكومية وغير الحكومية، لضمان الحماية المجتمعية وحفظ حقوق العاملين، وتعزيز الامتثال، وتوفير قاعدة بيانات معرفية دقيقة تسهم في رسم السياسات المستقبلية.
وتعتمد الشركة لتحقيق أهدافها على ركائز أساسية تتمثل في:
أولاً: تطوير وإدارة المبادرات
تقوم هذه الركيزة على ابتكار فرص عمل جديدة من خلال تصميم نماذج أعمال جاذبة، وتفعيل المبادرات، وإيجاد حلول تضيف قيمة حقيقية للمستفيدين والشركاء، وكل ذلك يعتمد على فهم عميق لاحتياجات سوق العمل ومتطلباته المستقبلية.
ثانيًا: الأبحاث والدراسات
تعمل الشركة على دراسة التجارب العالمية، وتطبيق المعايير المرجعية، وتطوير نماذج تحليلية تساعد في تحقيق النمو المستدام، وهذه الركيزة تعتبر الجناح العلمي الذي يدعم القرارات الاستراتيجية.
ثالثًا: الرقمنة
في عصر الثورة الرقمية، تولي الشركة اهتمامًا كبيرًا بالتحول الرقمي، وتسعى لإيجاد حلول تقنية مبتكرة تطور منظومة العمل الحر، وتجعلها أكثر انسيابية وكفاءة.
إلى جانب ذلك تغطي الشركة مجموعة واسعة من القطاعات الاقتصادية ذات النمو السريع والطلب المتزايد، مثل: الأنشطة الترفيهية، التكنولوجيا والتجارة الإلكترونية، النقل والتوصيل، المشاريع الصغيرة والمتوسطة إلى جانب السياحة والفنون والإدارة والخدمات المالية والعقارات، فكل قطاع يمثل فرصة ذهبية لشباب وشابات الوطن لتحقيق طموحاتهم ودخول عالم العمل الحر بكفاءة وثقة.
اقرأ أيضاً: «إنجاز» لخدمات الأعمال.. كل ما يبحث عنه العملاء في السعودية
البرامج والمبادرات
أطلقت الشركة عددًا من البرامج والمبادرات التي أصبحت ركيزة أساسية في دعم العمل الحر وتحقيق التوظيف الذاتي من أبرزها:
برنامج العمل عن بعد:
وهي مبادرة وطنية تهدف إلى ربط أصحاب الأعمال بالباحثين عن فرص عمل، وتذليل العوائق التي كانت تمنع البعض من الحصول على وظائف بسبب المسافة أو النقل، كما تعد من أهم أدوات تمكين المرأة أيضًا.
برنامج العمل الحر:
يساعد هذا البرنامج في تنظيم وتحفيز العمل الحر، من خلال تسهيل إصدار وثيقة العمل الحر، وتوفير خدمات وحوافز تشجع الشباب على الانخراط فيه.
برنامج العمل المرن:
يهدف إلى دعم التوطين عبر تنظيم عقود العمل بنظام الساعة، وتوفير كوادر وطنية للقطاع الخاص، مما يمنح الباحثين عن العمل مرونة أكبر في اختيار نوع الوظيفة والوقت المناسب له.
برنامج توجيه مركبات نقل الركاب عبر التطبيقات:
أطلق بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية، ويهدف إلى دعم العاملين في هذا المجال، عبر منحهم دعمًا شهريًا يصل إلى 2,400 ريال لمدة 24 شهرًا، ضمن إطار تشجيع العمل الحر وتحسين دخل الشباب.
مبادرة “مستقبلي”:
أطلقتها الشركة بالتعاون مع شركة أوراكل العالمية (Oracle) في ديسمبر 2023، وتهدف إلى تدريب 50 ألف باحث عن عمل وخريج سعودي، وإعدادهم لسوق العمل من خلال تطوير مهاراتهم في المجالات الأكثر طلبًا.
في الختام، “شركة عمل المستقبل” ليست مجرد اسم جديد على الخارطة الاقتصادية، بل هي مشروع استراتيجي يحمل في طياته أحلام الشباب وآمال المملكة، من خلال رؤية واضحة، واستراتيجية مبنية على البحث والابتكار، وشراكات مثمرة، تمضي الشركة قدماً نحو بناء اقتصاد حر مزدهر، يعكس طموحات الجيل الجديد، ويحقق رؤية المملكة 2030 في تمكين الإنسان السعودي ووضعه في مركز التنمية.