في إطار سعي المملكة العربية السعودية نحو تحقيق رؤية 2030 وتعزيز الإيرادات غير النفطية والاقتصاد، أعلن ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، قبل يومين عن إطلاق تسمية «مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات»، على المنطقة المخصصة في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية بجدة لتصنيع السيارات.
ووفقاً لتقارير إعلامية محلية، يهدف المجمع إلى توفير فرص استثمارية للقطاع الخاص والمساهمة في تطوير قطاعات واعدة في المملكة، ما سيساهم بحلول 2035 في إضافة أكثر من 92 مليار ريال (24.5 مليار دولار) إلى الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي.
وهناك تقرير سابق أشارت فيه شبكة إعلامية أمريكية شهيرة إلى أن السعودية وضعت هدفاً طموحاً بجذب 100 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة سنويا بحلول عام 2030، ولكن التقرير أشار إلى أن هذا الهدف ما زال بعيد المنال، حيث يبلغ متوسط الاستثمارات الأجنبية حاليا حوالي 12 مليار دولار سنوياً فقط، وفقاً لبيانات حكومية سعودية.
كما أضاف التقرير أن بعض المراقبين في المنطقة يشكّون في مدى إمكانية تحقيق هدف استقطاب 100 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية سنوياً، وذلك بالرغم من أن المملكة قد أصدرت قانوناً جديداً للاستثمار، يهدف إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
اقرأ أيضاً: توقعات الاقتصاد السعودي في عام 2025
أهم المعلومات عن مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات
قصة إلهام طموحة، كتلك القصص التي نقرأها وتعشش في ذاكرتنا وتدفعنا لتحقيق أحلامنا دون وعي، ومن قلب مدينة الملك عبد الله الاقتصادية بجدة حيث تتعانق الطموحات السعودية اللامتناهية مع الابتكار الصناعي العالمي، نهض «مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات» نافضاً عنه غبار آلاف الأفكار المبدعة، ليتجاوز الأحلام ويصبح حجر الأساس الذي ستقوم عليه نهضة اقتصادية جديدة.
تتجلى هذه النهضة في صناعة سيارات تنافسية تعكس بأبهى صورها رؤية المملكة 2030، مؤكدةً على التزام المملكة بتحقيق التنوع الاقتصادي وتعزيز قدراتها الصناعية، لتكون نقلة نوعية في قطاع التصنيع، وترسخ مكانة السعودية كمركز صناعي عالمي.
موقعها الاستراتيجي المثير على ساحل البحر الأحمر، وارتباطها بمدن رئيسية مثل جدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة عبر قطار الحرمين السريع وشبكة نقل متطورة، يمنح مدينة الملك عبدالله الاقتصادية ميزات تنافسية رائعة في الأنشطة الاقتصادية والتصنيعية، فضلاً عن تواجد ميناء الملك عبدالله، أحد الموانئ المتطورة في المنطقة، والذي يعد عنصراً حيوياً يساهم في تعزيز حركة التصدير.
ويمتد مجمع الملك سلمان على مساحة 60 كيلومتراً مربعاً ضمن المنطقة الاقتصادية المخصصة في مدينة الملك عبدالله، ليصبح الأكبر من نوعه في المملكة، وتتيح هذه المنطقة أنظمة وتشريعات داعمة للاستثمار، ما يجعلها بيئة مثالية لجذب الشركات العالمية.
وتساهم الحوافز التنافسية المقدمة في تعزيز الاستثمارات في القطاعات الجديدة، لاسيما في مجال الصناعات التحويلية، كما يلعب المجمع دوراً محورياً في تمكين سلاسل الإمداد، والتي تدعم الأهداف الاقتصادية المرسومة لزيادة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي.
هذا المشروع الرائد هو نتيجة سنوات من التخطيط الدقيق، الذي يهدف إلى إعادة تشكيل الاقتصاد السعودي ليقلل اعتماده على النفط ويصبح متنوعاً أكثر، وقد كانت لحظة إعلان الأمير محمد بن سلمان عن إطلاق هذا المجمع بمثابة بداية جديدة، وحينها أدرك الجميع أن المملكة تعلن عن ولادة صناعة سيارات وطنية طموحة، تسعى لتكون رائدة في قيادتها على الساحة العالمية.
اقرأ أيضاً: جديد السوق السعودية: سيارات كهربائية تعمل بالطاقة الشمسية
أهداف المجمع
في كل مصنع يُبنى داخل المجمع، تولد فرصة جديدة للشباب السعودي ليكونوا جزءاً من التحول الصناعي، فالحلم لم يعد محصوراً في وظائف قطاع الخدمات أو النفط، بل أصبح بإمكان الشاب السعودي أن يغدو مهندساً في مصنع سيارات أو خبيراً في تقنيات التصنيع، ما يسهم في تقليل البطالة وزيادة السعودة.
كما سيساهم المجمع في توطين الصناعات ونقل التكنولوجيا، الأمر الذي يتيح بناء صناعة سعودية قوية تعتمد على كفاءات محلية قادرة على إدارة المصانع وتطوير تقنيات التصنيع الحديثة.
والأهم من ذلك، سيساعد المجمع في دعم الاقتصاد الوطني وتحسين ميزان المدفوعات، فالمملكة تعتمد بشكل شبه كامل على النفط، ومع إطلاق هذا المجمع، ستُفتح أبواب جديدة لتصدير السيارات وقطع الغيار، وهذا يؤدي بدوره إلى تدفقات العملة الصعبة ويقلل الاعتماد على الاستيراد.
هدف آخر واضح وصريح، وهو تحقيق رؤية المملكة 2030، فالمجمع هو جزء من منظومة اقتصادية متكاملة تهدف إلى جعل المملكة قوة صناعية ولوجستية رائدة عالمياً، ويضعها على خريطة صناعة السيارات العالمية.
اقرأ أيضاً: تراجع الفجوة الاقتصادية السعودية بين الجنسين والرياديات في المقدمة!
مشاريع مع كبرى الشركات العالمية
يعدّ قطاع السيارات والنقل أحد القطاعات الاستراتيجية ذات الأولوية لصندوق الاستثمارات العامة، فمحفظته تشمل استثمارات متعددة بالشراكة مع القطاع الخاص، ويهدف الصندوق إلى تعزيز البنية التحتية وتطوير قدرات سلاسل الإمداد المحلية، من خلال مشاريع مشتركة مع كبرى الشركات العالمية في مجال تصنيع السيارات.
فقبل عام ونصف، افتتحت شركة لوسيد الأمريكية، المملوكة جزئياُ لصندوق الاستثمارات العامة، مصنعها الأول (AMP-2) للسيارات الكهربائية، الذي يمتد على أكثر من 1.35 مليون متر مربع ويحقق قدرة إنتاجية تصل إلى 155 ألف مركبة سنوياً، ويُنتج المصنع أربعة أنواع من السيارات الكهربائية ومن المتوقع أن يصل إلى طاقته الكاملة بحلول عام 2028.
تبع ذلك تأسيس شركة سير، أول علامة تجارية سعودية لصناعة السيارات الكهربائية، والتي أعلنت عن إنشاء مصنع على مساحة تزيد عن مليون متر مربع، و«سير»، وهي مشروع مشترك بين صندوق الاستثمارات العامة وشركة «فوكسكون»، وتعتزم بدء إنتاج مجموعة متنوعة من سيارات السيدان والدفع الرباعي في عام 2025، وستركز على كفاءة التصنيع والحفاظ على البيئة وتوفير آلاف الوظائف المحلية.
سيضم مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات كذلك مصنعاً عالي الأتمتة بالتعاون بين صندوق الاستثمارات العامة وشركة «هيونداي» الكورية، وتتجاوز استثمارات المشروع 1.8 مليار ريال، ويهدف لإنتاج 50 ألف سيارة سنوياً، بما في ذلك سيارات بمحرك احتراق داخلي وأخرى كهربائية، على أن يبدأ الإنتاج في عام 2026.
إلى جانب ذلك، سيقام مصنع لصناعة الإطارات بالشراكة مع شركة «بيريللي»، باستثمارات تقدر بحوالي 2 مليار ريال. سيبدأ المصنع أيضاً الإنتاج في 2026، وسيختص بتصنيع إطارات عالية الجودة تحمل علامة «بيريللي» وأخرى تحمل علامة سعودية جديدة موجهة للأسواق المحلية والإقليمية.
ختاماً، يجسد مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات بداية عهد جديد، حيث يتحول الطموح إلى واقع ملموس يعيد تشكيل الاقتصاد السعودي، مع كل مصنع جديد واستثمار يدخل السوق، تسطع السعودية بقوة في عالم الصناعة وتعكس إرادة قوية وطموحاً لا توقفه أي حدود.
اقرأ أيضاً: بين الهجانة والسيارات الكهربائية واحة من الأمن