حاوره: محسن حسن
الكاتب والباحث محمد محفوظ هو من مواليد العام 1966 في المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية، وهو أحد الكتاب السعوديين الناشطين في التعبير الصادق والدائم عن القضايا الوطنية السعودية، وكذلك عن القضايا الماسة بمنطقة الخليج والمنطقة العربية والعالم، وهو متنوع في إنتاجه وكتاباته، ودوما ما يغوص في أعماق الكثير من القضايا المحلية والإقليمية والدولية الشائكة والمحورية، من أجل تعريتها وكشف ملابساتها ووضع الحلول لمشكلاتها، وبشكل عام، يميل المحفوظ إلى إثارة القضايا الفكرية والعصرية والحضارية، كما أنه من الناحية البحثية والأكاديمية، مجتهد إلى حد كبير، في التعرض ـــ عبر مؤلفاته المتنوعة ــ إلى جوهر القضايا السياسية والاستراتيجية والاقتصادية، جنباً إلى جنب، مع القضايا الاجتماعية وغيرها من قضايا الأمة والمجتمع؛ فهو إلى جانب كتاباته في صحيفة الرياض السعودية، يدير غرفة التحرير بمجلة الكلمة المعنية بتغطية شؤون الفكر الإسلامي، كما يباشر مهمته أيضاً في إدارة مركز آفاق للدراسات والبحوث، ومن مؤلفاته و كتبه: الأمة والدولة من القطيعة إلى المصالحة لبناء المستقبل، الحضور والمثاقفة.. المثقف العربي وتحديات العولمة، الإصلاح السياسي والوحدة الوطنية.. كيف نبني وطناً للعيش المشترك، تحرير الديني الدولة المدنية طريقا، حوار الأديان وقضايا الحرية والمشاركة، إلى جانب مؤلفات أخرى عديدة.. أرابيسك لندن أجرت هذا الحوار مع المحفوظ حول الشأن السعودي ومتعلقاته المحلية والإقليمية والدولية.
* بداية.. إلى أي حد ترى أن سياسات المملكة وعلاقاتها الخارجية مواكبة للحدث الدولي والإقليمي؟
ـــ أعتقد أن سياسات المملكة الحالية، تمكن الدولة والمجتمع معاً من مواكبة الأحداث والتطورات السياسية… لأن رؤية المملكة الجديدة التي أرسى دعائمها ويرعى تنفيذها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، قادرة على خلق الإمكانات الوطنية التي تؤهل الجميع لمواكبة الأحداث والتطورات السياسة والاقتصادية الدولية.
* بأية عين ترى وتنظر إلى عموم المصالحات الإقليمية في منطقة الخليج مثل المصالحة مع قطر والمصالحة مع إيران وسوريا؟
ــــ المنطقة من أقصاها إلى أقصاها بحاجة إلى الاستقرار السياسي العميق الذي يوفر لدولها فرصة الاستمرار في تطوير مشروعات الاقتصاد والتنمية.. والمنطقة مرت في الفترات الماضية بمراحل سياسية عصيبة والمصالحات السياسية العميقة هي التي توفر إمكانية مواصلة التطوير والتحديث والتقدم الاقتصادي والتنموي؛ لذلك فإننا نعتبر كل خطوة إلى المصالحة السياسية العميقة هي فرصة حقيقية لمواصلة التقدم الاقتصادي.
* برأيك هل آتت هذه المصالحات ثمارها أم أن ذلك لا يزال في طي المجهول؟ وماذا تتوقع لها مستقبلاً.. الاستمرار أم العودة إلى المربع الأول؟
ـــ المصالحات السياسية في المنطقة العربية تستهدف بالدرجة الأولى وقف الانحدار العربي وتهيئة الظروف السياسية والاقتصادية لانطلاق كل دول المنطقة في مشروعات التنمية والبناء الاقتصادي وليس مطلوباً في مشروعات المصالحة السياسية أن تتطابق وجهات النظر حول كل القضايا والأمور، وإنما المطلوب عدم تعطيل خيار الاستقرار السياسي العميق ومواصلة البناء الاقتصادي الذي يعود بالفائدة على كل شعوب المنطقة.
اقرأ أيضاً: هل ستتأثر العلاقات السعودية الإيرانية بعد فوز ترامب؟
* ما تقييمك الخاص لحجم ونمط التواجد والتأثير السعودي في الوضع اللبناني؟ وماذا بشأن مستقبل هذا الإطار؟
ــــ المملكة تركت بصمات واضحة في استقرار لبنان وإخراجه من أتون الحرب الأهلية.. ولقد ساهمت المملكة في رعاية كل الأفرقاء في هذا البلد وصاغ كل هؤلاء جميعاً اتفاقية الخروج من مرحلة الحرب الأهلية والاستمرار في توطيد أركان الاستقرار السياسي بين جميع اللبنانيين، فدور المملكة تجسد برعاية اتفاق الطائف الذي وفر لكل الأطراف المشاركة في الحكم وإدارة الأوضاع السياسية على قدم المساواة .. وتواجد المملكة في لبنان سيستمر في رعاية الوفاق الوطني اللبناني وتجاوز كل المعضلات الهيكلية التي يعاني منها هذا البلد الشقيق.
* ما الأجدى من وجهة نظرك بالنسبة للشعوب والحكومات العربية: التحفظ أكثر تجاه إيران أم الانفتاح عليها وخاصة في المرحلة الراهنة؟
ــــــ إيران حقيقة اجتماعية ودينية قائمة بجوار منطقة الخليج العربي… وتباين وجهات النظر والخيارات السياسية والأمنية مع دول الخليج العربي لن يغير من حقيقة أنها دولة جارة وتجمعنا وإياها الكثير من عناصر الاقتراب الديني والجغرافي والاجتماعي، وأرى أننا في دول الخليج العربي بحاجة إلى صياغة مشروع خليجي-عربي مع إيران، على أن يأخذ هذا المشروع أهمية الالتفات إلى عدة نقاط مهمة؛ أولها ضرورة الاستمرار في خيار الوحدة الإسلامية بين إيران والخليج وأن التزام إيران بالمذهب الشيعي لا يشرع لها تعميم مذهبها في كل دول المنطقة، ودول الخليج بدورها تتحمل مسؤولية تعزيز أواصر التضامن الإسلامي. وثانيها ضرورة الاتفاق على أن الاختلافات والتباينات الأمنية والسياسية لا تعالَج إلا باستمرار الحوار والتواصل بين دول الخليج وإيران، وذلك عبر صياغة اتفاقات تجارية واقتصادية وصولاً إلى اتفاقات سياسية مساعدة على أن تتجاوز كل دول المنطقة أسباب الخلاف والتباين بينها وبين إيران، على أن تتحمل الأخيرة بدورها مسؤولية التفاهم مع دول المنطقة وبناء علاقات حقيقية وآمنة معها، تعود بالنفع الاقتصادي والأمني والسياسي على الجميع.
* هل يمكن أن نتوقع غربلة قريبة تعيد تشكيل الوضع الداخلي الإيراني وتوجهاته الخارجية تجاه الملفات والقضايا الإقليمية والدولية؟
ـــــ أعتقد أن الأمور السياسية والاستراتيجية في إيران تتجه بعمق إلى تحسين علاقاتها وخياراتها مع كل دول المنطقة.. وعلينا أن نتمعن بعمق في هذه التحولات بحيث يتم استغلالها وتوظيفها من أجل تجسير العلاقات العربية الإيرانية.
* ماذا تتوقع بشأن علاقات واشنطن/الرياض في ظل عودة ترامب للبيت الأبيض؟
ـــــــ العلاقات السياسية والاقتصادية الأمريكية-السعودية في عهد دونالد ترامب ستستمر في سياق استمرار المصلحة بين الطرفين.. وأتوقع في مرحلة ترامب الثانية أن يتبنى الأمريكيون مشروع خيار الدولتين في فلسطين، والذي تتبناه المملكة و يتبناه معها كل الدول العربية.
* هل ستستجيب واشنطن لطموحات الرياض الأمنية المعلقة منذ سنوات؟
ـــ يبدو لي أن الولايات المتحدة الأمريكية في عهد ترامب ستستجيب للطموحات السعودية دون الإضرار بالخصوصية السعودية العربية.
* بشأن مجلس التعاون الخليجي .. هل باتت المهددات لدوله أكثر أم أقل؟ وكيف تنظر إلى حجم التنافس البيني لأعضائه سياسياً واقتصادياً؟
ـــــ على المستوى السياسي ستبقى التباينات السياسية قائمة ولكن كل دول الخليج ستستمر في خيار التعاون الخليجي وسيدعم هذا الخيار كل الأطراف الخليجية.
* بعد عودة ترامب للبيت الأبيض هل ستنكمش علاقات السعودية مع تكتل بريكس أم ستخضع لتوازنات مرنة برأيك؟
ــــ كل الظروف السياسية والاقتصادية الدولية والإقليمية ستؤسس لخيار أن تكون العلاقات الأمريكية-السعودية قائمة على المرونة السياسية وهذه المرونة ستسمح للمملكة بالاستمرار مع خيار دول البريكس لأن المملكة في عهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان تعتمد على خيار التنويع الاقتصادي والسياسي ويبدو أن هذه الرؤية ستستمر في قابل الأيام.
* في الختام، ما الذي ينتظر الاقتصاد السعودي بعد غياب النفط ونضوبه؟ وهل استعدت المملكة جيداً لهذه الوضعية المستقبلية؟
ــــــ المملكة في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز ومجيء الأمير محمد بن سلمان كولي للعهد، التفتت إلى هذا الاحتمال، وعملت منذ ذلك الوقت على تنويع مصادر الدخل والاقتصاد، وبعد فترة زمنية سنكتشف أن المملكة لا تعتمد على جانب اقتصادي واحد.
اقرأ أيضاً: هاريس ومستقبل العلاقات السعودية مع البيت الأبيض.. سؤال المرحلة!