مرام طيبة مخرجة وكاتبة سعودية عشقت الحكايات والسفر، وتنقلت بين عدد من التجارب الفنية التي أغنت رحلتها وجعلتها تقترب من الناس في تفاصيلهم الصغيرة، حتى ترسم الصورة الكاملة، من يطلع على سيرتها لابدّ له أن يستشعر الإلهام، ليس فقط من فرادة المواضيع التي تطرقت لها، ولكن أيضاً من طريقة المعالجة البسيطة التي أخذت بقلب كل من حضر لها فيلماً أو قرأ لها قصة، فهي تحرص على تحويل الواقع إلى حكاية لا تنسى، مع لمسة من الخيال الطفولي الجميل والأنثوي أيضاً.
حاورتها: ريما خيربك
مرام طيبة شخصية سعودية مبدعة تعشق السفر والقصص، من هذا الباب ما الذي تمثله الكتابة والسينما بالنسبة لك، وكيف اكتشفت حبك لها؟
بدأت بالكتابة في عمر صغير جداً، وأدركت تفاصيل حرفة السرد القصصي عبر قراءة القصص ومشاهدة الأفلام، ثم انتقلت إلى مرحلة أكثر جدية من خلال اتباع دورات الكتابة الإبداعية، ومن ثم حصلت على درجة الماجستير في الإخراج السينمائي من جامعة بوسطن في الولايات المتحدة الأمريكية في العام 2014.
وعادة ما أجمع القصص في كل الأماكن ومن جميع الأشخاص، وهناك العديد من الأماكن التي أتخيل أنها موجودة وبالفعل أشاهدها أثناء أسفاري، وعادة ما تأخذ خيالاتي سيناريو بمعنى أرى مكاناً ثمّ أرى على الفور شخصيات في هذا المكان، يعيشون حدثاً درامياً، ومن هنا تنشأ القصة، فعلى سبيل المثال، ظهرت جزيرة خضراء في بالي الإندونسية، كمعبد للرهبان القدماء في واحد من كتبي.
في جعبتك أفلام مميزة اتخذت طابع التجارب الشخصية وأحد أفلامك مُنُكير شارك في مهرجان كان السينمائي بالعام 2016، جمهور أرابيسك لندن متشوق لمعرفة كواليس المشاركة ولماذا اخترت هذا الاسم كعنوان للفيلم؟
تم عرض فيلم مُنُكير في ركن الأفلام القصيرة بمهرجان كان السينمائي في العام 2016، وهو فيلم تدور أحداثه بمدينة جدة في العام 1973، بالنسبة لي كان الفيلم رحلة استكشافية للمواقف والأشياء التي مر بها جيل والدي، من خلال التعرف على خياراتهم في الحياة، وجاءت تسمية الفيلم من محادثة هامة دارت بين بطلة الفيلم وأخصائية تجميل الأظافر التي اختارت الطلاق عوضاً عن زواج غير سعيد.
فيلمك لا تذهب بعيداً جداً مستلهم من شخصية أخوك الكبير، ولكنه محض خيالات، وكذلك كتب الأطفال التي ألفتها، السؤال هنا كيف استطعت تحويل خيالاتك إلى منتجات إبداعية، لاسيما أنّك قادرة على لمس الجمهور بأفكار سلسلة وعفوية وحقيقية؟
إنها نتيجة عملية إبداعية طويلة استغرقت مني سنوات من الاستكشاف والممارسة، ومن وجهة نظري الكتابة المحملة بالعواطف والمشاعر هي من أصعب أنواع الكتابات، وهو الحال مع فيلم لا تبتعد كثيراً، وفي أحيان أخرى ربما تكون المشاعر المحملة بعاطفة الفرح تمنح الكتابة حالة من التدفق غير المسبوق، ومن وجهة نظري هذا النوع من المشاريع الفنية هو الذي يترك أثراً في الغالب، ومن المهم بين الحين والآخر أن نقدم مثل هذا النوع من المشاريع، لأنه يزيد من قوة عضلاتنا الإبداعية ويمنحها المزيد من المرونة.
تقولين عن نفسك أنّ الإبداع عندك يأخذ في كل فترة شكلاً مميزاً، هل يمكن مشاركة مراحل تميزك الإبداعي مع جمهور أرابيسك لندن؟
بدأ الأمر عندي من خلال رغبتي في استكشاف كل شيء إبداعي حول العالم، ولازالت أرغب بذلك، وهذا ما منح صفة التنوع لكتاباتي، ومن ثم أدركت قبل بضع سنين أنني أفضل الكتابة الخيالية، واخترتها لتكون محور تركيزي للفترة القادمة، وهو ما قادني لإنتاج فيلمي الخيالي مالكة، وهو عبارة عن إعلان رسمي لدخولي عالم السينما الخيالية، وهو أمر كنت قد بدأته قبل سنوات في عالم الكتابة، من خلال تأليف مجموعة من قصص الأطفال.
ما التخصص الذي يمكن أن يعبر عن مرام طيبة تماماً، كاتبة أم مخرجة أو رحالة مدونة وكاتبة إعلانات، لأنك سابقاً أوضحت أنّه ليس لديك شغف بالتصميم الجرافيكي وهو مجال دراستك في البكالوريوس.
كان من الصعب بالنسبة لي الانتقال بين عالمي الكتابة والسينما، لكن في الواقع أنا أحب كلتا الوسيلتين، ولحد الآن أنا غير متأكدة إذا كنت سأتمكن من الالتزام بإحداهما دون الأخرى، لكنني متصالحة مع حيرتي.
كيف كانت رحلتك في الحياة وما القيود التي استطعت تجاوزها وتلك التي لازلتي عالقة فيها حتى الآن، وما الاستراتيجية المعتمدة لديك في الحياة، هل هي الهروب أم المواجهة أو غير ذلك؟
بالتأكيد مررت بمراحل كثيرة من اكتشاف الذات وتفكيك المعتقدات التي قد لا تصب في مصلحتي، حتى تمكنت من العثور على ذاتي الحقيقية المتمكنة والواثقة، واستغرقت هذه الرحلة من الكثير من الجهد والطاقة، وبالنسبة للاستراتيجية فلا أعتمد على استراتيجية واحدة فقط، ولكن عادة في كل موقف أسأل نفسي ثلاثة أسئلة، أولها هل يمكنك أن تكوني كريمة ولطيفة مع نفسك الآن، الثاني احصلي على الدعم اللازم للحفاظ على صحتك العقلية، والثالث يجب أن أكون محاطة بأفراد من المجتمع في عالم كل شيء فيه يدعو للعزلة.
مرام طيبة المخرجة كيف تضبط موقع التصوير لناحية الديكور والإضاءة والألوان، بطريقة الإلهام أم بالقواعد الأكاديمية، وما السبب في حال اعتماد أسلوب دون آخر؟
أحب مجالات التصميم والإنتاج والتصوير السينمائي وأؤمن بالتعاون أثناء العمل، وامتلك رؤية خاصة، وأنا قادرة على التعبير عنها بطريقة بصرية لإيصال ما أراه لزملائي في موقع التصوير، ومن ثم أترك لهم مساحة للمساهمة بما قد يرونه مناسباً أيضاً، من أجل الوصول إلى ما هو جديد معاً.
تحبين الطبخ، ما الأكلات المفضلة لديك وما المكان المفضل لديك لحمل الوجبات التي تقومين بإعدادها؟
نعم لدي عدد من الأكلات المفضلة، ولكن في السابق حالياً الأمر مختلف، وبالعموم أرى أن الطبخ هو شكل من أشكال التعبير الإبداعي الذي يتخذ صفة المباشرة والصبغة الحسية.
السؤال السابق يقودني إلى فضول التعرف على أجواء العمل المفضلة لديك، ماهي طقوسك المقدسة في العمل إن جاز التعبير؟
أعتقد أن الجميع في موقع تصوير الفيلم بحاجة للشعور بالتقدير والاحترام وحتى الاهتمام، فعلى سبيل المثال في موقع تصوير فيلم “Malika”، تحدثت مع المنتجين حول كيفية ضمان جو إيجابي في موقع التصوير، لأن مواقع التصوير في العادة تكون مرهقة وهذا سبب آخر لتعلم كيفية خلق بيئة تعاونية ولطيفة.
خضتي مشروع التلفزيون التجريبي تحت عنوان بدون نص، ومن يشاهد حديثك عن التجربة يلمس حالة الشغف والإبداع المقترن بمتعة الاكتشاف، ماذا أضافت هذه التجربة لك وللمشاركين فيها؟
تعودت على الشعور بالتوتر قبل بدأ تصوير أي حلقة، والسبب أنه في كل مرة ليس هناك نص وكنت أشعر دوماً بالقلق، من عدم كوني قادرة على إخراج المشهد مباشرة، لكن التجربة علمتني أن أثق بنفسي، وأن أكون حاضرة في اللحظة، ما يسمح للأفكار بالظهور في الوقت المناسب تماماً.
ما الذي أضافته لك دراسة الإخراج السينمائي في أمريكا؟
أعتقد أن أهم شيء خرجت به هو البنية والفهم الصحيح لكيفية صناعة الأفلام، أيضاً تعلمت من الأشخاص الذين يقودون الصناعة على المستوى العالمي، من جانب آخر أتذكر أنني استمتعت بدروسي، وأحببت كل دقيقة من مناقشة الأفلام والتفكير بالأفلام والحلم بالأفلام.
أين تجد مرام طيبة نفسها اليوم، وما التحضيرات القادمة وفي أي مجال؟
اعتبر أنّ فيلمي الخيالي القصير “ملكة” والذي يتنافس في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، هو دليل على دخولي عالم الفيلم الروائي الطويل، وأتأمل أن تكون خطوتنا التالية فيلم خيالي طويل.
السؤال التقليدي والذي أتوقع منك إجابة مختلفة عنه، ما النصيحة التي توجهينها لكل شخص معجب بإبداعك وشغفك وربما يجد فيكي قدوة له؟
اكتشف ما تحبه وحاول أن تفعله على قدر استطاعتك، واقرأ الكثير من الكتب إذا كنت تريد أن تصبح كاتباً، وشاهد الكثير من الأفلام إذا كنت تريد أن تصبح صانعاً للأفلام،واعلم أنه ليس بالأمر السهل أن تفعل ما تحب، في عالم يتوقع منك أن تعيش في قالب محدد، الأمر يحتاج للشجاعة والمثابرة والإيمان بنفسك، وأنه من المسموح لك أن تأخذ خياراً مختلفاً.
اقرأ أيضاً: من هي إيلاف الزهراني الشخصية اللامعة في المملكة العربية السعودية؟