بوابة صحراوية تجمع ظلال تاريخ الأخدود مع أجنحة الطائرات، وتنسج للجنوب السعودي طريقاً مفتوحاً إلى المدن والأسواق والفرص. هنا تتحول الرحلة من إجراء عابر إلى تجربة تدل على تحولات منطقة بأكملها، حيث يلتقي الهدوء بطموح لا يهدأ، وتغدو النافذة الجوية مرآةً لمستقبلٍ يزداد اتساعاً.
مطار نجران الإقليمي: بنية حديثة ومسافات قريبة
يقع المطار على مسافة تقارب 26 كيلومتراً شمال شرقي قلب مدينة نجران، بطاقةٍ استيعابية تبلغ 1.4 مليون مسافر، وقد سجّل عام 2022 نحو 5,858 رحلة داخلية و726,181 مسافراً، ما يؤكد دوره بوابةً رئيسة للمنطقة. افتُتحت صالاته المطوّرة عام 2011، ويضم مدرجاً واحداً (06/24) بطول 3,050 متراً يضمن عمليات هبوط وإقلاع مرنة لطائرات البدن الضيق والمتوسط. هذه المعطيات تصنع قاعدة تشغيلية متينة لمطار يوازن بين سهولة الوصول واتساع الخدمة.
شبكة وجهات تتسع من الداخل إلى الجوار
لا تقتصر خريطة الرحلات على الربط الداخلي، إذ يوفر المطار رحلات مباشرة منتظمة إلى الرياض وجدة والدمام، وإلى دبي والقاهرة خارجياً، مع الإشارة إلى أن خط القاهرة موسمي خلال الشتاء وتُسَيّره «نيل إير». ووفق رصدٍ محدث في أكتوبر 2025، يبلغ عدد الوجهات المباشرة خمس وجهات في بلدين، ويتصدر خط الرياض من حيث عدد الرحلات الشهرية، ما يعزز قدرة السكان والشركات على الوصول السريع إلى مراكز الأعمال والخدمات. هذا الاتساع في الربط يختصر زمن السفر، ويمنح المسافرين مسارات مرنة إلى شبكات أوسع عبر مطارات محورية.
خدمات وتجربة مسافر تتقدم بخطى سريعة
تطور المطار لا يظهر في الطائرات وحدها، بل في تفاصيل رحلة المسافر. فالمرافق المعلنة حديثاً تشمل 12 كونتراً للسفر، و9 منصات لجوازات القدوم، و6 منصات للمغادرة، إضافة إلى 3 جسور للركاب، و5 بوابات للقدوم، و4 للمغادرة، مع وجود عيادة طبية؛ وهي منظومة ترفع كفاءة الانسياب وتخفض زمن الانتظار.
وقد تُوِّج هذا التحسن بنيل المطار جائزة «أفضل مطار في الشرق الأوسط تحت مليوني مسافر» لعام 2024 من مجلس المطارات الدولي، وهو تقديرٌ يعكس جودة التجربة من منظور المتعاملين ويشجع على منافسةٍ إيجابية داخلياً.
من منصة تشغيلية إلى رافعة تنموية
حين تسير رحلةٌ مباشرة من مطار نجران الإقليمي إلى دبي أو القاهرة، فهي لا تحمل المسافرين فحسب؛ بل تنقل منتجات المنطقة وفرصها وسرديتها إلى دوائر أوسع. يسهل المطار وصول المستثمرين والزوّار إلى قطاعات التجارة والتعدين والزراعة، ويقرّب مواقع السياحة الثقافية—مثل الأخدود ومنطقة «حمى»—من أجندة الرحلات القصيرة، بما ينعكس على حركة الفنادق والخدمات.
ومع استئناف التشغيل الكامل في مايو 2019 بعد توقفٍ احترازي سابق، عادت الحركة لتبني على رصيدها وتستفيد من توسّع شركات الطيران الاقتصادية في المملكة، فيما تواصل الجهات المعنية المتابعة الدورية للأداء؛ فقد اطّلع وزير النقل والخدمات اللوجستية في 31 أغسطس 2025 على سير الحركة التشغيلية بالمطار ومواءمة المشاريع مع الاستراتيجية الوطنية للطيران، بما يعكس تركيزاً حكومياً على استدامة التحسين.
بوصلة المرحلة القادمة
تبدو الفرص المقبلة واضحة: زيادة الترددات على الخطوط الداخلية لتلبية نمو الطلب الموسمي، وتوسيع الربط الخارجي إلى وجهات إقليمية إضافية، مع الاستثمار في التجربة الرقمية والخدمات الذاتية داخل الصالات، وتطوير البرامج المشتركة مع الناقلات الاقتصادية لضبط الأسعار وتحسين امتلاء الرحلات.
ومع طول المدرج وقدرات البنية الحالية، يملك مطار نجران الإقليمي هامشاً جيداً لتعزيز الاعتمادية في أوقات الذروة، بينما يواصل حضور الناقلات الوطنية والاقتصادية – مثل «الخطوط السعودية» و«طيران ناس» و«طيران أديل» – رفد الشبكة بعديد الخيارات والأسعار، الأمر الذي يرفع جاذبية «مطار نجران الإقليمي» كنقطة انطلاق مريحة لسكان المنطقة وزوارها، ويعزز تنافسيته في خارطة المطارات السعودية.
خلاصة القول: مطار نجران الإقليمي اليوم ليس مبنى وصالة ومدرجاً فحسب، بل منظومة اتصالٍ واقتصادٍ وخدمةٍ عامة، تتطور بهدوء وثقة، وتضع الجنوب على خريطة سفرٍ أكثر اتساعاً.
اقرأ أيضاً: محط رهان الشركات: إلى أين تتجه مطارات الدمام بعد عقود التطوير الجديدة؟!

