الرسم في السعودية من أبرز أشكال التعبير الفني التي تعكس ملامح الهوية الوطنية وتطور الحركة الثقافية في البلاد. وقد أسهم أشهر رسام سعودي في تعزيز مكانة هذا الفن من خلال أعماله التي جسدت البيئة المحلية والإنسان السعودي بأسلوب يجمع بين الأصالة والحداثة. ويظهر المشهد التشكيلي في المملكة تنوعاً غنياً في المدارس والأساليب، مما يعكس اتساع آفاق الإبداع الفني وتزايد الاهتمام بالرسم كوسيلة للتعبير عن القيم والجمال والواقع المعاصر. من أشهر الرسامين والتشكيليين في السعودية الرسام “عبد الحليم رضوي”، والذي سنتعرف عليه في هذا المقال.
عبد الحليم رضوي أشهر رسام سعودي
عبد الحليم رضوي أحد مؤسسي الفن التشكيلي في المملكة، وحاصل على شهادات عليا من جامعات (روما ومدريد)، يوصف بأنه رائد الفن التشكيلي في السعودية، ويعتبر من أوائل من حملوا ريشة الفن في منطقة الخليج العربي.
ولد عبد الرحيم رضوي عام 1939 في حي أجياد بمدينة مكة المكرمة. توفي والده وهو في سن السابعة فنشأ في أسرة فقيرة تعيش في خيمة صغيرة وسط ظروف مادية صعبة، تحمل رضوي مسؤولية أسرته في سنه التاسعة لكونه الابن الأكبر فيها، فعمل بائعاً للحلويات وعاملاً في خدمة الطوافة (إرشاد الحجاج والمعتمرين)، كما عمل في البناء والخياطة.
اقرأ أيضاً: نجلاء السليم: نجمة ساطعة في سماء الفن التشكيلي السعودي
مرحلة الدراسة وبناء الذات
درس أشهر رسام سعودي المرحلة الثانوية في “ثانوية العزيزية” بمدينة مكة، وشارك في معرض فني على مستوى الدولة بلوحة سماها “القربة”، فكان السبب بفوز مدرسته بالمركز الأول، ونال هو جائزة نقدية بقيمة 500 ريال (حوالي 138 دولاراً)، مما شجعه على التوجه إلى إيطاليا لدراسة الفنون على نفقته الخاصة بدايةً قبل أن يدخل ضمن برنامج الابتعاث الوطني بعد ذلك بعام.
حصل على شهادة بكالوريوس في فن الديكور من كلية الفنون الجميلة بروما عام 1964، وعاد للكلية ذاتها لاحقاً من أجل الحصول على درجة أكاديمية أعلى، ثم نال درجة الدكتوراه في الفنون من جامعة سان فيرناندو بمدريد عام 1979، وكان عنوان رسالته (دور الفن العربي وأثره على الفنون الغربية من خلال حضارة العرب في إسبانيا).
اقرأ أيضاً: رحيل رائدة الفن التشكيلي السعودي صفية بن زقر

تجربته الفنية وأهم معارضه
أنتج رضوي أكثر من 3300 عمل فني ما بين رسم وتصوير ونحت ومجسمات جمالية وجداريات، منها 33 مجسماً جمالياً في مدينة جدة لوحدها، وسبعة في جامعة الملك سعود بالرياض، واثنان في مدريد، وواحد في العاصمة البرازيلية.
في عام 1964 أقام رضوي معرضه الشخصي الأول، والذي كان حينها أول معرض تشكيلي يقام في البلاد، وذلك عقب عودته من إيطاليا حاملاً دبلوم الفنون الجميلة. وبعد تنظيم المعرض في جدة، جال في الرياض ثم الشرقية ليساهم في التعريف بالفن التشكيلي ويكسر الحاجز النفسي الذي كان يحول دون الدخول في مجاله، وهو ما شجع زملاء له على الإقدام لاحقاً على تنظيم معارض تشكيلية خاصة بهم.
كان للرضوي اهتمام خاص بالخطوط الدائرية والألوان البراقة، ودعمها بالزخارف العربية التي منحها الأولوية تعبيرا منه عن الهوية الإسلامية مستعملا الحرف العربي. وانطلاقا ًمن هذا التوجه، تعددت الأسماء التي أطلقها رضوي على لوحاته، وأبرزها “ليلة الحنة”، “ليلة الفرح”، المزمار الشعبي”، “الخيول”، حيث صنع الحرف العربي تشابكات وتقابلات فنية فريدة داخل مستطيل لوحاته.
يعتبر رضوي أشهر رسام سعودي و أكثر الفنانين التشكيليين معارض فنية على مستوى العالم، حيث شارك في 101 معرض في الولايات المتحدة وهولندا والبرازيل والسويد وبريطانيا واليابان وإندونيسيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا وسويسرا وبلجيكا ودول الخليج.
فضلاً عن أن أعماله ولوحاته في العديد من المتاحف والصالات الفنية مثل: متحف الفن الحديث في أبسيا بإسبانيا، ومتحف الفن الحديث في الأردن، ومتحف الفن في “ريو دي جانيرو” بالبرازيل، ومتحف الفن الحديث في المغرب، والمتحف الوطني في تونس، إلى جانب متحف كير جاس في زيوريخ بسويسرا، وصالة الفن في سان ماركو بروما، وهناك متحف خاص لأعماله في مدينة جدة.

الوظائف التي تولاها أشهر رسام سعودي
بدأ رضوي حياته العملية كمدرس للرسم بمعهد التربية الفنية في الرياض، وفي عام 1973 شغل منصب رئيس رابطة الفنانين التشكيليين العرب في مدريد. كما عُين مديراً لمركز الفنون الجميلة في جدة منذ تأسيسه عام 1967 وحتى إلغائه عام 1974، وشغل منصب المدير العام لجمعية الثقافة والفنون في جدة لمدة 11 عاما بدءا ًمن عام 1980. كما عمل مستشاراً للجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون ابتداء خلال أعوام 1993-2006.
وفاة التشكيلي الأبرز في البلاد
توفي الفنان عبد الحليم رضوي في 6 مارس من عام 2006 إثر إصابته بنوبة قلبية في المستشفى التخصصي بجدة عن عمر ناهز 67 عاماً.

