في فبراير 2021، أصدرت المملكة العربية السعودية قراراً اقتصادياً هاماً يتعلق بالشركات الأجنبية العاملة في المنطقة، و وفقاً لهذا القرار، يجب على هذه الشركات نقل مقراتها الإقليمية إلى الرياض قبل يناير 2024، وإلا فإنها ستفقد فرصة الحصول على عقود حكومية من المملكة.
وقد استجابت العديد من الشركات العالمية الكبرى لهذا العرض السعودي وبدأت في الانتقال إلى المدن الرئيسية السعودية، وهذا ما أكده سفير فرنسا في السعودية لودوفيك بويّ الذي قال: أن معظم الشركات الفرنسية قد انتقلت بالفعل إلى الرياض للاستفادة من التسهيلات المقدمة والمنافسة في السوق السعودي، مضيفاً أن هناك 175 شركة فرنسية تعمل في السعودية وتوظف أكثر من 13.3 ألف سعودي.. و لكن ما هي الأهداف التي تسعى إليها المملكة من خلال هذا القرار الاقتصادي؟
تعزيز الاستثمار
تستهدف المملكة تعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر لتصل إسهاماته إلى 5.7% من الناتج المحلي الإجمالي، ورفع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى نحو 388 مليار ريال سنوياً.
ولذلك، فإن هذا القرار يهدف الى رفع كفاءة الإنفاق والحد من التسرب الاقتصادي من خلال الاحتفاظ بالمزيد من نفقات الشركات داخل المملكة، وتعزيز العديد من القطاعات مثل السياحة والتجزئة والعقارات والمدارس الدولية لأبناء الموظفين الإقليميين.
وبمعنى آخر، فإن جميع هذه القطاعات سوف تشهد انتعاشا كبيرا يعزز الاقتصاد المحلي.
والأثر الاقتصادي كذلك لهذا القرار هو في ضمان أن المنتجات والخدمات الرئيسية التي يتم شراؤها من قبل الأجهزة الحكومية المختلفة يتم تنفيذها أيضا على أرض المملكة، وبمحتوى محلي مناسب، مما يعزز التنافسية، ويحول الرياض إلى مركز أعمال عالمي ووجهة للكيانات الاقتصادية الدولية.
عاصمة الاقتصاد في المنطقة
تخطط المملكة لنقل 480 مقر إقليمي للشركات العالمية بحلول عام 2030، مما يوفر آلاف الوظائف عالية الجودة للسعوديين، ويجلب أفضل الخبرات العالمية للتعاون مع أبناء وبنات الوطن، وينمي المهارات والخبرات والتدريب ونقل المعرفة وتوطينها.
ولا يمكن إغفال أن الرياض هي عاصمة أكبر اقتصاد في المنطقة، وبعد أن فازت المملكة بشرف استضافة معرض “إكسبو 2030″، ودورة الألعاب الآسيوية الشتوية في عام 2029، فإن المملكة تستقبل المزيد من الشركات العالمية للمساهمة في تخطيط وتنفيذ هذه الفعاليات والمشروعات الضخمة التي تغطي جميع القطاعات في المملكة، وتوفر فرصا هائلة للعقود والاستثمارات المربحة بقوة شرائية عالية، مما يخلق الآلاف من فرص العمل لأبناء وبنات الوطن.
ضمان المساواة
وحين نتحدث عن الفرص الاستثمارية أمام السعوديين، بعد هذا القرار، يجب ذكر أن من أحد مبادئ الاستثمار وسياساته في المملكة هو ضمان المساواة بين المستثمرين السعوديين وغير السعوديين.
ولذلك، فإن “البرنامج السعودي لجذب المقار الإقليمية” للشركات العالمية يوفر العديد من الأنشطة التجارية والفرص الاستثمارية أمام المستثمرين السعوديين في الكثير من القطاعات.
ونجد تلك الفرص الاستثمارية الكبيرة في قطاعات السياحة والترفيه والخدمات التنظيمية مثل الحجوزات والفعاليات، وأيضا في الخدمات المهنية مثل الاستشارات الضريبية والمصرفية وغيرها.
ونجدها أيضا في خدمات الانتقال والعمل مثل توفير المكاتب المؤقتة وأماكن الإقامة لهؤلاء الاجانب، وأيضا في خدمات التيسير مثل استقدام العمالة المنزلية والمقاولون وعمال الصيانة وغيرها من الفرص الاستثمارية الأخرى.
تسهيلات ومزايا غير مسبوقة
وحتى اليوم، قامت 200 شركة بنقل مقارها الإقليمية إلى الرياض، وللوصول الى مستهدف المملكة لنقل 480 مقر إقليمي للشركات العالمية بحلول 2030م، يقوم البرنامج السعودي لجذب المقار الاقليمية بالتنسيق بين العديد من الجهات في المملكة ومنها والهيئة الملكية لمدينة الرياض، ووزارة الاستثمار، ووزارة المالية، وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك، لتقديم مزايا وخدمات دعم متميزة وحوافز ضريبية لمدة 30 سنة؛ ويشمل الإعفاء الضريبي نسبة صفر في المية لضريبة الدخل على المقار الإقليمية، وأيضا صفر في المية ضريبة الاستقطاع للأنشطة المعتمدة للمقار الإقليمية.
ومن المزايا أيضا إمكانية حصول الشركات الأجنبية على عدد غير محدود من تأشيرات العمل واستقطاب المديرين التنفيذيين والكفاءات المتميزة للعمل في هذه المقار الإقليمية.
وتبدأ هذه التيسيرات من تاريخ إصدار ترخيص المقر الإقليمي وهي بهدف جذب ودعم وتشجيع وتيسير إجراءات افتتاح الشركات العالمية لمقارها الإقليمية في المملكة، وجعل المملكة هي الخيار الأول لهذه الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.