تستعد بيروت لاستقبال زيارة استثنائية لوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان يوم الخميس المقبل، في زيارة تستمر يوماً واحداً تحمل في طياتها دلالات مهمة وتاريخية، فهذه الزيارة، التي تعد الأولى لوزير سعودي إلى لبنان منذ سنوات طويلة، تأتي في وقت حساس يشهده المشهد السياسي والاقتصادي اللبناني، وهي ليست مجرد زيارة بروتوكولية عادية، بل هي رسالة واضحة تعكس تغيّراً ملحوظاً في مسار العلاقات بين البلدين، وتفتح الباب أمام تعاون أكبر بين الرياض وبيروت.
من المتوقع أن يلتقي الوزير السعودي بالرئيس اللبناني جوزيف عون، حيث سيسلمه دعوة رسمية لزيارة المملكة العربية السعودية، كما تتضمن أجندة الزيارة لقاءات مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام، بالإضافة إلى دعوة مختلف المسؤولين اللبنانيين إلى لقاءات في مقر السفارة السعودية.
وهذا الحراك الدبلوماسي الكثيف يعكس اهتمام الرياض بإعادة بناء جسور التواصل مع بيروت، والتأسيس لشراكة مستدامة في مختلف المجالات.
المعلومات الأولية تشير إلى أن زيارة الوزير السعودي تمهد لإطلاق مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية، تتسم بالانفتاح والدعم المتبادل، ويُنتظر أن يتم خلال زيارة الرئيس اللبناني المرتقبة إلى المملكة التوقيع على 22 اتفاقية مشتركة تغطي مجالات متعددة، من الاقتصاد والمالية إلى الزراعة والأمن، هذه الاتفاقيات، التي تأجل تنفيذها منذ عام 2017، تعتبر خطوة جوهرية على طريق إعادة الثقة والتعاون بين البلدين.
اقرأ أيضاً: لبنان يتجاوز الفراغ السياسي والسعودية تجدد دعمها له
أحد الجوانب البارزة التي من المحتمل أن تشهد الإعلان خلال هذه الزيارة هو رفع الحظر السعودي على سفر مواطنيها إلى لبنان، وهذا القرار، في حال اتخاذه، سيمثل رسالة إيجابية قوية، ليس فقط للسعوديين الراغبين في زيارة لبنان، ولكن أيضاً للبنانيين الذين يعتمدون على قطاع السياحة كمصدر رئيسي للدخل، فعودة السياح السعوديين تعني تعزيزاً مباشراً للاقتصاد اللبناني الذي يعاني من أزمات متتالية.
لكن الدعم السعودي للبنان لا يتوقف عند الجانب الثنائي فقط، فقد كشفت معلومات موثوقة عن تعاون سعودي مع قطر والكويت لتأسيس صندوق مشترك لدعم لبنان في المرحلة المقبلة.
وهذا التحرك الثلاثي يعكس رؤية استراتيجية لتعزيز استقرار لبنان، ليس فقط من خلال المساعدات المالية المباشرة، بل عبر خلق آليات تعاون طويلة الأمد تساهم في تعزيز البنية الاقتصادية والمؤسسية للبلاد.
إلى جانب هذا، تحمل زيارة فيصل بن فرحان أيضاً رمزية سياسية مهمة، فهي تأتي في وقت يشهد فيه لبنان تحديات كبرى على مختلف الأصعدة، من الأزمات الاقتصادية إلى الانقسامات السياسية الداخلية، يبدو أن الرياض ترسل رسالة مفادها أن استقرار لبنان يشكل أولوية إقليمية، وأن المملكة مستعدة للعب دور فعال في دعمه.
وهذه الخطوة السعودية لا تقتصر على الدعم المالي والاقتصادي، بل تعكس رغبة المملكة في تعزيز التعاون الأمني أيضاً، فمع التوقيع المرتقب على اتفاقيات أمنية، يبدو أن هناك اهتماماً مشتركاً بين البلدين بمواجهة التحديات الأمنية التي تهدد المنطقة، من الإرهاب إلى الجرائم المنظمة.
اقرأ أيضاً: لبنان في صلب مباحثات فيصل بن فرحان وهوكستين
هذا وكان قد أعلن الرئيس اللبناني المنتخب، جوزيف عون، عن نيته زيارة المملكة العربية السعودية كأول محطة رسمية له بعد توليه مهامه كرئيس للجمهورية، وجاء ذلك عقب تلقيه دعوة من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وأفادت مصادر بأن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، أجرى اتصالاً هاتفياً بالرئيس اللبناني الجديد يوم السبت، هنأه خلاله بانتخابه وأدائه القسم الدستوري، كما نقل تهاني الملك سلمان بن عبد العزيز وتمنياته للرئيس عون بالتوفيق.
وخلال الاتصال، أعرب ولي العهد عن خالص التهاني وأطيب الأمنيات للبنان وشعبه بمزيد من التقدم والازدهار، موجهاً دعوة للرئيس عون لزيارة المملكة.
وفي بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية، أعرب الرئيس جوزيف عون عن تقديره لمواقف المملكة الداعمة للبنان وشعبه، مشيراً إلى أن زيارته للسعودية كأول وجهة خارجية تعكس إيمانه بالدور التاريخي للمملكة في دعم بلاده وتعزيز العلاقات بينهما.
وأكد البيان أن هذه الخطوة تهدف إلى تقوية الروابط الثنائية بين لبنان والمملكة، خاصة في ظل ما شهدته العلاقات بين البلدين من تحديات خلال السنوات الأخيرة، نتيجة التدخلات السياسية والنفوذ الإيراني المتزايد في لبنان عبر حزب الله».