في لحظة فارقة من تاريخ المنطقة، أتى قرار وقف إطلاق النار بين لبنان والكيان الإسرائيلي ليحمل بارقة أمل في ظل التوترات المستمرة والصراعات التي هزت المنطقة منذ حوالي عام ونصف، فهذا الاتفاق، الذي تضافرت فيه الجهود الدولية والمحلية، يعكس التزاماً متجدداً من الأطراف المعنية باستعادة الاستقرار والأمن في لبنان، بعد سلسلة من المواجهات التي أسفرت عن دمار وتهجير العديد من العائلات.
في هذا المقال، نستعرض تفاصيل الاتفاق التاريخي الذي تم التوصل إليه، ونلقي الضوء على التصريحات والتعهدات من مختلف الأطراف، بدءاً من المملكة العربية السعودية ومنظمة التعاون الإسلامي، وصولاً إلى الولايات المتحدة وفرنسا، كما نناقش التحديات المقبلة في سبيل تنفيذ هذا الاتفاق وضمان تحقيق أهدافه السامية، بما في ذلك استعادة السيادة اللبنانية، وإعادة بناء ما دمرته الحرب، وضمان عودة النازحين إلى ديارهم بأمن وأمان.
رحبت المملكة العربية السعودية بقرار وقف إطلاق النار في لبنان، مؤكدة تقديرها للجهود الدولية المبذولة لتحقيق هذا التوقف، وفي بيان صادر عن وزارة الخارجية، عبرت السعودية عن أملها في أن يؤدي هذا القرار إلى تنفيذ كامل لقرار مجلس الأمن رقم 1701، وتعزيز سيادة لبنان وأمنه واستقراره، فضلاً عن تسهيل عودة النازحين إلى مناطقهم بسلام وأمان.
من جانبها، أكدت منظمة التعاون الإسلامي أهمية التزام جميع الأطراف باتفاق وقف إطلاق النار، داعية إلى التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 1701 بجميع بنوده، وفي هذا السياق، عبر الأمين العام للمنظمة، حسين إبراهيم طه، عن دعم المنظمة التام لاستقرار لبنان وحفاظه على سيادته على كامل أراضيه، داعياً إلى تقديم الدعم الإنساني لتلبية احتياجات المتضررين، ومساعدة النازحين في العودة، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب.
كما أعرب طه عن أمله في أن يشكل هذا الاتفاق خطوة نحو وقف العدوان على قطاع غزة وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة، وجدد دعوته إلى تنفيذ قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بفلسطين، بما في ذلك تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
اقرا أيضاً: بن فرحان: لن نتوانى عن وقف النار بغزة ولبنان
وفي لبنان، تلقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اتصالاً من الرئيس الأمريكي جو بايدن، وتشاور الطرفان بشأن التطورات الأخيرة وقرار وقف إطلاق النار، وشكر ميقاتي الرئيس بايدن على الدعم الأمريكي للبنان والجهود التي بذلها موفد الولايات المتحدة آموس هوكشتاين لتحقيق هذا الاتفاق.
وأشاد ميقاتي بالجهود التي قادت إلى الاتفاق، معتبراً إياه خطوة هامة نحو استعادة الهدوء والاستقرار في لبنان وتسهيل عودة النازحين إلى قراهم.
كما أكد ميقاتي التزام الحكومة اللبنانية بتطبيق قرار مجلس الأمن 1701 وتعزيز وجود الجيش اللبناني في الجنوب، مطالباً المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته في هذا الصدد. ووجه ميقاتي دعوة للكيان الإسرائيلي للالتزام الكامل بقرار وقف إطلاق النار والانسحاب من كافة المناطق المحتلة.
اقرأ أيضاً: السيسي وبن سلمان: أوقفوا النار في غزة ولبنان
وفي وقت لاحق، تعهدت فرنسا والولايات المتحدة، في بيان مشترك، دعم الجهود الدولية لتعزيز قدرات الجيش اللبناني، وتوفير الدعم الاقتصادي للبنان من أجل تعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة.
وفيما يتعلق باتفاق وقف إطلاق النار، فقد نشرت وسائل الإعلام المختلفة نص الاتفاق الذي يتضمن 13 بنداً رئيسياً، تشمل الالتزامات المتعلقة بعدم تنفيذ أعمال هجومية من قبل «حزب الله» والجماعات المسلحة ضد الكيان الإسرائيلي، والتزام الكيان الإسرائيلي بعدم شن عمليات عسكرية ضد لبنان، بالإضافة إلى العديد من التدابير الأخرى لضمان تنفيذ القرار وتعزيز الاستقرار على الحدود.
ختاماً، ننشر هنا بنود وقف إطلاق النار كما وردت في وسائل الإعلام المختلفة:
1- «حزب الله» وجميع الجماعات المسلحة الأخرى في الأراضي اللبنانية لن تقوم بأي عمل هجومي ضد الكيان الإسرائيلي.
2- الكيان الإسرائيلي، بدوره، لن تنفذ أي عملية عسكرية هجومية ضد أهداف في لبنان، بما في ذلك من البر والجو والبحر.
3- يعترف الكيان الإسرائيلي ولبنان بأهمية قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701.
4- يحتفظ الطرفان بحق الدفاع الذاتي ضمن أطر المواثيق الدولية.
5- القوات الأمنية والعسكرية الرسمية للبنان ستكون الجهة المسلحة الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح أو استخدام القوات في جنوب لبنان.
6- كل بيع أو توريد أو إنتاج للأسلحة أو المواد المتعلقة بالأسلحة إلى لبنان سيكون تحت إشراف وسيطرة الحكومة اللبنانية.
7- سيتم تفكيك جميع المنشآت غير القانونية المعنية بإنتاج الأسلحة والمواد المتعلقة بها.
8- سيتم تفكيك جميع البنى التحتية والمواقع العسكرية، وستتم مصادرة أي أسلحة غير قانونية لا تتماشى مع هذه الالتزامات.
9- سيتم تشكيل لجنة مقبولة على الكيان الإسرائيلي ولبنان للإشراف والمساعدة في ضمان تنفيذ هذه الالتزامات.
10- سيقوم الكيان الإسرائيلي ولبنان بالإبلاغ عن أي انتهاك محتمل لهذه الالتزامات إلى اللجنة وقوة «اليونيفيل» (القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان).
11- ستنشر لبنان قواتها الأمنية الرسمية وقوات الجيش على طول جميع الحدود، ونقاط العبور، والخط الذي يحدد المنطقة الجنوبية وفقاً لخطة الانتشار.
12- سيقوم الكيان الإسرائيلي بسحب قواته تدريجياً من الجنوب باتجاه الخط الأزرق خلال فترة تصل إلى 60 يوماً.
13- ستدفع الولايات المتحدة لمفاوضات غير مباشرة بين الكيان الإسرائيلي ولبنان من أجل التوصل إلى اتفاق على ترسيم الحدود البرية.
اقرأ أيضاً: مجمع الملك سلمان يطلق الحقيبة الرقمية احتفاء باللغة العربية