تعدّى طموح المرأة السُّعُودية حدود السّماء والنجوم وبات لا حدود له، فإذا كانت قد أصبحت رائدة فضاء، لا عجب أن تكون قدوة ملهمة للأجيال المتعاقبة في المجالات على الأرض! فمن الاقتصاد والسياسة إلى التعليم والصحافة والسينما، أثبتت المرأة السُّعُودية أنها قادرة على التميز والنجاح، ومع كل إنجاز تقطع شوطاً جديداً نحو المستقبل، ومن بين الأسماء اللامعة في هذا السجل الحافل تبرز سيدة الأعمال أسماء الجعيب باعتبارها واحدة من أهم سيدات المجتمع السعودي اللواتي كان لهنّ بصمة واضحة في إلهام كل من يطمح للنجاح.
خطواتها الأولى في العالم المهني كانت واثقة، فقد كرّست أسماء الجعيب جهودها لتطوير مهاراتها واكتساب المعرفة اللازمة في مجال الأعمال، بدأت مسيرتها في قطاع المقاولات والصناعة والتجارة والخدمات، وأصبحت عضو في مجلس إدارة مجموعة الجعيب، التي أسّسها والدها عام 1975 ببيع أدوات كهربائية.
وبفضل دعم أسرتها وإيمانهم بقدراتها وبحنكتها وذكائها في هذا المجال، استطاعت أسماء تحويل المجموعة إلى كيان متنوع يشمل شركات عدة في مجالات متعددة مثل تشكيل البلاستيك والتعبئة والتغليف والمطاعم والأثاث، وصولاً إلى التجارة والصيانة والروبوتات والذكاء الاصطناعي.
تشغل أسماء أيضاً منصب نائب رئيس مجلس شباب وشابات الأعمال بالشرقية، كما اختيرت من قبل هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة للانضمام إلى برنامج REAP بالتعاون مع جامعة MIT، حيث تعمل على تطوير حلول ابتكارية تخدم رواد الأعمال في المنطقة.
اقرأ أيضاً: من هي الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان آل سعود؟
لم تقتصر طموحاتها على العمل في مجموعة عائلتها، بل كانت تسعى بجدّ لتحقيق حلمها الخاص، وبزغ فجر هذا الحلم عندما خطرت لها فكرة تأسيس مقهى مخصص للشاي في السُّعُودية، تجسيداً لشغفها الكبير بالشاي الإنجليزي، الذي أرادت أن تنقله إلى المملكة، فقد لاحظت أن أنواع الشاي الرائجة هناك تقتصر غالباً على الشاي الأسود والأخضر، بالرّغْم من تنوّع وتعدد أصناف الشاي حول العالم.
بدأت قصّة عشقها للشاي منذ أيام دراستها، حيث درست الماجستير في جامعة ريجنت ببريطانيا، وهناك، صقلت مهاراتها في إعداد الشاي وتعلمت أسراره من خلال زيارتها لمعارض الشاي الدولية وقراءتها للكتب المتخصصة في هذا المجال، كانت تلك التجارب بمثابة شعلة ألهمتها لنقل تجربتها الشخصية إلى الآخرين، معتبرةً أن الشاي ليس مشروب عادي، بل هو فنّ يتطلب العناية والدقة.
أخذت أسماء على عاتقها مهمة تقديم خلطات أعشاب تمتاز بالنقاء، وتحضيرها بعناية لتتناسب مع درجات حرارة محددة، ولم تكن وحيدة في سعيها، إذ كانت عائلتها وأصدقائها إلى جانبها يشجعونها، ما ساهم في بلورة فكرة علامتها التجارية “أكابا”، والتي أضحت من بين المقاهي الواعدة في مدينة الخبر السعودية.
اقرأ أيضاً: سارة السحيمي أول امرأة تترأس السوق المالية السعودية
حقق مقهى “أكابا” رواجاً وشهرة واسعة، ولقي إقبالاً كبيراً من السعوديين والمقيمين، وإدراكاً منها لأهمية الشاي كموروث شعبي قديم ومميز في المنطقة، اختارت أسماء بعناية فائقة الأعشاب الطبيعية، محافظةً على قيمتها الصحية، وقدمت خلطات فريدة من المذاق الخالص والنقي، متضمنة خيارات متنوعة من الخلطات عالية الجودة، بحسب ما قالته في إحدى المقابلات الصحفية.
كان هدفها تغيير مفهوم احتساء الشاي من مجرد عادة منزلية إلى تجربة تتمحور حول الاستمتاع بكوب من الشاي في أجواء المقاهي العصرية، وبالفعل أحدثت “أكابا” نقلة نوعية في عالم الشاي، فمَا يميز مقهى “أكابا” هو تشكيلته الاستثنائية من أنواع الشاي، التي تُقدّم باستخدام أدوات شاي أنيقة وفخمة، كل قطعة اختيرت بعناية لتضفي لمسة فنية تجمع بين العملية والجمال على جلسات الشاي.
وتطمح أسماء الجعيب لأن تكون سفيرة لوطنها، الذي منح المرأة سبل النجاح، لذا فهي تسعى لفتح فروع جديدة وتحقيق انتشار واسع لعلامتها التجارية “أكابا” على الصعيدين المحلي والدولي.
وبهذه المسيرة المنيرة، باتت أسماء الجعيب مصدر إلهام للنساء في المملكة العربية السُّعُودية ونموذجاً مشرّفاً للمرأة المؤثرة، فهي تشجعهن على السعي نحو التميز وتحقيق المستحيل رغم التحديات، وبفضل إنجازاتها الملهمة، استحقت أسماء أن تُدرج ضمن أكثر 20 امرأة تأثيراً في المملكة، وضمن خمسين شخصية قيادية شاركت في ورشة عمل B2021 في إيطاليا، حيث مثلت التجارة والاستثمار في السُّعُودية، فهي رمز للإلهام والتميّز لكل من يسعى لتحقيق النجاح.
اقرأ أيضاً: فاطمة باطوق أول مدربة لياقة بدنية في السعودية