في خطوة استراتيجية تعكس حرص المملكة العربية السعودية على تعزيز أمن المجتمع وحماية الحقوق الإنسانية، استحدثت وزارة الداخلية في فبراير من العام الجاري، الإدارة العامة للأمن المجتمعي ومكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، لتكون درعًا أمنيًا فاعلًا في مواجهة الجرائم العابرة للحدود التي تمس كرامة الأفراد وحرياتهم الأساسية، ويأتي هذا القرار تنفيذًا لتوجيهات الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الهادفة إلى تطوير منظومة العمل الأمني ورفع كفاءتها في مكافحة الجريمة المنظمة.
الأهداف والمهام:
تعمل الإدارة الجديدة تحت مظلة المديرية العامة للأمن العام ، وتتولى مهام متعددة تركز على مكافحة الجرائم التي تهدد النسيج الاجتماعي، مثل الاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي والعمالة القسرية.
وتعرِّف الأمم المتحدة الاتجار بالأشخاص بأنه “تجنيد أو نقل أو إيواء أشخاص عبر التهديد أو القوة أو الاحتيال لاستغلالهم”، وهو ما تهدف الإدارة إلى مواجهته عبر:
- تفكيك الشبكات الإجرامية : بالتنسيق مع الجهات المحلية والدولية لتعقب المتورطين في هذه الجرائم.
- حماية الضحايا : من خلال تقديم الدعم القانوني والنفسي، وضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.
- تعزيز الوعي المجتمعي : عبر حملات توعوية تعرِّف بمخاطر الاتجار بالبشر وكيفية الإبلاغ عنه.
عقوبات صارمة لردع الجريمة
حددت المملكة عقوبات مشددة لجرائم الاتجار بالبشر، تصل إلى السجن لمدة لا تزيد عن 15 عامًا، وغرامة مالية تصل إلى مليون ريال سعودي، أو بإحدى العقوبتين.
ولا تسقط العقوبة حتى لو كان المجني عليه راضيًا، وتطبق أيضًا على كل من ساهم في الجريمة أو شرع في ارتكابها.
اقرأ أيضاً: الإنتربول الدولية تنشأ مكتبها الإقليمي في السعودية
جهود المملكة في مكافحة الاتجار بالبشر
تعتمد السعودية استراتيجية متعددة الأبعاد لمكافحة الاتجار بالبشر، تشمل:
- إجراءات محلية: إطلاق الآلية الوطنية للإحالة التي تحدد المسارات المثلى للتعامل مع الضحايا، وإنشاء نيابات ودوائر قضائية متخصصة للنظر في هذه القضايا.
- تعاون حكومي: إنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، واستحداث الإدارة العامة للأمن المجتمعي لتعزيز التنسيق الأمني.
- التزام إقليمي ودولي: وقعت المملكة على البروتوكول العربي لمنع ومكافحة الاتجار بالبشر، مع التركيز على النساء والأطفال، والذي يكمل الاتفاقية العربية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود، كما صادقت على بروتوكول “بالميرو” لمنع الاتجار بالأشخاص، وبروتوكول منظمة العمل الدولية لعام 2014 المتعلق بالعمل الجبري.
تكامل الجهود الحكومية:
لا تعمل الإدارة العامة للأمن المجتمعي بمعزل عن بقية الجهات الحكومية، بل تتشارك مع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لحماية حقوق العمال، وهيئة حقوق الإنسان للتأكد من توافق الإجراءات مع المواثيق الدولية.
كما تتعاون مع المنظمات الدولية مثل مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لتبادل الخبرات وتعزيز الآليات الوقائية.
ورغم الجهود المبذولة، تظل ظاهرة الاتجار بالبشر معقدة بسبب طبيعتها العابرة للدول واتصالها بالعوامل الاقتصادية والاجتماعية.
إلا أن السعودية، عبر استراتيجيتها الشاملة التي تربط بين التشدد الأمني والدعم الاجتماعي، ترسخ نموذجًا فريدًا في المنطقة.
وتظهر الإحصائيات الدولية أن 100% من دول العالم تتأثر بالاتجار بالبشر كمصدر أو ممر أو مقصد، مما يجعل التعاون الدولي ضرورة ملحة.
اقرأ أيضاً: السعودية تتصدر مؤشر الأمان بين دول العشرين