وصفت مديرة منظمة الصحة العالمية في منطقة الشرق الأوسط الدكتورة حنان بلخي، خطوة السعودية نحو إنشاء المختبر البيطري الإقليمي المرجعي لتشخيص الأمراض في الرياض بأنه “قفزة كبيرة” نحو توطين اللقاحات، ويوحد الجهود المتعلقة بصحة الإنسان والحيوان والسلامة البيئية، وفقاً لمفهوم الصحة الواحدة.
أهمية المختبر البيطري الإقليمي في الرياض
كما أوضحت الدكتورة بلخي، أن المختبر يسهم بشكل كبير في البحوث العالمية حول الأمراض الحيوانية وسبل الوقاية منها، وذلك عبر المشاركة في بحوث تسلسل الحمض النووي وأبحاث مسببات الأمراض وتطوير لقاحات متخصصة وتبادل البيانات القيمة مع الأوساط العلمية العالمية.
السيطرة على الأمراض المشتركة بين الحيوان والإنسان
يقول الوكيل المساعد للثروة الحيوانية والسمكية في وزارة البيئة والمياه والزراعة الدكتور علي الشيخي: “يرصد المختبر الأمراض الحيوانية ويكافح انتشارها عبر تعزيز القدرات الوطنية للكشف عن المسببات المرضية باستخدام أحدث الطرق العملية والتقنية، وبناء قاعدة بيانات وراثية للمسببات المرضية وتحديد تسلسل قواعد حمضها النووي، بالإضافة إلى ذلك، سيجري المختبر البحوث والدراسات التطبيقية الدقيقة لتطوير لقاحات جديدة.”
وأشار إلى أن المختبر يتمتع بالطرق القياسية في الكشف عن الأمراض الحيوانية، ويطور طرق الكشف عنها وفقاً لمعايير المنظمة الدولية للأمراض الحيوانية، مما يطور صحة الحيوان ويسيطر على الأمراض الحيوانية والأمراض المشتركة بين الحيوان والإنسان.
من جهته، قال أستاذ مساعد بعلم الفيروسات واللقاحات في جامعة جازان وباحث في علم الأوبئة الدكتور عبد الله القيسي، إن المختبر سيكون ذا أثر بالغ على الصحة العامة والأمن الصحي والاقتصاد كذلك، حيث يكافح المخاطر الصحية الناتجة عن الأمراض الحيوانية المتوطنة والناشئة، وحماية الإنسان والحيوان والبيئة من تلك المخاطر، إذ إن ما يقارب 75% من الأمراض المعدية الناشئة والمستجدة التي تصيب الإنسان مصدرها حيواني.
اقرأ أيضًا: ملاك الثقفي طبيبة سعودية أسهمت في تطوير فهم الأمراض الوراثية وتطبيقات الطب الجينومي
الحد من ظهور أمراض حيوانية جديدة
كشف القيسي أنه من المتوقع ظهور أمراض حيوانية جديدة مستقبلاً قد تشكل تهديداً كبيراً على الصحة العامة الإقليمية والعالمية.
وأشار إلى أن توافر مختبر “عالمي متطور”، يساهم في تقصي انتشار الأمراض وتشخيصها وتطوير لقاحات ضدها سيسهم بلا شك في الحد من هذه الأمراض والسيطرة عليها واستئصال بعضها.
تطوير لقاحات محلية ملائمة
كما كشف القيسي أن المختبر جاء في وقت الحاجة الماسة لمثل هذه المختبرات المتخصصة في منطقة الشرق الأوسط، التي تغيب في معظم دول المنطقة، لاسيما مع تزايد الأمراض الحيوانية، خصوصاً المشتركة التي تنتقل بين الحيوان والإنسان.
وأشار إلى أن أحد أكبر التحديات في الأمراض الحيوانية يتلخص بظهورها في مناطق معينة، حيث تشكل عبئاً صحياً واقتصادياً كبيراً على تلك الدول، خصوصًا في غياب الإمكانيات المتطورة في تشخيص مثل هذه الأمراض مبكراً والحد من خطورتها.
ولفت إلى أن المختبر البيطري الوطني الذي وقعت عليه وزارة البيئة السعودية، يكتشف هذه الأمراض ويشخصها مبكراً.
وأوضح الدكتور بأن البيانات التي ستجمع عبر المختبر البيطري تعتبر بالغة الأهمية ليس في رصد الأمراض والسيطرة عليها، بل أيضاً في تطوير لقاحات محلية ملائمة للأنواع المنتشرة محلياً، وهو تحد كبير يواجه العديد من الدول.
اقرأ أيضًا: شركة توزيع (التابعة لسيسكو السعودية) تتولى مشروعاً لتدوير المياه في منطقة البدع في نيوم
تطوير جيل جديد من العقاقير
في السياق، قال باحث متخصص في مجال الأوبئة والأمراض الدكتور عمار الخميسي، إن التغير المناخي أحدث طفرات كبيرة في البكتيريا والفطريات، ما جعلها مقاومة للعقاقير المعروفة والمستخدمة حالياً.
وأضاف أن هذا الأمر يجعل من الضروري توافر مختبر متخصص لدراسة السلالات الجديدة من البكتيريا والفطريات، وفهم الطفرات التي تطرأ عليها، بهدف تطوير جيل جديد من العقاقير القادرة على مواجهتها.
وأشار الخميسي إلى أنه بعد عام 2020، بات العالم يعيش مرحلة جديدة في مواجهة الفيروسات المتحورة، مثل فيروس كورونا وفيروسات إنفلونزا الطيور.
وأوضح أنه لهذا السبب، أصبح من الضروري إقامة مختبر متطور يركز على دراسة طبيعة هذه الفيروسات وطفراتها وتأثيرها في الحيوانات وكيفية انتقالها إلى البشر.
وأكد أن هذا المختبر سيعمل على تطوير طرق تشخيص الأمراض المرتبطة بهذه الفيروسات، وإنتاج الأدوية اللازمة لها، بالإضافة إلى تطوير لقاحات جديدة تستطيع التصدي للمتحورات.
اقرأ أيضًا: السعودية تحطم الرقم القياسي في نمو الحركة الجوية
التقنية الحيوية وتوجهاتها
أطلقت السعودية الاستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية بهدف تحسين الصحة الوطنية ورفع مستوى جودة الحياة، فضلاً عن حماية البيئة وتحقيق الأمن الغذائي والمائي.
تركز الاستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية على 4 توجهات:
- اللقاحات لتوطين صناعتها وتصديرها وقيادة الابتكار فيها.
- التصنيع الحيوي والتوطين لزيادة استهلاك الأدوية الحيوية وتوطينها وتصديرها.
- الجينوم للريادة في أبحاث علم الجينوم والعلاج الجيني.
- تحسين زراعة النباتات لتعزيز الاكتفاء الذاتي وقيادة الابتكار في مجال البذور المحسنة.
وكانت وزارة البيئة والمياه والزراعة وقعت عقد إنشاء مختبر بيطري مرجعي إقليمي بقيمة 175 مليون ريال مع إحدى الشركات الوطنية المتخصصة، بهدف الرصد والسيطرة على انتشار الأمراض الحيوانية.
من جهته، كشف الدكتور علي الشيخي، أن عمليات تصميم وإنشاء المختبر البيطري الإقليمي المرجعي لتشخيص الأمراض في الرياض، سينتهي تنفيذه في الأعوام الـ 3 المقبلة، ويبدأ أعماله في السنة الرابعة.
وتسعى السعودية إلى تعزيز مفهوم الصحة العامة لدى المواطنين والمقيمين عبر إنشاء المختبر الإقليمي وتحقيق الريادة في قطاع الرعاية الصحية، والوقاية من الأمراض، وتحسين الخدمات والبرامج المقدمة للحفاظ على صحة الفرد والمجتمع.
ويأتي ذلك وفقاً لمستهدفات رؤية السعودية 2030، في مكافحة الأوبئة والأمراض المعدية بالطب الوقائي.
اقرأ أيضاً: إنشاء مختبر بيطري إقليمي في الرياض.. ما هي أبرز أهدافه ومهامه؟