وسط عالم يخطو بثبات نحو مستقبل جديد له أبعاد مختلفة، تنمو آفاق التعاون بين السعودية والهند برؤية واعدة تفتح صفحات جديدة واستراتيجية للعلاقات بين البلدين، فمع توقيع الاتفاقية الجديدة التي سنتناولها في هذا المقال، يتحدّ الطموح نحو مسار جديد مليء بالاستدامة والابتكار، ليصيغ حكاية ملهمة تتجاوز الأرقام باتجاه بناء جسور مستقبل طموح ومشترك ما بين بلدٍ مهم وله وزن كبير في الشرق الأوسط، وبلدٌ يشكّل أحد أقطاب مجموعة «بريكس» الواعدة.
وفي التفاصيل، وقع وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، ووزير التجارة والصناعة في الهند بيوش جويال، اتفاقية بين «الشركة الوطنية لنقل الكهرباء» في السعودية و«مرافق نقل الكهرباء المركزية الهندية المحدودة» تهدف إلى دراسة جدوى الربط الكهربائي بين البلدين.
وتمت هذه الخطوة خلال الاجتماع الوزاري الثاني للجنة الاقتصاد والاستثمار في إطار مجلس الشراكة الاستراتيجية بين السعودية والهند، والذي تناول تطورات العمل المشترك في مجالات عدة، منها الصناعة والبنية التحتية والتقنية والزراعة والأمن الغذائي وعلوم المناخ، بالإضافة إلى النقل المستدام وتحسين الأداء الاقتصادي للمركبات وأنظمة الحافلات العامة وتعزيز التنقل الحضري.
كما بحث الاجتماع سبل تعزيز الخدمات اللوجستية، والاتصالات اللاسلكية، والزراعة المستدامة، فضلاً عن التعاون في مجالات الذكاء الاصطناعي والحكومة الرقمية، وتأهيل المناطق المتضررة من الملوحة، وضمان سلامة المنتجات الزراعية.
ورغم أن المملكة تعتبر من الدول الرائدة في إنتاج النفط الخام بمتوسط يومي يبلغ 11 مليون برميل في الظروف الطبيعية، إلا أنها تواصل جهودها في إنتاج الكهرباء من مصادر متنوعة، تشمل الطاقة الشمسية، والطاقة الكهرومائية، والغاز، بالإضافة إلى الهيدروجين منخفض الكربون.
وتشير بيانات وكالة الأنباء السعودية (واس) إلى أن عدد الشركات الهندية العاملة في المملكة يزيد عن 400 شركة، بينما يبلغ عدد الشركات السعودية في الهند حوالي 40 شركة.
اقرأ أيضاً: السعودية والهند تبحثان تعزيز التعاون العسكري المشترك
هذا وكانت قد عقدت اللجنة السعودية الهندية للتعاون الدفاعي اجتماعها السادس في الرياض قبل حوالي شهرين، وتناول الاجتماع سبل تعزيز التعاون بين القوات المسلحة في كلا البلدين، مع التركيز على مجالات التدريب وتبادل الخبرات، والتمارين العسكرية المشتركة، بالإضافة إلى التعاون في الصناعة الدفاعية والبحث والتطوير، فيما أكد الجانبان على أهمية تعزيز الشراكة الاستراتيجية ومواصلة تطوير العلاقات في مختلف المجالات بما يحقق المصالح المشتركة للشعبين.
وكان قد تأسس مجلس الشراكة الاستراتيجية السعودي-الهندي في تشرين الأول/أكتوبر من العام 2019، وذلك خلال زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى المملكة العربية السعودية، بهدف تعزيز التعاون بين البلدين في مجالات متعددة مثل الطاقة والأمن والدفاع، وجرى أثناء اللقاء توقيع 12 مذكرة تفاهم.
ويتكون هذا المجلس من لجنتين فرعيتين، واحدة للتعاون السياسي والأمني والاجتماعي والثقافي، والأخرى للاقتصاد والاستثمار، ويعمل على تعزيز العلاقات بين البلدين على مستويات عدة، منها على مستوى القمة بين القادة، ومنها على المستوى الوزاري وكبار المسؤولين.
ويعتبر هذا التأسيس خطوة مهمة في تطوير التعاون بين البلدين، من خلال مواءمة رؤية المملكة 2030 مع مبادرات الهند مثل «اصنع في الهند»، و«ابدأ من الهند»، و«المدن الذكية»، و«الهند النظيفة»، و«الهند الرقمية».
يشار إلى العلاقات بين السعودية والهند تتميز بتاريخ طويل من التعاون الوثيق في جميع المجالات السياسية والاقتصادية، بالإضافة إلى الأمن والدفاع. في السنوات الأخيرة، نظمت القوات المسلحة في كلا البلدين العديد من التدريبات المشتركة لتعزيز القدرات الدفاعية وتبادل المعرفة.
إذ بدأت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ عام 1947 بعد استقلال الهند، وازدادت قوة هذه العلاقات بفضل التعاون في الشؤون الإقليمية والتجارية، حيث تعد السعودية واحدة من أكبر موردي النفط إلى الهند، بينما تعتبر الهند من أكبر سبعة شركاء تجاريين للسعودية.
اقرأ أيضاً: أفق لا متناهٍ في مبادرة مستقبل الاستثمار