في ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة التي يشهدها العالم، أصبح الأمن السيبراني حاجة ضرورية لكل رواد المشاريع والشركات بكافة أنواعها. ويأتي ذلك، نتيجة دوره الكبير في تعزيز الأمن والحفاظ على البيانات ومنع الاختراق وسرقة المعلومات بالإضافة إلى ذلك توفير حماية متقدمة للأنظمة الرقمية.
في نفس الصدد، انطلاقاً من رؤية المملكة لعام 2030 تولي هذا المجال أهمية كبيرة وتسعى إلى توظيفه في جميع القطاعات. وفي هذا الإطار، أعلنت الهيئة الوطنية للأمن السيبراني عن تقرير يوضح مدى مساهمة هذا المجال في الاقتصاد السعودي حيث إن مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي وصلت إلى ما يقارب 15.6 مليار ريال سعودي والتي تم تصنيفها على مساهمات مباشرة وغير مباشرة إضافة إلى ارتفاع حجم سوقه في المملكة ليحقق ارتفاعاً وصل إلى 13.3 مليار ريال سعودي.
لابد من التأكيد، أن هذا الارتفاع في حجم سوق الأمن السيبراني لم يكن وليد الصدفة، بل تحقق بناء على عوامل عدة كان من أبرزها النمو السريع في التحول الرقمي على المستويات المختلفة. وبالمثل، تعزيز دور العالم الرقمي في المملكة وإعطائه مكانة متميزة وإحداث مبادرات عديدة تساهم في تطويره وتحقيق الابتكار والتميز.
كما يوضح التقرير، مستوى الوعي الكبير الذي تتحلى به المملكة وإصرارها على تحقيق الأهداف المستقبلية وتعزيز مكانتها على الصعيد الدولي. بنفس الطريقة، تبين هذه النسبة في حجم السوق مدى الإنفاق المتزايد من قبل الجهات العامة بالإضافة إلى الشركات الخاصة على الاستثمار في هذا المجال وتطوير حلول مبتكرة والاستحواذ على خدمات تقنية فريدة.
إلى جانب ذلك، كشف التقرير عن مساهمة الشركات الخاصة إلى جانب التعاون المثمر بين الشركات المختلفة والمستثمرين في زيادة مستوى التطور والتنمية في المملكة. في ضوء ذلك، وصل إنفاق القطاع الخاص على الأمن السيبراني ما يقدر بنحو 69% أي ما يعادل 9.2 مليار ريال سعودي. هذا إن دلّ على شيء إنما يدل على إدراك الشركات السعودية أن الأمن السيبراني هو مفتاح النجاح والتقدم في عالم التطور التكنولوجي على مستوى العالم.
وبناء على ذلك، سجلت الهيئة الوطنية للأمن السيبراني في عام 2023 عدد لا بأس به من المنشآت المختلفة التي تعرض خدماتها المتعددة في الأمن السيبراني إلى نحو 353 منشآه. وتجدر الإشارة، أن هذه المنشآت عززت خبرتها في هذا المجال من خلال التعمق به وتوظيف العقول المبدعة والاستعانة بالخبراء والمتخصصين في الأمن السيبراني.
في غضون ذلك، عملت المملكة على تأهيل الشباب السعودي للدخول إلى العالم الرقمي وإطلاق المشاريع الرائدة والسعي نحو خلق ابتكارات مذهلة في هذا المجال وتحقيق نقلة نوعية لا مثيل لها. وبذلك، تمكنت المملكة من حصد نجاح بارز بوصول عدد الكوادر البشرية العاملة في الأمن السيبراني إلى 19.6 ألف مختص.
اقرأ أيضًا: فعالية تعزيز الأمن السيبراني الوطني 2024
ولم يقتصر الأمر على الشباب فقط، بل عملت على زيادة مهارات النساء السعوديات في عالم الأمن السيبراني ودعمهم في مسيرة التطور والنجاح لتصبح نسبة النساء العاملين به تقدر بنحو 32%. وفي واقع الأمر، حققت المملكة إنجازاً غير مسبوق وهو تجاوز المعدل العالمي لعمل النساء في الأمن السيبراني الذي يبلغ ما يقارب 28%. وبالتأكيد، للحكومة السعودية دور هام في الوصول إلى هذه النتائج الرائعة في الأمن السيبراني، من خلال تأمين الميزانيات الكبيرة، بالإضافة إلى ذلك تعزيز البنية التحتية الرقمية، وجعلها بيئة جذابة للبدء بالمشاريع والاستثمارات المختلفة، وصولاً إلى إنشاء الهيئة الوطنية للأمن السيبراني.
كما أكد التقرير، تخصص الشركات السعودية في مجالات الأمن السيبراني ابتداءً من أمن الشبكات وانتهاء بأمن الحوسبة السحابية. ومن نتائج ذلك تزايد عدد الحلول والمنتجات التي تقدمها هذه الشركات إلى 56% من حجم السوق بقيمة وصلت إلى 7.5 مليار ريال سعودي، أما الخدمات المقدمة في هذا المجال وصلت نسبتها إلى 44% بقيمة تقدر بنحو 5.8 مليار ريال سعودي.
وبالرغم من التحديات المستقبلية، التي تواجه هذا المجال إلا أنه بحسب هذا التقرير فإن مستقبل المملكة على موعد مع تطور غير مسبوق ولاسيما مع الاعتماد على التكنولوجيا المتطورة والتقنيات المبتكرة في مجالات عديدة، ما يفتح الباب أمام التميز والإبداع.
في النهاية يمثل اتجاه المملكة نحو التحول الرقمي، وتعزيز الأمن السيبراني من الخطوات الهامة في جعلها من الدول الرائدة عالمياً، وبناء علاقات فريدة مع المستثمرين. استناداً إلى ما سبق، إن ارتفاع حجم سوق الأمن السيبراني ليس دليل فقط على أهميته الكبيرة، بل هو أيضاً دليل على التزام المملكة بتحقيق أوسع الآفاق.