لطالما كان قطاع الطاقة والبتروكيماويات شرياناً حيوياً للاقتصاد السعودي، إذ يمثل أحد الركائز الأساسية التي قامت عليها مسيرة النمو والتنمية في المملكة، ومنذ إطلاق «رؤية 2030»، أصبح هذا القطاع محوراً استراتيجياً لتطوير اقتصاد مستدام ومتنوع، يدعم مكانة المملكة كقوة اقتصادية عالمية.
وفي إطار هذه الرؤية الطموحة، أعلن اتحاد الغرف السعودية عن خطوة جديدة تعكس توجه المملكة نحو تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، من خلال تشكيل أول لجنة وطنية للطاقة والبتروكيماويات تحت مظلة القطاع الخاص.
في البداية، لا بدّ من القول إن قطاع الطاقة السعودي يمثل عصباً حيوياً للاقتصاد العالمي، إذ يسهم بنحو 40% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، ولا يقتصر دوره على تصدير النفط الخام، بل يمتد ليشمل الصناعات التحويلية مثل البتروكيماويات، التي تعتبر السعودية أحد أكبر منتجيها ومصدريها عالمياً، وتُعد هذه الصناعات محركاً رئيسياً للقطاعات الأخرى مثل النقل، والخدمات اللوجستية، والصناعات الثقيلة، مما يجعل تطويرها أولوية استراتيجية لتعزيز تنافسية المملكة.
ومع التطورات العالمية والتحولات نحو الطاقة المتجددة وتقنيات الاقتصاد الأخضر، أصبح من الضروري مواكبة هذه التغيرات وتعزيز الاستثمارات في مجالات الطاقة النظيفة، وتشير التوقعات إلى أن استثمارات قطاع البتروكيماويات في المملكة قد تصل إلى 600 مليار دولار بحلول عام 2030، وبالإضافة إلى ذلك، تستهدف المملكة تحقيق 50% من الطاقة المتجددة في مزيجها الطاقي بحلول نفس العام، مما يعكس التزامها بمستقبل أكثر استدامة.
اقرأ أيضاً: اتحاد الغرف السعودية يعلن اعتماد مجلس الأعمال السعودي الكندي بشكله النهائي
في هذا السياق، أعلن اتحاد الغرف السعودية عن إنشاء أول لجنة وطنية متخصصة في الطاقة والبتروكيماويات تحت مظلة القطاع الخاص، وتهدف هذه اللجنة إلى تعزيز مشاركة القطاع الخاص في رسم السياسات والاستراتيجيات المتعلقة بالطاقة، بما يسهم في تحقيق مستهدفات «رؤية 2030»، وانتخب الدكتور جابر الفهاد رئيساً للجنة، وسعد العجلان نائباً للرئيس.
وتعمل اللجنة بالتكامل مع الجهات الحكومية والشركات الكبرى ذات العلاقة، لتوفير بيئة تنظيمية واستثمارية محفزة، كما تركّز على تعزيز فرص المستثمرين السعوديين والأجانب للاستفادة من الإمكانات الهائلة التي يقدمها القطاع.
وتسعى اللجنة الوطنية للطاقة والبتروكيماويات إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية، من أبرزها:
- تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص: من خلال خلق آليات تواصل فعالة بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص لمناقشة التحديات واقتراح الحلول المناسبة.
- دعم برامج التوطين: تعمل اللجنة على تعزيز برامج توطين المحتوى المحلي في قطاع الطاقة، حيث تستهدف المملكة توطين 75% من القطاع بحلول عام 2030.
- استقطاب الاستثمارات الأجنبية والمحلية: عبر تسهيل الإجراءات وتوفير بيئة استثمارية جاذبة، بما يضمن استغلال الإمكانات الكامنة في القطاع.
- مواكبة التحولات العالمية: مثل التحول نحو الطاقة المتجددة وتقنيات الاقتصاد الدائري، لضمان استدامة القطاع على المدى الطويل.
هذا ويمثل إنشاء هذه اللجنة خطوة نوعية نحو تحقيق التكامل بين الجهود الحكومية والقطاع الخاص لتعزيز تنافسية المملكة في الأسواق العالمية، ومع وجود فرص استثمارية ضخمة في مجالات الطاقة المتجددة وتوطين التكنولوجيا، تعدّ اللجنة منصة حيوية لدعم الابتكار وتعزيز كفاءة استخدام الموارد.
كما أن هذه الخطوة تأتي متسقة مع التوجهات الحديثة لاتحاد الغرف السعودية، الذي يسعى إلى مواكبة الأولويات الاقتصادية الوطنية وتفعيل دور القطاع الخاص في تحقيق الأهداف التنموية.
اقرأ أيضاً: تجاوز الـ 200%.. نمو هائل تحققه شركات البتروكيميائيات السعودية!
ومن المتوقع أن تسهم هذه اللجنة في تحقيق نقلات نوعية في قطاع الطاقة والبتروكيماويات، خاصة في ظل الطموحات العالية التي تحملها «رؤية 2030»، ويُنتظر أن تعمل اللجنة على إطلاق مبادرات وبرامج مبتكرة تدعم استدامة القطاع وتعزز مكانة المملكة كمركز عالمي للطاقة.
وفي ظل التحديات والمتغيرات التي يواجهها الاقتصاد العالمي، يشكّل تعزيز دور القطاع الخاص في هذا القطاع الاستراتيجي خطوة حاسمة نحو تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، ومع الجهود المتواصلة لتعزيز الاستثمار والابتكار، ويتوقع أن يكون لهذه اللجنة أثر كبير في دعم الاقتصاد الوطني ورفع مستوى التنافسية الدولية للمملكة.
ختاماً، إن تشكيل اللجنة الوطنية للطاقة والبتروكيماويات يمثل بداية جديدة لشراكة مثمرة بين القطاعين العام والخاص، ومع استمرار الجهود لتعزيز الاستثمارات وتطوير الكفاءات المحلية، يبدو المستقبل واعداً لقطاع الطاقة السعودي، الذي سيظل محركاً أساسياً للنمو الاقتصادي وداعماً لتحقيق طموحات «رؤية 2030»، ومن خلال هذه الخطوة، ترسخ المملكة مكانتها كواحدة من أبرز القوى الاقتصادية العالمية، معززةً دورها في قيادة التحولات المستقبلية في مجال الطاقة والبتروكيماويات.