يعتبر الإسعاف الجوي في السعودية واحداً من المفاهيم الأصيلة في المجتمع الصحي السعودي، انطلق الحديث عنه قبل أكثر من عشر سنوات، ومر المفهوم بسلسلة من التجارب والمحاولات حتى بدأت الخدمة تأخذ شكلها النهائي الذي وضعها على المسار الصحيح ومنحها القابلية للتطور.
الإسعاف الجوي في السعودية عمليات إنقاذ بطولية
استطاعت خدمة الإسعاف الجوي أن تشغل الحيز المتاح لها من خلال سلسلة من عمليات الإسعاف البطولية، التي تمكنت من كسر حاجز المسافة والارتفاع والزمن أيضاً، واقتربت ساعات طيران الإنقاذ الجوي من الألف ساعة تقريباً بعدد عمليات إسعافية يتجاوز 300 حالة سنوياً، وتراوحت مدة النقل الإسعافي بين 3 دقائق و35 دقيقة.
الخدمة المتاحة على تطبيق أسعفني التابع لهيئة الهلال الأحمر السعودي، أو عبر الاتصال المباشر بالرقم 997 تؤمن الاستجابة الفورية، وهو ماحدث خلال عملية نقل حالة مرضية في منطقة الجبل الأسود بالريث بمنطقة جازان، وهو مكان عالٍ على ارتفاع 3 آلاف قدم عن سطح البحر.
ومع تلقي الهلال الأحمر البلاغ تستجيب فرق الإسعاف الجوي بسرعة، وتتجه لمكان الحالة الإسعافية وتنقلها إلى أحد المستشفيات أو أي نقطة طبية متخصصة، الأمر الذي يجعل الحفاظ على الأرواح مهمة ممكنة، ويسرع العملية الإسعافية ويجعلها مضمونة أكثر، ويأتي هذا التوجه من قبل وزارة الصحة السعودية في إطار دعم مستهدفات رؤية المملكة، برفع جودة الحياة للمواطن السعودي.
وفي السياق لابد من الإشارة إلى أنّ خدمة الإسعاف الجوي توقفت فترة من الزمان، لتعيد هيئة الهلال الأحمر السعودي إطلاقها، بعد تحديث شامل، تضمن التنسيق بين الهلال الأحمر ووزارة الصحة والمنشآت الطبية، لتصبح شبه مسؤولة عن الحالات الإسعافية على الطرق السريعة في أوقات الاختناقات المرورية، التي قد لا تسمح بوصول سيارات الإسعاف في الوقت المناسب.
اقرأ أيضاً: الصحة السعودية: من حقوق المرضى معرفة فريق علاجهم الطبي
ففي حين بدأ السعوديون بالاعتياد على ثقافة الإسعاف الجوي، وأصبح من البديهي الاتصال بالرقم 997، أو الطلب عبر تطبيق أسعفني، كذلك استطاعت الخدمة أن تطور من نفسها، فهي تتضمن طائرات مجنحة وطائرات مروحية عمودية، تقدم خدماتها لمحتاجيها من الأطفال الرضع والذكور الإناث بحسب الحاجة وطبيعة الحالة، لكن أغلب الحالات المنفذة حتى الآن هي حالات نهارية، أي تتم في ساعات الدوام الرسمي، ولم تسجل أية حالة إسعاف جوي ليلية حتى الآن.
ومن المرتقب لمسار تطور الخدمة، أن تزيد أسطولها الجوي، وعدد العاملين، إضافة لشمولها عموم مناطق المملكة فهي تتركز حالياً في مناطق معينة دون أخرى، وتترافق عملية التوسع المرتقبة مع حالة الانتعاش الاقتصادي التي تسعى المملكة إلى إنجازها مع حلول العام 2030، إضافة إلى إمداد الخدمة بحد ذاتها بمختلف الخدمات الإسعافية الجوية وفق أحدث التقنيات والوسائل المتاحة على المستوى الدولي، وتعمل الخدمة حالياً في إطار تغطية المناطق الأكثر احتياجاً، وتأتي الرياض على رأسها بسبب حالات الازدحام المتكررة.
ويبدو أنّ خدمة الإسعاف الجوي تشكل قبلة للمستثمرين، إذا تتنافس الشركات على تشغيل الخدمة، وبلغ عددها مؤخراً 12 شركة، الأمر الذي يؤكد أن عائد الاستثمار في القطاع الصحي بالمملكة عموماً، وفي خدمة الإسعاف الجوي خصوصاً سيكون واعداً.
اقرأ أيضاً: ملتقى الصحة العالمي 2024 بالرياض: استثمر في الصحة
وفي سياق متصل، شهد موسم الحج لهذا العام، تقديم خدمة إسعاف جوي مميزة، جاءت ثمرة جهود مشتركة بين وزارة الدفاع السعودية، وهيئة الهلال الأحمر، ورئاسة أمن الدولة ممثلة بالطيران الأمني، وجاءت الخدمة الإسعافية عبر أحدث الطائرات المجهزة لهذا الغرض حول العالم، وكان عددها سبع طائرات، استقرت على الأبراج المحيطة بالحرم في المشاعر المقدسة.
وانقسمت الطائرات بين النفاثة والعمودية خلال الموسم، وتميزت الطائرات التابعة للقوات المسلحة بكونها مجهزة كمشافٍ طائرة إسعافية، تقدّم الرعاية الكاملة والضرورية لحين بلوغ النقطة الطبية، فسوف تجد في هذه الطائرات، غرفة إنعاش وغرفة عمليات وغرفة عناية فائقة ومختبراً ووحدة للتصوير الشعاعي، وجهاز أكسجين يعمل لأربع ساعات متواصلة، وفي العموم تعيش المملكة خلال موسم الحج حالة استنفار صحي متكامل يشترك فيا جيش من الأطباء والمسعفين والطيارين لقيادة العمليات الجوية والأرضية بالشكل الأمثل.
في الختام لابدّ من الإشارة إلى النهضة التي يشهدها القطاع الصحي في عموم المملكة، عبر زيادة عدد الكوادر العاملة في المجال، والعمل على توظيف أحدث التقنيات، الأمر الذي يمنح القطاع الفرصة لأداء مهامه، والنهوض بمسؤولياته لرفع جودة الحياة التي تشكل واحدة من مستهدفات رؤية المملكة 2030.
اقرأ أيضاً: جمعية تعزيز تطلق المؤتمر السنوي للتعزيز والتثقيف الصحي