تُعدّ جريمة الاحتيال المالي من القضايا الحساسة في المملكة العربية السعودية، حيث تطبق الدولة نظام مكافحة الاحتيال المالي وخيانة الأمانة لردع هذه الجرائم التي تشكل تهديداً لاقتصاد الأفراد والمؤسسات، ويهدف هذا النظام إلى معالجة جميع أشكال الاحتيال المالي التي تؤدي إلى الحصول على أموال الغير بطرق غير قانونية، مثل الخداع أو الكذب أو التزوير، ويتم التعامل مع الجريمة بعقوبات صارمة تتناسب مع حجمها وأثرها.
يعرّف القانون السعودي الاحتيال المالي على أنه كل فعل يهدف إلى الاستيلاء على مال الغير بشكل غير مشروع عن طريق الإيهام والخداع، ويتضمن هذا الكذب الصريح، أو تقديم معلومات مغلوطة للحصول على أموال ليست من حق الفاعل.
ومن هنا، تعتبر هذه الجريمة جناية إذا ثبتت أركانها، بما في ذلك القصد الجنائي لدى الفاعل، حيث تتطلب أن تكون هناك نية واضحة من قبل المتهم للاستفادة من المال بطرق احتيالية وتضليلية.
بحسب النظام، فإن عقوبة الاحتيال المالي تصل إلى السجن لمدة قد تصل إلى 7 سنوات، وغرامة مالية تصل إلى 5 ملايين ريال سعودي، أو بإحدى هاتين العقوبتين حسب تفاصيل كل قضية على حدة.
ويُضاف إلى ذلك أن القانون يضع حدّاً أدنى للعقوبات في حال تكرار الجريمة، أو في حال ارتكابها ضمن عصابة منظمة، حيث يتم مضاعفة العقوبة كإجراء رادع للحد من الجرائم المنظمة.
اقرأ أيضاً: رياح القانون تعصف بآلاف المخالفين في السعودية
تتيح السلطات السعودية نشر ملخص الأحكام في الصحف المحلية أو وسائل أخرى تناسب طبيعة الجريمة، وذلك لتوعية المجتمع بمخاطر الاحتيال وتبعاته القانونية، كما يشمل الحكم بمصادرة الأدوات المستخدمة في الجريمة أو العائدات التي جرى الاستيلاء عليها بطرق احتيالية، ويمنح الضحية الحق في استعادة الأموال المسلوبة إضافة إلى تعويضات حسب حجم الضرر الحاصل.
ويبلّغ عن جرائم الاحتيال المالي للجهات المعنية، التي تشمل هيئة التحقيق والادعاء العام في السعودية، لتتولى مهام التحقيق ورفع القضية للمحكمة الجزائية المختصة، وتستمر القضية حتى صدور حكم نهائي يثبت الجريمة أو ينفيها.
ويعدّ الحق العام في جرائم الاحتيال المالي غير قابل للسقوط إلا بصدور حكم قضائي نهائي أو بعفو ملكي يشمل الجريمة بشكل محدد، بينما يبقى الحق الخاص للضحية قائماً، إذ يمكن للمتضرر المطالبة باستعادة حقوقه المالية وتعويضه عن الأضرار المالية الناجمة عن الاحتيال.
هذا وتتطلّب جريمة الاحتيال المالي توفر ركنين رئيسيين؛ الركن المادي والركن المعنوي، ويشمل الركن المادي وقوع فعل الاحتيال ذاته، مثل خداع الضحية عبر عرض معلومات غير صحيحة أو تحريف الحقائق بهدف الحصول على المال، ويتضمن تحقق العلاقة السببية بين فعل الاحتيال، ونتيجة الاستيلاء على أموال الضحية.
أما الركن المعنوي، فيشمل القصد الجنائي، إذ يجب أن يكون لدى المتهم نية احتيالية واضحة ورغبة في تحقيق مكاسب مالية غير مشروعة، كما يجب أن يكون المتهم على دراية بأن أفعاله تتعارض مع القوانين السعودية، ومع ذلك يَقدم على تنفيذها بغرض تحقيق الربح المالي.
اقرأ أيضاً: السعودية: كل ما تريد معرفته حول منصة زد وأبرز الخدمات الإلكترونية التي تقدمها
يشار إلى أنه الدفاع في قضايا الاحتيال المالي يُعدّ من الجوانب المهمة، حيث قد يتمكن المحامي من الطعن على عدة جوانب، مثل عدم وجود القصد الجنائي، أو ضعف الأدلة المادية، أو التناقض في شهادة الشهود، كما يمكن استغلال ثغرات إجرائية، مثل بطلان إجراءات القبض أو التفتيش، للطعن في صحة القضية، وتقدم المحكمة فرصة لتخفيف العقوبة إذا قام المتهم بالإبلاغ عن الجريمة قبل اكتشافها، ما يساهم في ضبط باقي الجناة في حال وجود عدة متهمين.
هذا وتولي الحكومة السعودية اهتماماً كبيراً بمكافحة جرائم الاحتيال المالي لما تشكله من خطر على استقرار المجتمع وأمنه المالي، وقد وضعت وزارة العدل عدة برامج توعوية، تهدف إلى تعريف الأفراد بمخاطر الاحتيال وكيفية الوقاية منه.
وتشمل هذه البرامج نشر التوعية عبر وسائل الإعلام المختلفة، وإقامة ورش عمل تتناول طرق الاحتيال الشائعة وكيفية التصدي لها، وتعمل على تشديد الرقابة على القطاعات المالية والتجارية للتقليل من فرص وقوع الاحتيال المالي وضمان أمان التعاملات المالية في السوق السعودي.
اقرأ أيضاً: ضربات موجعة لمروجي المخدرات على اتساع رقعة المملكة