حينما يتجلى الموقف السياسي في أبهى صوره، تُبرز المملكة العربية السعودية رؤيتها الواضحة تجاه قضايا الأمة، مسلطة الضوء على حق الشعوب في الأمن والسيادة، ومع تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية في الجولان السوري المحتل، تتصدر الرياض المشهد بدعواتها لوقف هذه التجاوزات، مؤكدة أن القضية ليست فقط انتهاكاً للأراضي، بل استهدافاً لكرامة وطن ووحدة أمة.
أدانت السعودية بشدة قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي بتوسيع المستوطنات في الجولان السوري المحتل، معتبرةً أن هذا التوجه يُعيق فرص سورية في تحقيق الأمن والاستقرار.
وفي بيان صادر عن وزارة الخارجية السعودية، دعت المملكة المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف واضح ضد هذه الممارسات الإسرائيلية، مؤكدةً أهمية احترام سيادة سورية والحفاظ على وحدة أراضيها، ومشددةً على «أن الجولان يُعد جزءاً لا يتجزأ من الأراضي السورية والعربية المحتلة».
وكان قد بحث الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، مع المبعوث الأممي الخاص إلى سورية، غير بيدرسون، مستجدات الأوضاع على الساحة السورية قبل أيام.
اقرأ أيضاً: التطورات السورية محور لقاء السعودية مع بيدرسون
وأشارت وزارة الخارجية السعودية إلى أن الإجراءات التي اتخذتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بما فيها السيطرة على المنطقة العازلة في الجولان واستهداف الأراضي السورية، تُعد انتهاكاً واضحاً للقوانين الدولية، مما يبرز نوايا الاحتلال الإسرائيلي في تقويض جهود سورية لإعادة الأمن والاستقرار والحفاظ على وحدتها.
ودعت السعودية المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف صارم تجاه هذه التجاوزات الإسرائيلية، والتأكيد على أهمية احترام السيادة السورية، مشددة على أن الجولان جزء لا يتجزأ من الأراضي السورية المحتلة.
من ناحية أخرى، كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان عن توثيق أكثر من 400 غارة جوية نفذها كيان الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي السورية منذ انهيار السلطة السياسية في البلاد، وبحسب مصادر أمنية، امتدت هذه العمليات إلى مسافات وصلت إلى 25 كيلومتراً جنوب غرب دمشق.
كما رصد المرصد تدمير ما يزيد عن 320 هدفاً استراتيجياً، من ضمنها مطارات ومستودعات أسلحة وأنظمة دفاع جوي، بالإضافة إلى مراكز أبحاث علمية ومنشآت عسكرية متفرقة، كان أبرزها ميناء اللاذقية ومواقع الحرب الإلكترونية قرب العاصمة دمشق.
ووفقاً لتقارير أمنية سورية وإقليمية، استهدف الكيان الإسرائيلي قواعد جوية رئيسة في البلاد، ما أدى إلى خسائر كبيرة في المعدات والطائرات، ووصفت رويترز هذه الهجمات بأنها أكبر حملة قصف ضد القواعد الجوية، كما تضمنت الهجمات الإسرائيلية غارات على مواقع بحثية وأهداف عسكرية قرب السيدة زينب.
وفي بيان صدر عن وزارة الخارجية السعودية بعد انهيار السلطة في سورية، أكدت المملكة دعمها لاستقرار البلاد وسيادتها، مشددة على ضرورة تحقيق تطلعات الشعب السوري وتعزيز وحدته الوطنية، كما دعت إلى توحيد الجهود الدولية لمساعدة سورية على تجاوز أزماتها، مع التأكيد على رفض التدخلات الخارجية التي ساهمت في تفاقم المعاناة الإنسانية.
اقرأ أيضاً: دعم سعودي فعّال لسورية.. والأمن الإقليمي على الطاولة!
وأكدت المملكة التزامها بتقديم الدعم لسورية في هذه المرحلة المصيرية، مركزة على تعزيز الأمن والاستقرار والحفاظ على وحدة الأراضي السورية، مع دعم تطلعات الشعب نحو مستقبل أفضل.
وعلى الصعيد الاجتماعي، شهدت السعودية مظاهر احتفالية واسعة بين الجالية السورية، حيث عبر السوريون عن امتنانهم وشكرهم لمواقف المملكة الداعمة لهم على مر العقود، ولا سيما منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011.
وفي سياق آخر، ذكرت وزارة الخارجية السعودية في سبتمبر 2015 أنها تعاملت مع الأزمة السورية بمنطلق إنساني بحت، بعيداً عن الدعاية الإعلامية، موضحة أن المملكة استقبلت حوالي مليونين ونصف مليون سوري، ومنحتهم حرية الحركة الكاملة مع توفير حياة كريمة لهم دون تصنيفهم كلاجئين أو إيوائهم في مخيمات.
كما بين مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أن المملكة قدمت مساعدات إنسانية شملت التعليم والرعاية الصحية المجانية، بالإضافة إلى فرص العمل، حيث تجاوزت قيمة هذه المساعدات 6 مليارات دولار، من ضمنها ملياري دولار للرعاية الصحية و1.8 مليار دولار لقطاع التعليم.
هذا وعبر عدد من السوريين المقيمين في الرياض عن تقديرهم الكبير للدعم السعودي، مشيدين بالخدمات والتسهيلات التي حصلوا عليها، حيث قال أحدهم، وهو شاب من حلب وُلد في السعودية، إن المعاملة التي تلقاها السوريون في المملكة كانت استثنائية مقارنة بدول أخرى.
وأعدت الجالية السورية الولائم في المنازل والمطاعم، حيث شاركوا أطباقاً تقليدية مثل المليحي، التي تعد رمزاً للمناسبات السعيدة في منطقة حوران. وقال أحد الحاضرين إن أجواء الفرح جمعت العائلات والأصدقاء في لحظات تحمل طابعاً خاصاً ومميزاً.