في عالم باتت فيه التكنولوجيا المحرك الأساسي لمعالم الحياة، يصبح من الضروري الحفاظ على الهوية الثقافية والتراثية لكل بلد، باعتبارها حجر الأساس الذي نبني عليه مستقبلاً يربط إنجازات الماضي بتطلعات الحاضر، وفي المملكة العربية السعودية تتكاتف الجهود لصون التراث السعودي والعربي والإسلامي، ونشر الوعي حول ضرورة الحفاظ على معالمه.
وفي هذا السياق، اختتم الملتقى العلمي 23 لجمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون الخليجي فعالياته، والذي نظمته على مدى يومين في الرياض هيئة التراث بالتعاون مع دارة الملك عبد العزيز، وبمشاركة 300 باحث في مجالات التاريخ والآثار.
ويهدف الملتقى إلى إثراء البحث العلمي وتيسير التبادل الثقافي للإنتاج العلمي في تاريخ دول مجلس التعاون وتراثها، وإبراز الإسهامات التي قدمها أبناء دول مجلس التعاون في مجال الآثار والتاريخ.
وأوصى المشاركون في الملتقى بتعزيز التواصل بين الأفراد المتخصصين في مجال التاريخ والآثار، وتفعيل مختلف أوجه الأنشطة الثقافية وعقد شراكات إقليمية ودولية لإبراز الدور الحضاري والثقافي لدول المجلس.
وتضمن اليوم الأول للملتقى تقديم 19 ورقة علمية حول تاريخ دول مجلس التعاون الخليجي وإرثها الثقافي منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى العصور الإسلامية، وجلسات نقاشية حول تاريخ العصور الحديثة والمعاصرة في منطقة الخليج، والتراث السعودي وتاريخ شبه الجزيرة العربية.
كما تضمن الملتقى العلمي 23 لجمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون الخليجي في يومه الثاني مناقشة إحدى عشر ورقة علمية حول التاريخ الحديث والمعاصر لدول مجلس التعاون وإرثها الثقافي والمعرفي.
وتم التأكيد على أهمية العلوم البينية في تأهيل فكر الإنسان وتمكينه من خدمة مجتمعه، خصوصاً أن التاريخ والآثار وجهان لعملة واحدة، فالأول يؤرّخ للإنسان وزمانه، والثاني يعرّف بموروثه الحضاري والتراثي وأسلوب حياته ومسكنه وأدواته التي استخدمها.
اقرأ أيضًا: مركز الملك عبد العزيز الثقافي: إثراء معرفي وحضاري
تأسست جمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون الخليجي قبل 28 عاماً، وتضم 700 عضو من المشتغلين بالتاريخ والآثار والتراث في الجامعات وهيئات الآثار الخليجية، وتسعى لإعداد الدراسات والبحوث التاريخية والآثارية ونشرها وتبادلها مع الهيئات المعنية، إلى جانب عقد المؤتمرات والندوات العلمية والفعاليات، وإصدار النشرات والدوريات المحكمة والكتب المتخصصة التي تبحث في تاريخ وآثار دول مجلس التعاون.
أما دارة الملك عبد العزيز فقد تأسست عام 1972 كمؤسسة متخصصة في خدمة تاريخ وجغرافية وآداب والتراث السعودي والجزيرة العربية، تهدف إلى توثيق المصادر والمعلومات التّاريخيّة المتعلّقة بالسعودية والعالمين العربي والإسلامي وإتاحتها للجمهور، وإعداد البحوث والدّراسات.
كما تعمل الدارة على إقامة المعارض والملتقيات، وبناء شراكات محلّية وعالمية لتطوير البرامج البحثيّة المشتركة، والقيام بأعمال الترميم والتعقيم والمعالجة، إضافة إلى تقديم المشورة والتدريب لمختلف الجهات الحكوميّة والخاصّة والأفراد فيما يتعلّق بالمعلومات والمواد التّاريخيّة.
وتتضمن الدارة مجموعة من المراكز: مركز الملك سلمان بن عبد العزيز للترميم والمحافظة على المواد التاريخية، مركز تاريخ مكة المكرمة، مركز تاريخ البحر الأحمر وغرب المملكة، المركز السعودي لنظم المعلومات الجغرافية والتاريخية، المركز الوطني للعرضة السعودية، المركز السعودي للمحتوى الرقمي (رقمن)، الأمانة العانة لمراكز الوثائق والدراسات بدول مجلس التعاون، جمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الجمعية الجغرافية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
اقرأ أيضًا: المهرجانات الثقافية بوابة متجددة نحو الانفتاح الناعم
وعلى الصعيد المقابل، تستمر هيئة التراث في المملكة العربية السعودية بجهودها الرامية لتسجيل التراث السعودي ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، إذا كشفت الهيئة في أيار 2024 عن تسجيل وتوثيق 202 مواقع أثرية جديدة في السجل الوطني للآثار ليصبح إجمالي عدد المواقع الأثرية المسجلة 9119 موقعاً في مختلف مناطق المملكة.
وفي 18 كانون الثاني 2024 كشفت الهيئة عن تسجيل 1136 موقع تراث عمراني جديد في السجل الوطني للتراث العمراني، ليصبح إجمالي المواقع 3646 موقعاً، كما أعلنت تسجيل “المنظر الثقافي لمنطقة الفاو الأثرية” بالرياض ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو” بوصفه موقعاً ثقافياً يمتلك قيمة عالمية استثنائية للتراث الإنساني.
الجدير ذكره أن هيئة التراث حصلت هذا العام على جائزة التصميم الداخلي من جوائز باريس للتصميم عن معرض الأسبوع السعودي الدولي للحرف اليدوية “بنان”، كما حصدت جائزة ” If Design Award” العالمية للتصميم والتي تمنحها مؤسسة ” IF design & Jury Awards” في برلين، وذلك عن “التصميم للمعارض الثقافية” من خلال “معرض الأسبوع السعودي الدولي للحرف اليدوية “بنان”.
اقرأ أيضاً: المنظر الثقافي لمنطقة الفاو الأثرية يندرج في قائمة اليونسكو: كنوز المملكة تتألق عالمياً