وسط ركام المآسي التي عاشها الشعب السوري لعقود طويلة، تشرق بوادر أملٍ جديد للسوريين، ما بعد سقوط السلطة السياسية في سورية، وهروب بشار الأسد، ومع مواقف دولية وإقليمية تُجدد الالتزام بدعم سورية وشعبها، ففي مقدمة هذه الجهود، تتصدر المملكة العربية السعودية بموقف ثابت و مبدئي، يضع مصلحة السوريين في صدارة الأولويات، مستندة إلى رؤية شاملة تراعي حماية سيادة البلاد، وتوحيد شعبها، وصون مقدراتها من العبث والفوضى.
وفي التفاصيل، أعربت المملكة العربية السعودية عن ارتياحها للخطوات الإيجابية التي جرى اتخاذها لضمان سلامة الشعب السوري، وحقن الدماء، والحفاظ على مؤسسات الدولة السورية و مقدراتها، في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها البلاد.
وفي بيان صادر عن وزارة الخارجية السعودية، أكدت المملكة دعمها لكل ما يسهم في تحقيق أمن سورية واستقرارها، بما يحافظ على سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها، و أوضحت أن السعودية تقف إلى جانب الشعب السوري و خياراته في هذه المرحلة التاريخية، داعية إلى «تضافر الجهود للحفاظ على وحدة سورية وتماسك شعبها، وحمايتها من الفوضى والانقسام».
كما حثت المملكة المجتمع الدولي على «دعم الشعب السوري الشقيق، والتعاون معه في كل ما يحقق تطلعاته ويخدم مصالحه، مع الامتناع عن التدخل في شؤونه الداخلية، ومساعدته على تجاوز المحن التي عانى منها طيلة السنوات الماضية، والتي خلفت مئات الآلاف من الضحايا وملايين المهجرين، وأتاحت المجال للميليشيات الأجنبية لفرض أجندات خارجية».
وأضاف البيان: «حان الوقت ليعيش الشعب السوري حياة كريمة تليق به، ويشارك بمختلف مكوناته في بناء مستقبل زاهر يسوده الأمن والرخاء، ويعيد سوريا إلى مكانتها الطبيعية في العالم العربي والإسلامي».
اقرأ أيضاً: عودة التواصل: رحلات جوية منتظمة تربط بين سوريا وثلاث مدن سعودية
من جانبها، أكدت دول الخليج العربي متابعة تطورات الوضع السوري، داعية جميع الأطراف إلى تغليب مصلحة الوطن والمواطنين، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على المؤسسات الوطنية ووحدة الدولة السورية.
وشددت البحرين على التزامها بدعم أمن واستقرار سوريا، وصون سيادتها ووحدة أراضيها، وحثت مختلف الأطراف على «تغليب المصلحة العليا والحفاظ على المنشآت الحيوية والاقتصادية»، كما أعربت وزارة الخارجية البحرينية عن دعمها للجهود الدولية والإقليمية التي تسهم في بناء مستقبل مشرق لسورية، وتسهل عودة اللاجئين، وتدعم إعادة الإعمار وبناء المؤسسات الديمقراطية.
في السياق ذاته، دعت سلطنة عمان إلى احترام إرادة الشعب السوري والحفاظ على سيادة ووحدة البلاد، وحثت جميع الأطراف على ضبط النفس، والعمل على تحقيق المصالحة الوطنية التي تضمن أمن سورية واستقرارها وازدهارها.
أما قطر، فجددت في بيان لوزارة خارجيتها موقفها الثابت بدعم إنهاء الأزمة السورية عبر قرارات الشرعية الدولية، وخاصة القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن، مع التأكيد على أهمية الحوار الوطني الذي يحفظ وحدة الشعب السوري ومؤسسات دولته، ويحقق تطلعاته نحو التنمية والعدالة.
اقرأ أيضاً: من ضمنها سورية.. دعم سعودي إنساني لمنظمات دولية في 3 دول
وتزامناً مع التطورات الأخيرة، تذكر سوريون المواقف السعودية الداعمة لهم منذ بداية الأزمة عام 2011، وأشادوا بجهود الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ودور الأمير الراحل سعود الفيصل، الذي كان صوتاً قوياً في دعم سورية في المحافل الدولية.
وأكد مسؤول سعودي أن المملكة وقفت منذ البداية على مبادئ ثابتة لدعم سورية، انطلاقاً من إيمانها بأهمية سيادتها واستقلالها، بعيداً عن التدخلات الخارجية، وأشار إلى أن المملكة استضافت ملايين السوريين، وقدمت لهم التعليم والعلاج والعمل، وعاملتهم كمقيمين يتمتعون بحقوق شاملة، ما عزز اندماجهم في المجتمع السعودي.
على صعيد الأحداث داخل سوريا، أعلنت المعارضة إسقاط النظام الحاكم، ودعت إلى ضبط النفس وحماية المؤسسات العامة، وفي بيان على تطبيق «تلغرام»، أكد أبو محمد الجولاني، قائد ما يعرف بـ «هيئة تحرير الشام»، على ضرورة الحفاظ على المنشآت العامة تحت إدارة الحكومة المؤقتة حتى استكمال إجراءات التسليم.
في الوقت ذاته، أشاد مظلوم عبدي، قائد قوات سورية الديمقراطية، بـ«اللحظة التاريخية» التي يعيشها السوريون، واعتبرها فرصة لبناء دولة جديدة قائمة على الديمقراطية والعدالة، وفي خطاب متلفز، دعا رئيس الحكومة السورية محمد الجلالي إلى الحفاظ على الممتلكات العامة، مؤكداً استعداده للتعاون مع أي قيادة يختارها الشعب السوري.