تشهد بورتسودان، العاصمة المؤقتة للسودان، نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً يهدف إلى إنهاء الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، والعمل على توحيد المبادرات الدولية ومقترحات السلام، وفي هذا السياق، وصل رمطان لعمامرة، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، إلى بورتسودان لعقد لقاءات مع المسؤولين السودانيين، فيما اجتمع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، مع رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، في زيارة استغرقت ساعات قليلة.
ومن المقرر أن تستمر زيارة لعمامرة لمدة يومين، يجتمع خلالها مع عدد من المسؤولين، بينهم نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار وعضو المجلس إبراهيم جابر، وتختتم بلقاء مع البرهان. تأتي هذه الزيارة بعد اجتماع تشاوري في نواكشوط بمشاركة دولية واسعة، بما في ذلك الاتحاد الأفريقي، والاتحاد الأوروبي، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والولايات المتحدة.
وتُعد هذه الزيارة الثانية للعمامرة إلى بورتسودان منذ إعلانها عاصمة مؤقتة للحكومة. يُتوقع أن تناقش الزيارة تطورات الوضع في السودان والحراك الدولي لإنهاء النزاع، بالإضافة إلى محاولة دفع المحادثات بين الجيش و«قوات الدعم السريع» نحو استئناف مباشر للمفاوضات برعاية المبعوث الأممي.
وعلى صعيد متصل، أكدت تصريحات إعلامية صادرة عن مجلس السيادة الانتقالي أن البرهان التقى مع الخريجي لمناقشة العلاقات الثنائية بين السودان والسعودية وسبل تعزيزها. وعبّر الخريجي عن حرص المملكة على دعم الأمن والاستقرار في السودان.
وأشار الخريجي، في حديث سابق خلال اجتماع نواكشوط، إلى جهود السعودية في حل الأزمة السودانية، مستشهداً بـ«مباحثات جدة 1» التي نتج عنها «إعلان جدة الإنساني» و«مباحثات جدة 2» التي سعت إلى وضع إطار سياسي مستدام يضمن أمن واستقرار السودان.
وشدد الخريجي على أن الأولوية تكمن في وقف القتال، تحسين الاستجابة الإنسانية، وتهيئة الأجواء لحل سياسي يضمن وحدة السودان وسيادته بعيداً عن التدخلات الخارجية، وأوصى اجتماع نواكشوط بتعزيز التنسيق الإقليمي والدولي بشأن السودان، إلى جانب استمرار المشاورات. بالتزامن، عقدت مجموعة «ALPS» اجتماعات في سويسرا مع ناشطين من المجتمع المدني والشباب لبحث سبل استئناف المفاوضات.
اقرأ أيضاً: «أيام السودان» تضيء حديقة السويدي بفعاليات ساحرة
وتأتي هذه التحركات بينما تتواصل العمليات القتالية بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في عدة مناطق بالسودان، وسط غياب إحصائيات دقيقة عن الخسائر البشرية، ومع ذلك، تشير تقديرات المنظمات الدولية إلى سقوط عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، فضلاً عن نزوح أكثر من 11 مليون شخص داخل البلاد، ولجوء 3 ملايين آخرين إلى دول الجوار، في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة وفقاً للأمم المتحدة.
هذا وكانت قد جددت المملكة العربية السعودية تأكيدها على أهمية وضع حد للنزاع المسلح في السودان، مشيرةً إلى أن أولى خطوات حل الأزمة تبدأ بوقف فوري للقتال، وتوفير الدعم الإنساني الضروري للسكان المتضررين، كما دعت المملكة إلى تعزيز التعاون مع الدول العربية والإسلامية والشركاء الدوليين لتحقيق الاستقرار، مرحّبةً بالمبادرات العالمية الساعية لإنهاء الصراع.
وأكدت السعودية ضرورة التزام الأطراف السودانية بتنفيذ بنود إعلان جدة، الذي يُعتبر حجر الأساس في جهود تحقيق السلام.
وفي العاصمة الموريتانية نواكشوط، عُقد الاجتماع التشاوري الثالث للمبادرات الدولية الرامية لحل الأزمة السودانية، بمشاركة ممثلين عن الاتحاد الأفريقي، والاتحاد الأوروبي، وجامعة الدول العربية بقيادة البحرين، ومنظمة «إيغاد» برئاسة جيبوتي، بالإضافة إلى الأمم المتحدة، والسعودية، ومصر، والولايات المتحدة.
وخُصص الاجتماع لتنسيق المبادرات المختلفة وضمان تكاملها، حيث أعلن المشاركون في ختام اللقاء التزامهم بتوحيد الجهود لتعزيز السلام في السودان، واعتماد آلية عمل لفريق فني مشترك لتبادل المعلومات وضمان التنسيق المستمر.
وخلال كلمته في الاجتماع، استعرض نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي دور المملكة في احتواء الأزمة السودانية، مشيراً إلى مباحثات جدة التي أثمرت توقيع إعلان يركز على حماية المدنيين ووقف إطلاق النار، وأكد أن جهود المملكة مستمرة للتوصل إلى حل سياسي شامل يضمن استقرار السودان ووحدة مؤسساته.
اقرأ أيضاً: السودان: السعودية قلقة وتطالب بالعودة إلى «إعلان جدة»
من جانبه، أشار سفير جيبوتي لدى السودان، عيسى خيري روبله، إلى حساسية المرحلة الراهنة بسبب استمرار النزاع، مُذكّراً بأن اجتماع جيبوتي في يوليو الماضي أسفر عن إعلان يدعو لوقف القتال وإطلاق عملية سياسية شاملة، أما وزير الخارجية الموريتاني، محمد سالم ولد مرزوك، فقد تولى رئاسة الاجتماع، داعياً إلى مضاعفة الجهود الدولية لتحقيق السلام، ومشدداً على أهمية التنسيق بين الأطراف المختلفة لضمان نجاح المبادرات.
كما ناقش الاجتماع التحديات الإنسانية الكبيرة التي يواجهها السودان، مع التأكيد على ضرورة وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق. وتطرق المشاركون إلى الخطط المستقبلية لإعادة الإعمار وتنشيط الاقتصاد، داعين إلى توحيد الجهود وتكامل الأدوار بين مختلف الجهات.
واختُتم الاجتماع بتوصيات تركز على خطوات عملية لتحقيق السلام، مع التشديد على وقف إطلاق النار بشكل دائم، ووضع رؤية سياسية شاملة تضمن استقرار السودان وسيادته، وفي الختام، دعا وزير الخارجية الموريتاني إلى تقديم دعم مستدام للمؤسسات الوطنية السودانية، مؤكداً على أهمية التعاون بين الاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة «إيغاد»، إلى جانب المبادرات الدولية، لضمان مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً للسودان.