في خطوة لافتة على الساحة الدبلوماسية الدولية، تستعد العاصمة السعودية الرياض لاحتضان قمة تجمع بين الولايات المتحدة وروسيا، بهدف إعادة فتح قنوات الحوار بين القوتين العظميين، والإعلان عن هذه القمة جاء على لسان الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال تصريحات أدلى بها مؤخراً.
وبحسب ما أفاد به ترامب، فإن القمة ستشهد لقاءً مباشراً بينه وبين نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وذلك بحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي يُنظر إليه كأحد الفاعلين الأساسيين في الوساطة بين الأطراف الدولية، نظراً للدور المتنامي الذي تلعبه السعودية على المستوى الدبلوماسي والاقتصادي.
من جانبه، أكّد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن الرياض تمثل المكان الأمثل لعقد هذه القمة، وهو ما يعكس توافق موسكو وواشنطن على أهمية الدور السعودي في تقريب وجهات النظر، وتشير مصادر عربية إلى أن وجود ولي العهد السعودي في هذه المحادثات يعزز من موقع المملكة كقوة إقليمية ودولية، ويؤكد مكانتها كدولة مؤثرة في تحقيق الاستقرار العالمي.
على صعيد متصل، كشف الرئيس ترامب عن لقاء آخر سيعقد في السعودية الأسبوع المقبل، بحضور مسؤولين أميركيين وروس كبار، إضافة إلى مشاركة أوكرانية، وصرّح خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض بأن هذا الاجتماع يأتي ضمن الجهود المبذولة لإنهاء الصراع الدائر بين موسكو وكييف، وأوضح: «سيكون هناك اجتماع في ميونيخ غداً، ثم اجتماع آخر في السعودية الأسبوع المقبل، ليس بيني وبين الرئيس بوتين، ولكن بين كبار المسؤولين من الجانبين، وأوكرانيا ستكون جزءاً من هذا الحوار».
اقرأ أيضاً: بوتين: السعودية صديقتنا ونثق بدورها لإحلال السلام
ورداً على تساؤلات الصحفيين حول مدى ثقته في نوايا الرئيس الروسي، أشار ترامب إلى أنه يعتقد بأن بوتين «يريد حدوث شيء ما»، ملمحاً إلى إمكانية التوصل إلى تسوية تنهي الصراع المستمر منذ سنوات، كما جدد دعوته إلى إعادة روسيا إلى مجموعة الدول السبع، معتبراً أن استبعادها من هذه المنظومة عام 2014 كان خطأ استراتيجياً.
وفي المقابل، قوبلت تحركات ترامب بمخاوف وتحفظات، خاصة من الجانب الأوكراني وبعض الدول الأوروبية، فقد شدد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على أن أي اتفاق يخص بلاده لا يمكن أن يتم دون مشاركتها المباشرة، وقال في تصريحات حادة: «نحن دولة مستقلة، ولن نقبل بأي اتفاق يتم دون إشراكنا فيه»، واعتبر زيلينسكي أن بوتين يسعى إلى حصر المفاوضات مع واشنطن وحدها، وهو ما لن يتم السماح به.
كما سارعت كييف إلى نفي وجود أي محادثات مقررة مع الروس خلال مؤتمر ميونيخ، مؤكدة أن أي محاولة للالتفاف على أوكرانيا في مسار السلام ستُقابل بالرفض القاطع، وهذا الموقف وجد صدىً لدى عدد من وزراء الخارجية الأوروبيين، الذين اجتمعوا في باريس للتأكيد على ضرورة مشاركة أوكرانيا وأوروبا في أي مفاوضات تتعلق بمصير الحرب.
اقرأ أيضاً: روبيو يكشف خطط ترامب في زيارته الأولى للشرق الأوسط
أمّا في موسكو، فقد عبّرت القيادة الروسية عن رضاها إزاء موقف ترامب، حيث وصف الكرملين مساعي الرئيس الأميركي لإنهاء الحرب في أوكرانيا بأنها «إيجابية»، وفي هذا السياق، أشار بيسكوف إلى أن التحضيرات جارية لعقد لقاء بين ترامب وبوتين، لكن هذه العملية قد تستغرق عدة أشهر، وأضاف أن المفاوضات ستجري على مسارين متوازيين: الأول بين واشنطن وموسكو، والثاني يشمل أوكرانيا بطريقة أو بأخرى.
يُذكر أن آخر اتصال مباشر بين رئيسي الولايات المتحدة وروسيا كان في فبراير 2022، عندما تحدث بوتين إلى جو بايدن قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا، ومنذ ذلك الحين، تصاعدت التوترات بين البلدين، مما جعل أي حوار مباشر بين الزعيمين حدثاً استثنائياً يحمل في طياته العديد من الدلالات السياسية.