وسط أروقة مجلس الوزراء السعودي، حيث تُرسم ملامح المستقبل وتُعزز جسور التواصل بين الدول، كانت الأضواء مسلطة على قضايا محورية تمس الأمن الإقليمي والتنمية المستدامة، وبين قرارات تهدف إلى صون السيادة ودعم الاستقرار، ومبادرات تسعى لتعزيز التحول الرقمي والارتقاء بجودة الحياة، تجدد المملكة رسالتها للعالم بأنها حاضنة للسلام وشريكة في البناء.
فمن إنهاء الصراع في السودان إلى تعزيز التعاون الثقافي والعلمي مع دول الجوار والعالم، يأتي هذا المقال ليُلقي الضوء على أهم مخرجات الجلسة الوزارية الأخيرة المليئة بالقرارات الحيوية والخطوات الاستراتيجية التي تُترجم رؤية المملكة إلى واقع ملموس.
وفي التفاصيل، أكدت المملكة العربية السعودية مجدداً، من خلال جلسة مجلس الوزراء، على أهمية إنهاء الصراع الدائر في السودان، مشيرة إلى ما جاء في الاجتماع التشاوري الثالث الذي جمع المنظمات متعددة الأطراف الراعية لمبادرات السلام في هذا البلد، وركزت المملكة على ضرورة تعزيز الاستجابة الإنسانية في السودان والعمل على تمهيد مستقبل سياسي مستقر يضمن أمن البلاد وسلامتها، مع الحفاظ على وحدة أراضيها وسيادتها واستقلالها.
في بداية الجلسة التي عُقدت في العاصمة الرياض وترأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، استعرض المجلس أبرز نتائج اللقاء الذي جمع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، رئيس مجلس الوزراء، برئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، وتناول اللقاء العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تنميتها وتطويرها في مختلف المجالات، إضافة إلى التباحث حول مستجدات الأوضاع الإقليمية والجهود المبذولة لمعالجة التحديات المشتركة في المنطقة.
اقرأ أيضاً: الخريجي للبرهان: نحن حريصون على استقرار السودان
كما ناقش مجلس الوزراء في جلسته تطورات التعاون بين المملكة ودول العالم ومنظماته الدولية، وما تحقق من إنجازات تعكس العمل المشترك الذي يهدف إلى تعزيز الروابط الإقليمية والدولية، وسلط المجلس الضوء على الخطوات التي من شأنها دعم الجهود الرامية إلى ترسيخ الأمن والاستقرار والتنمية على المستويين الإقليمي والدولي.
وفي هذا السياق، عبّر المجلس عن ترحيبه بتبني الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يطالب محكمة العدل الدولية بإبداء رأيها حول الالتزامات المفروضة على إسرائيل لتسهيل تقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين من قِبل الأمم المتحدة والدول والمنظمات الدولية، وأشاد المجلس بالمواقف الإيجابية للدول التي دعمت القرار المقدم بالتعاون بين النرويج والمملكة، معتبراً ذلك خطوة مهمة لدعم حقوق الشعب الفلسطيني.
وأوضح وزير الإعلام، سلمان الدوسري، في تصريحاته عقب الجلسة، أن مجلس الوزراء أثنى على نتائج الدورة الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب، الذي جرى إنشاؤه بمبادرة من المملكة انطلاقاً من التزامها الراسخ بصون الأمن العربي، وأكد المجلس أهمية تنسيق الجهود المشتركة بين الدول العربية لتعزيز حماية مصالحها وأمنها الرقمي.
وفي الشأن المحلي، أشار المجلس إلى التقدم الكبير الذي حققته الجهات الحكومية في مجال التحول الرقمي لعام 2024، مؤكداً أن هذه الإنجازات تجسد التطلعات نحو تحسين جودة الحياة في المملكة، وشدّد المجلس على أهمية مواصلة تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين والزائرين، ما يسهم في تسهيل ممارسة الأعمال التجارية، وتمكين المملكة من التقدم في المؤشرات والتصنيفات الدولية المتعلقة بالقدرة التنافسية والتنمية.
اقرأ أيضاً: «أيام السودان» تضيء حديقة السويدي بفعاليات ساحرة
إضافة إلى ذلك، أشاد مجلس الوزراء بما شهدته العاصمة الرياض من فعاليات اقتصادية وثقافية وإعلامية خلال الأيام القليلة الماضية، مشيراً إلى أن الرياض أصبحت وجهة دولية بارزة في مختلف المجالات، بفضل النهضة الشاملة التي تشهدها المملكة على الأصعدة كافة.
وتناول المجلس أيضاً العديد من الموضوعات المدرجة على جدول أعماله، بما في ذلك ما أحيل إليه من مجلس الشورى، واتخذ المجلس قرارات مهمة في مجالات متعددة، من بينها الموافقة على عدد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات الثنائية، فقد قرر المجلس تفويض وزير الداخلية أو من ينوبه بالتباحث مع الجانبين الطاجيكي والباكستاني حول مذكرتي تفاهم للتعاون في مجال الدفاع المدني والحماية المدنية، والتوقيع عليهما.
كما وافق المجلس على مشروع مذكرة تفاهم بشأن إنشاء مجلس التنسيق السعودي الإسباني، وفوض وزير الخارجية بالتباحث مع الجانب الإسباني حول آليات التعاون المشترك بين البلدين، وعلى الصعيد الثقافي، أقر المجلس مذكرة تفاهم للتعاون بين وزارة الثقافة السعودية والمجلس الوطني الكويتي للثقافة والفنون والآداب، كما وافق على مشروع مذكرة تفاهم بين وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية ونظيرتها العراقية في مجال الموارد المائية.
وشملت القرارات أيضاً تفويض وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالتباحث حول اتفاقية إطارية للتعاون بين المملكة ومنظمة العمل الدولية تتعلق ببرنامجَي الموظفين الفنيين المبتدئين والانتداب، والموافقة على مذكرة تفاهم بين جامعة أم القرى والهيئة السعودية للملكية الفكرية والمنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو).
كما أقر المجلس مشروع مذكرة تفاهم بين المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر ومعهد قانسو لأبحاث مكافحة التصحر في الصين، بهدف تعزيز التعاون في مجال مكافحة التصحر.
اقرأ أيضاً: السودان: السعودية قلقة وتطالب بالعودة إلى «إعلان جدة»
واستمراراً لدعم اللغة العربية، وافق المجلس على مذكرة تفاهم للتعاون بين مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية وجامعة طشقند الحكومية للدراسات الشرقية في أوزبكستان، كما أقر تعديل تنظيم هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية، بالإضافة إلى اعتماد استراتيجية تحوّلية لمعهد الإدارة العامة.
وفي ختام الجلسة، اطلع المجلس على تقارير سنوية مقدمة من عدد من الوزارات والهيئات، بما في ذلك وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، وزارة البيئة والمياه والزراعة، ووزارة التعليم.