في قلب العاصمة اليابانية طوكيو، امتزجت روح الأصالة السعودية مع عبق التراث الياباني في لقاء استثنائي، حيث خطّت الرياض وطوكيو فصلاً جديداً من شراكة ثقافية واعدة عبر توقيع مذكرة تفاهم ثقافية تحمل بين طياتها أحلاماً طموحة وتطلعات مشتركة نحو مستقبل يعزز الإبداع، ويحفظ التراث، ويربط الأجيال بجذورها العميقة.
وهذا التعاون ليس مجرد ورقة وقعها الطرفان، بل نافذة مشرعة على عوالم الفن والابتكار، وفرصة لتبادل الخبرات بين ثقافتين غنيتين، تتشاركان الشغف في صناعة الجمال ورعاية التراث.
وفي التفاصيل، وقّع الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة السعودي، وتوشيكو آبي، وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية اليابانية، مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون الثقافي بين السعودية واليابان، وجاء ذلك خلال اجتماع عقد في العاصمة اليابانية طوكيو، ناقش فيه الطرفان آفاق تطوير العلاقات الثقافية العميقة بين البلدين.
وتهدف مذكرة التفاهم إلى تعزيز الشراكة الثقافية بين الجانبين من خلال تبادل الخبرات في مجالات الأنظمة الثقافية، والرسوم المتحركة، وحفظ التراث الرقمي، بالإضافة إلى تطوير برامج الإقامات الفنية. كما تسعى إلى دفع عجلة المشروعات المشتركة في المجالات الثقافية والفنية.
تزامنت زيارة الأمير بدر مع مشاركته في حفل «روائع الأوركسترا السعودية»، حيث بحث مع الوزيرة اليابانية سبل توسيع التعاون عبر مشروعات استراتيجية مشتركة، وعبّر الوزير عن تهانيه لنظيرته اليابانية على توليها منصبها الجديد، مؤكداً على عمق العلاقات بين البلدين، خاصة في ظل مشاركة السعودية بجناح مميز في معرض «إكسبو 2025» في أوساكا.
كما تناول اللقاء دعم التعاون بين هيئة الأدب والنشر والترجمة السعودية والجانب الياباني، مع التركيز على تدريب الطلاب السعوديين في مجال «المانغا» وفنون القصص المصورة، وتأتي هذه المذكرة كخطوة جديدة في إطار العلاقات الثقافية المتميزة بين البلدين، وتماشياً مع الاستراتيجية الوطنية للثقافة السعودية، المنبثقة عن رؤية 2030، لتعزيز التبادل الثقافي الدولي.
شهد اللقاء حضور عدد من المسؤولين، من بينهم حامد فايز، نائب وزير الثقافة، وراكان الطوق، مساعد الوزير، بالإضافة إلى سفير السعودية لدى اليابان، الدكتور غازي بن زقر.
اقرأ أيضاً: «مذاق الثقافة السعودية» تتألق في طوكيو قريباً
هذا وتتمتع السعودية واليابان بعلاقات تاريخية متميزة تمتد لعقود، وتشكل نموذجاً للتعاون المثمر بين بلدين يربطهما الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، إذ تأسست العلاقات الرسمية بين البلدين في عام 1955، عندما بدأت اليابان في استيراد النفط السعودي، ما أرسى أساساً متيناً للعلاقات الاقتصادية بين الجانبين.
وفي السبعينيات من القرن الماضي، بدأت مرحلة التعاون التقني والتجاري بين البلدين، فمع تنامي العلاقات، بدأ البلدان في تبادل الخبرات التقنية والتجارية، ووقعت العديد من الاتفاقيات الاقتصادية التي أسهمت في تطوير قطاعات مثل الطاقة والبنية التحتية في السعودية.
لاحقاً لذلك، وفي الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين، تعززت العلاقات السياسية والدبلوماسية، إذ شهدت هذه الفترة تكثيفاً للزيارات الرسمية المتبادلة بين القيادات السياسية في البلدين، وتميزت العلاقات بتركيز على الحوار السياسي والتعاون في القضايا الدولية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط.
ومع مطلع الألفية الجديدة، بدأ البلدان في استكشاف مجالات تعاون جديدة، شملت مجالات الثقافة والتعليم والبحث العلمي، كانت هذه المرحلة إيذاناً بتحول العلاقات نحو تنوع أعمق.
واليوم، تُعد اليابان واحدة من أبرز الشركاء التجاريين للسعودية، حيث تشكل صادرات النفط السعودي إلى اليابان عنصراً محورياً في العلاقات الاقتصادية، إلى جانب التعاون في مجالات التقنية والبنية التحتية والطاقة المتجددة.
اقرأ أيضاً: الرياض تستعد لاستضافة مهرجان اليابان 2024
وكانت قد شهدت اليابان تجربة استثنائية هذا الشهر، حيث احتضنت العاصمة طوكيو فعالية «مذاق الثقافة السعودية» التي نظمتها هيئة فنون الطهي خلال الفترة من 8 إلى 10 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، وهدفت هذه الفعالية إلى تعريف الزوار بعالم الطهي السعودي المميز، من خلال تقديم تجربة غنية تجمع بين النكهات التقليدية والأنشطة الثقافية الإبداعية.
واستمتع الحاضرون بفرصة تذوق أطباق سعودية شهيرة مثل الكبسة والهريس، بالإضافة إلى التعرف على الحرف اليدوية التقليدية عبر 20 ركناً تم تصميمها لتقديم الأصالة بلمسة إبداعية.