تعد السياحة في السعودية من أهم القطاعات الحيوية التي بدأ النشاط الاقتصادي في المملكة بالتصاعد عبرها، حيث تمتاز المملكة بتنوع وجمال وطبيعة المعالم السياحية المثيرة، والتي تحاكي الذوق العالمي، فضلاً عن جذب الزوار من جميع أنحاء العالم.
بدأت السعودية تخطط بجانب جديد في القطاع السياحي يتمثل في “سياحة الكهوف”، والذي يعد أحد وجهات الجذب لأنماط السياحة البيئية والجيولوجية في المملكة، حيث بدأت بالعمل على تفعيلها والسعي لاكتشاف المزيد منها والوقوف على جاهزيتها.
ومؤخراً، كشف خبير الكهوف في هيئة المساحة الجيولوجية السعودية محمود الشنطي، أن الهيئة منفتحة على استغلال الكهوف للأغراض السياحية والعلمية، وذلك كجزء لا يتجزأ من مشاركتها في رؤية المملكة 2030.
وأكد أنه “تم وضع بعض التصورات والمقترحات لتفعيل مجال استغلال إحدى الثروات الجيولوجية الوطنية المهمة، واستغلالها بتقديمها لسوق الاستثمار السعودي، للاستفادة منها في قيام صناعات ومشاريع جديدة”.
وأوضح أن هيئة المساحة الجيولوجية السعودية، لكونها مسؤولة عن اكتشاف الكهوف الداخلية في السعودية، تؤدي واجبها بالقيام بأعمال التدريب والتطوير في هذا المجال.
وذكر الشنطي أن سياحة الكهوف جزء رئيس في دعم أنشطة السياحة البيئية، التي تعد من أهم أنواع السياحة، وهي المغامرات التي تجذب الزائر لخوضها
فوهة الوعبة وجبل قدر
من جهتها، جهزت هيئة المساحة الجيولوجية 3 كهوف بأعماق مختلفة لتكون مواقع سياحية بالتنسيق مع الجهات المعنية، فيما تعمل الهيئة مع وزارة الاستثمار لاستغلال موقعين جيولوجيين ليكونا وجهة سياحية تستقطب الزوار من داخل وخارج المملكة.
وجرى تحديد موقعين هما، جبل قدر، ومطلع طمية المعروف بـ “فوهة الوعبة“، والعمل جار مع وزارة الاستثمار لاستغلالهما، بحسب الرئيس التنفيذي لهيئة المساحة الجيولوجية في السعودية، المهندس عبد الله بن مفطر الشمراني.
وكشف الشمراني أن عدد الكهوف يتجاوز مائة وخمسين كهفاً، تنتشر في مواقع مختلفة، من بينها كهف “أم جرسان” وطوله 1.5 كيلومتر ويقع بالقرب من المدينة المنورة، ويتميز بجماليات طبيعية تتناغم مع تاريخه وتكوينه، كذلك كهف “أبو الوعول” الذي يحتوي على هياكل عظمية لحيوانات انقرضت، لافتاً إلى أن السعودية غنية بالمعالم الجيولوجية المنتشرة في المواقع كافة.
ويأتي عرض موقعي “فوهة الوعبة”، و”جبل القدر” على وزارة الاستثمار، لأهميتهما، فجبل القدر، يقع في حرة خيبر التابعة لمنطقة المدينة المنورة، ويتميز بارتفاعه الذي يصل إلى نحو 400 متر، وهو أكبر الحقول البركانية، وآخر البراكين التي ثارت قبل 1000 عام، وقد اختير في وقت سابق ضمن أجمل المعالم الجيولوجية العالمية، وفق تصنيف الاتحاد الدولي للعلوم الجيولوجية (IUGS) ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو).
في المقابل تغوص “فوهة الوعبة” في التاريخ بعمر يتجاوز 1.1 مليون عام، وهي من أكبر الفوهات البركانية في العالم، وهي جزء من حقل بركاني أحادي المنشأ يضم 175 بركاناً صغيراً، أعمارها بين بضع مئات الآلاف من السنوات إلى مليوني سنة، فيما تغطي مساحة بنحو 6000 كيلومتر مربع، وتتميز بعمق يصل إلى نحو 250 متراً وقطر يبلغ 2.3 كيلومتر، وهو ما يقارب 3 أضعاف متوسط أقطار البراكين الأخرى، كما تحتوي على حوض ملحي أو بحيرة ضحلة تشكّلت بسبب تجمع مياه الأمطار.
وتعد الاكتشافات الجيولوجية في مساراتها المختلفة ثروة من الثروات المعدنية والسياحية والبيئية نادرة الوجود، والتي يجب المحافظة عليها وحمايتها، حيث يمكن الاستفادة من هذه الاكتشافات للدراسات الأكاديمية والأبحاث العلمية، وكذلك استغلالها في النواحي السياحية، وإمكانية الاستفادة منها بوصفها ثروة اقتصادية، تفتح المجال لمشاريع اقتصادية جديدة وتوفير الفرص الوظيفية للمواطنين، وكذلك فتح مجال أوسع للتعليم الأكاديمي ونشر الأبحاث الوطنية.
وسيفتح هذا الحراك بين القطاعات الحكومية السعودية نافذة جديدة على السياحة، فيما ستكون لهذا التعاون تأثيرات كبيرة في تنشيط ما يعرف بالسياحة الجيولوجية من خلال توافد المهتمين والباحثين عن المغامرات من مختلف دول العالم، وسيساهم ذلك في رفع إيرادات الأنشطة السياحية، خاصة مع تنامي الاكتشافات في مسارات مختلفة، منها الأحافير، التي وصلت إلى أكثر من 100 موقع أحفوري رئيس في المملكة خلال السنوات الماضية.
وتحتوي هذه الاكتشافات على “خسف عينونة” بشمال غربي المملكة، و”تلة السعدان” شمال الجموم، و”فيضة الضبطية” في المنطقة الشرقية، و”طعس الغضا”، و”البحيرة الوسطى” جنوب غربي النفوذ الكبير، و”جبال طويق”، و”فيضة الرشاشية” في شمال المملكة، بالإضافة إلى ما تم تسجيله في المملكة إلى اليوم من الأحافير المختلفة القديمة.
وهذه الاكتشافات يمكن الاستفادة منها من خلال جمعها تحت سقف واحد، وهو ما أشار إليه رئيس هيئة المساحة في تصريحات صحافية، قائلاً: “الأحافير يستفاد منها في المتاحف الجيولوجية، ويمكن العمل في هذا الجانب مع وزارة السياحة، لضم هذه الأحافير، وبعض المكونات التي تعطي نبذة عن الجيولوجيا في السعودية، وأنواع من الأحجار المختلفة الموجودة في البلاد، وهذا يعطي بعداً علمياً واستثمارياً”.
اقرأ أيضاً: أبرز وجهات نيوم السياحية الجذابة 2025