وسط صخب النزاعات وتباين المواقف الدولية، يظل الحق الفلسطيني قضيةً إنسانية وسياسية تأبى أن تُمحى من الذاكرة، وفي قلب المشهد المتشابك اليوم، تدفع المملكة العربية السعودية بخطوات حازمة ومبادرات جادة، مؤكدةً أن العدالة والسلام ليسا خيارين قابلين للتفاوض، بل هما حقٌ يجب أن يُنتزع للشعب الفلسطيني الذي يعاني ويلات الاحتلال.
وبينما تُصوت الدول لصالح العدالة، وتُثمن منظمة التعاون الإسلامي هذه الجهود، يبقى السؤال الحاضر في الأذهان: هل يمكن أن يصبح التضامن العالمي جسراً نحو إنهاء الاحتلال وتحقيق حلم الفلسطينيين بدولة مستقلة؟
وفي المعطيات الجديدة، أعربت المملكة العربية السعودية، عن ترحيبها بقرار أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة يدعو إلى طلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية حول التزامات ومسؤوليات كيان الاحتلال الإسرائيلي تجاه الشعب الفلسطيني، ويأتي هذا القرار في إطار دعم المجتمع الدولي لحقوق الفلسطينيين واستناداً إلى مبادرة قدمتها النرويج بالشراكة مع السعودية ودول أخرى.
وقد صوّتت الجمعية العامة، بأغلبية كبيرة بلغت 137 صوتاً لصالح القرار، الذي يهدف إلى مطالبة المحكمة الدولية بتقديم رأي استشاري حول التزامات كيان الاحتلال الإسرائيلي القانونية المتعلقة بأنشطة المنظمة الدولية والدول الأخرى تجاه الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
وأكدت وزارة الخارجية السعودية أن القرار يعكس تضامناً دولياً واسعاً مع الشعب الفلسطيني، مشيرة إلى أنه يهدف إلى مساعدتهم في مواجهة الظروف الحالية، كما أوضحت أن القرار يجسد إجماع المجتمع الدولي على الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة، وأثنت الوزارة على الدول التي صوتت لصالح القرار، واعتبرته خطوة مهمة لدعم الفلسطينيين في تحقيق حقوقهم المشروعة.
اقرأ أيضاً: السعودية: أوقفوا النار في غزة وادعموا «الأونروا»
وفي السياق ذاته، أشادت منظمة التعاون الإسلامي بالقرار، معربة عن تقديرها لجهود النرويج وجميع الدول التي ساهمت في تقديم المشروع ودعمه، وأكدت المنظمة أن الإجراءات والتشريعات التي تقوم بها كيان الاحتلال الإسرائيلي، والتي تستهدف عمل الأمم المتحدة ومؤسساتها، تعد خرقاً واضحاً لميثاق الأمم المتحدة وقراراتها ذات الصلة.
وأضافت أن هذه السياسات لا تؤدي فقط إلى انتهاك القانون الدولي، بل تفاقم الأزمة الإنسانية التي يعيشها الشعب الفلسطيني بحرمانهم من المساعدات الأساسية.
كما رحبت المنظمة بقرار آخر تبنته الجمعية العامة حول السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، بما في ذلك حقه في الاستفادة من موارده الطبيعية، إلى جانب حقوق السكان العرب في الجولان السوري المحتل، ودعت المنظمة جميع الدول الأعضاء والمنظمات الدولية إلى تكثيف جهودها لإنهاء الاحتلال الكيان الاحتلال الإسرائيلي، وتمكين الفلسطينيين من تحقيق استقلالهم وإقامة دولتهم المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وعلى صعيد متصل، دعت المملكة العربية السعودية إلى وقف إطلاق النار في غزة، معربة عن ترحيبها بالتهدئة في لبنان، ومستنكِرة الهجمات كيان الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي السورية، وقد جاء ذلك خلال كلمة ألقاها مندوب السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عبد العزيز الواصل، أمام الجمعية العامة في دورتها الاستثنائية العاشرة الخاصة بالقضية الفلسطينية.
وأشار الواصل في كلمته إلى استياء المملكة من استمرار استخدام حق النقض (الفيتو) بشكل تعسفي وانتقائي، ما أسهم في استمرار الجرائم الكيان، التي وصفها بحرب إبادة جماعية في غزة، كما أعرب عن قلق السعودية من التصعيد العسكري لكيان الاحتلال في الأراضي السورية، معتبراً أنه يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ويهدد استقرار سوريا ووحدتها.
اقرأ أيضاً: بن فرحان: قيام دولة فلسطين لا يشترط قبول الكيان
وأكد الواصل على أهمية الدور الذي تقوم به وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، داعياً إلى دعمها وحمايتها من التشريعات الإسرائيلية التي تهدف إلى تقويض عملها، كما دعا إلى المشاركة الفاعلة في المؤتمر الدولي الذي سيُعقد في نيويورك خلال شهر يونيو المقبل، برئاسة مشتركة بين السعودية وفرنسا، بهدف تعزيز الحلول السياسية للقضية الفلسطينية.
وفي سياق التأكيد على موقف المملكة الثابت، أعاد وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، التأكيد على ضرورة تحقيق السلام من خلال حل الدولتين، وبيّن أن المملكة ترى السلام خياراً استراتيجياً، مستعرضاً مسيرة المملكة في دعم هذا الحل بدءاً من مبادرة الملك فهد للسلام في عام 1981، وصولاً إلى مبادرة السلام العربية.
وأوضح الأمير فيصل أن المجتمع الدولي عليه مسؤولية تحويل الأقوال إلى أفعال لدعم هذا الحل، مشدداً على ضرورة تفعيل دور المؤسسات الدولية لتحقيق خطوات ملموسة نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
كما كشف الأمير فيصل عن إطلاق المملكة، بالتعاون مع شركائها، «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين»، والذي يهدف إلى اتخاذ إجراءات عملية لدعم حقوق الفلسطينيين وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وخلال كلمته في افتتاح منتدى «حوار المنامة 2024»، شدد الأمير فيصل على أن المنطقة تقف عند مفترق طرق خطير بسبب النزاعات والصراعات، ما يجعل العمل المشترك لتحقيق السلام ضرورة قصوى.
وفي ختام كلمته، أكد الأمير فيصل أن استعادة الاستقرار تتطلب إرادة سياسية مشتركة، ودعا إلى العودة إلى نهج التعايش والحوار لتجاوز الأزمات الراهنة.